أبو مرزوق: لا “هدنة طويلة” ووعود مصرية بتسريع “الإعمار” و”المصالحة” مجمّدة

قال موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، إن فكرة إبرام تهدئة طويلة الأمد بين حركته والاحتلال الإسرائيلي لم تُطرح خلال حوارات وفد الحركة مع المسؤولين المصريين في القاهرة، الأسبوع الماضي.

وأضاف أن حركته “مُستمرة في معركة كسر الحصار عن قطاع غزة”، مشيراً إلى أن “الأوضاع المعيشية لسكان قطاع غزة يجب أن تُعالج، والحصار الظالم يجب أن يُكسر”.

جاء ذلك، في حوار خاص أجرته وكالة الأناضول مع “أبو مرزوق”، حول نتائج اجتماعات حركة حماس في القاهرة، ولقاءاتها مع قيادة المخابرات العامة المصرية.

ونفى أبو مرزوق حدوث “اختراق حقيقي” على صعيد عقد اتفاق للتهدئة، عازياً ذلك إلى “تعنّت الاحتلال وصلفه”، لكنه كشف عن وعود مصرية بـ “تسريع عملية إعادة إعمار غزة”.

وفيما يتعلق بعقد صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال، رفض أبو مرزوق تقديم تفاصيل حول مجريات المفاوضات التي تجري بوساطة مصرية، ملقيا باللائمة على تل أبيب، في تعثرها.

وقال إن سلطات الاحتلال بادرت بـ”خطوة” في ملف التبادل (لم يوضحها) لكنها “غير كافية ولا تعطي انطباعا بالجدية”.

واستضافت مصر، بداية الشهر الجاري، وفدا رفيعا من حركة حماس، ترأسه زعيم الحركة، إسماعيل هنية، لإجراء مباحثات مع قيادة المخابرات العامة حول مجمل القضايا الفلسطينية والمشتركة، بالإضافة إلى عقد اجتماع شامل لأعضاء المكتب السياسي الجديد للحركة.

ملفات البحث

وحول طبيعة الملفات التي ناقشها وفد قيادة حماس في القاهرة، أوضح أبو مرزوق أنه ناقش ملف الوحدة الوطنية الفلسطينية، وسبل الخروج من الأزمة الحالية، وشروط نجاح أفكار إنهاء الانقسام الداخلي.

ووصف أبو مرزوق لقاء حركته مع وزير المخابرات المصرية عباس كامل بـ “المثمر”، وقال إنه تطرق إلى قضايا ثنائية بين الحركة ومصر، والتعاون في “المسائل المشتركة”، وأوضاع قطاع غزة.

وأضاف: “جرى فتح نقاش موسّع وتبادل للآراء حول سبل الخروج من المأزق الفلسطيني، ونقاش المتغيرات السياسية في المنطقة وعلى المستوى الدولي، وانعكاسها على القضية الفلسطينية”.

وتابع أن الحركة شددت خلال المباحثات، على أن “مدينة القدس هي قلب الصراع (مع إسرائيل)، والمساس بها وبالمقدسات خط أحمر لا تهاون فيه، وسنقاوم ذلك بقوة مهما كلف ذلك من ثمن”.

وفي موضوع آخر، قال إن حركته ستعمل على تطوير العلاقة مع مصر بما “يخدم شعبنا وقضيتنا، ويخدم الأشقاء في مصر والشعب المصري”.

وعلى الصعيد الداخلي للحركة حماس، بيّن أبو مرزوق أن عدة اجتماعات عقدها المكتب السياسي لحماس في القاهرة، في استهلال عمله للدورة الحالية الممتدة لأربعة أعوام”.

وأوضح أن الاجتماع الدخلي لقيادة حماس، بحث جُملة من الملفات، شملت التطورات السياسية والميدانية في مدينة القدس، وحصار قطاع غزّة، والانقسام الفلسطيني، إلى جانب ملف الأسرى في سجون الاحتلال، وأوضاع الفلسطينيين في لبنان”.

وشكر أبو مرزوق مصر على استضافة اجتماعات قيادة حماس التي وصفها بـ “الإيجابية”، لافتاً إلى “صعوبة إجراء هكذا لقاءات نظراً لظروف الحركة وانتشارها داخل فلسطين وخارجها”.

تسريع الإعمار

وحول مباحثات تثبيت التهدئة في غزة، شدّد أبو مرزوق أن حركته “لن تقبل بمماطلات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يخطئ في مراهنته على عامل الوقت”.

وأضاف: “لا يوجد تهدئة بلا مقابل، ويجب أن يكون معلومًا أن مقاومة الاحتلال هدفها إزالته، ولن نتوقف إلا بعد إنجاز هذا الهدف”.

وكشف أبو مرزوق أن “قاطرة إعادة إعمار غزة ستنطلق بسرعة أكبر، وقد تلقينا وعودًا مصرية بتذليل العقبات أمام جهود الإعمار ككل، وتسريعها”.

وتابع: “اتفقنا (مع مصر) على مسائل عدة مُتعلقة بعملية إعادة الاعمار، منها إنشاء ثلاث مدن سكنية جديدة في غزة”.

وأشار إلى وجود مخططات لتطوير شوارع ومفترقات رئيسية في القطاع، ومشاريع أخرى سيتم إدخال المواد اللازمة لها عبر معبر رفح (جنوب).

كما أوضح أن من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة “البدء بمشاريع دولة قطر الشقيقة، بقيمة 50 مليون دولار”.

وأوضح أن تلك المشاريع ستتولى إعادة إعمار المباني (من غير الأبراج) بمجموع ألف وحدة سكنية، إلى جانب مبانٍ مُتضررة بشكل بالغ.

ولفت إلى أن مشاريع إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة بفعل الحرب ستتم بدءاً من العام القادم.

ولمدة 11 يوما، شن الاحتلال عدوانا على قطاع غزة، انتهى بوقف لإطلاق النار في 21 مايو/ أيار الماضي.

وتسبب العدوان بتدمير 1335 منشأة سكنية بشكل كامل أو بليغ، فيما لحق الضرر المتوسط والجزئي بحوالي 12 ألفا و886 منزلا، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

تبادل الأسرى

وقال أبو مرزوق إن مصر تلعب “دوراً إيجابياً ونشطًا” في سبيل إنجاز صفقة تبادل للأسرى مع إسرائيل، معتبراً أن هذا الدور “موضع ثقة لدى حركته”.

وكشف أن سلطات الاحتلال بادرت بـ”خطوة” مع مصر في هذا الملف.

ورفض المسؤول في “حماس” الكشف عن تفاصيل “الخطوة” التي تحدث عنها، واكتفى بالقول إنها غير كافية، ولا تعطي انطباعًا بجدية الاحتلال.

وأرجع دوافع تلك الخطوة الإسرائيلية إلى “الضغوط الشعبية الداخلية على حكومة الاحتلال”.

وامتنع أبو مرزوق عن تقديم مزيد من التفصيل حول مجريات مفاوضات التبادل، مُكتفياً بالقول إن “الإعلام ليس المكان المناسب” لنقاش الأفكار المقدمة في هذا الملف سواء من مصر أو غيرها من الوسطاء.

وقال إن حركته حريصة على “إتمام صفقة تبادل مشرّفة وفق شروطها”.

وتحتفظ “حماس” بأربعة إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة صيف 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي)، والآخران دخلا القطاع في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.

وأضاف أبو مرزوق: “الصفقة التي نريدها إنسانية في المقام الأول، ووطنية لا حزبية، وللمناضلين فيها المكان المناسب”.

وتابع: “قدّمنا خارطة طريق تبدأ بمعالجة إنسانية لهذا الملف، لكن الاحتلال يعالج المسألة عن طريق التسريبات الإعلامية، إلا أن ذلك لن يفيد بشيء”.

واعتبر أن ملف التبادل “سيكون مُنجزًا خلال أسابيع معدودة إذا توفرت الإرادة لدى إسرائيل واستجابت لمطالب الحركة”.

واتهم الاحتلال بوضع العوائق أمام إتمام الصفقة، مشدداً أن حركته لن تلين أمام ذلك، ولن تقبل بربط قضية التبادل برفع الحصار عن غزة أو إعادة الإعمار.

وعلّق قائلاً: “تلك المسائل غير قابلة للنقاش لدينا (…) الأسرى يقابلهم أسرى”.

وقال إن حركته تسعى إلى أن تشمل “الصفقة المنشودة على النساء والأطفال والمرضى وكبار السن من الأسرى، إلى جانب من أمضوا ثلاثين سنة في السجن.

وأشار إلى أن عدد من قادة الفصائل الفلسطينية في السجن سيكونون على رأس قائمة التبادل، ومنهم مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وفؤاد الشوبكي، وحسن سلامة، وعباس السيد، وإبراهيم حامد، وعبد الناصر عيسى، وجمال أبو الهيجا، إلى جانب الأسرى الستة الذين فروا من سجن جلبوع في سبتمبر/أيلول الماضي.

وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 4850 فلسطينيا في 23 سجنا ومركز توقيف، بينهم 41 أسيرة، و225 طفلا، و540 معتقلا إداريا (دون تهمة)، وفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.

المصالحة مُجمّدة

وحول جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلية، نفى أبو مرزوق وجود حراك في هذا الملف.

وقال إن حركته لا تضع شروطا للخروج من المأزق الوطني، و “كل ما نريده هو أن نُلبي تطلعات وطموحات شعبنا، وأن تمتلك حركة فتح (بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس) الإرادة لطي هذه الصفحة المؤلمة”.

وأضاف أن رؤية حماس لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني تشمل بنوداً ثلاثة، أوّلها “السعي لإعادة تشكيل قيادة الشعب الفلسطيني وفق الأسس الديمقراطية والوطنية، وإعادة بناء منظمة التحرير بحيث تضم جميع مكونات شعبنا، وصولًا لتشكيل قيادة واحدة مركزية”.

أما البند الثاني في رؤية حماس، فيتمثل في “التوافق على استراتيجية وطنية وصياغة برنامج سياسي فلسطيني متوافق عليه”، في حين يتضمن البند الثالث “الاتفاق على رؤية للمقاومة الشاملة وإدارتها لمواجهة المشروع الصهيوني بكل الوسائل”.

وقال أبو مرزوق إن حركته بذلت الكثير من الجهد لتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، من خلال جولات الحوار مع حركة فتح طوال السنوات السابقة، مؤكداً “أنها فشلت كلها، والجميع يعلم من أفشلها”.

ورأى أنه حتى يُكتب للحوارات النجاح، “يجب أن تكون البداية صحيحة وعملية وغير خاضعة للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية”.

واعتبر أبو مرزوق أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يضع شروطا “مؤسفة” أمام المصالحة والتقارب مع حماس، من خلال الاستناد إلى “الشرعية الدولية باعتبارها الأساس لبناء العلاقات الداخلية”.

وقال إن الرئيس عباس “يعرقل الخروج من المأزق الوطني عبر التركيز على نقاط الخلاف القليلة، في حين أنه يسعى بجد للوصول إلى تفاهم مع رموز التطرف لدى العدو، الذين لن يعترفوا بالدولة الفلسطينية بأي حال من الأحوال، وهو أشبه بالبحث عن السراب”.

وكان منيب المصري، رئيس هيئة النوايا الحسنة (غير حكومية وتبذل جهودا لإنهاء الانقسام) قد أكد في أغسطس/آب الماضي، صحة وثيقة تم تداولها عبر شبكة الإنترنت، موجهة من الرئيس محمود عباس، إليه، جاء فيها: “المطلوب من حركة حماس حتى تكون شريكة، أن تعترف بشكل رسمي وبتوقيع (رئيس المكتب السياسي إسماعيل) هنية بقرارات الشرعية الدولية، ومن دون ذلك فلا حوار معهم”.

وترفض حركة حماس، الاعتراف بشرعية وجود دولة الاحتلال، وتقول إنها تسعى إلى تحرير كامل أراضي فلسطين التاريخية.

Exit mobile version