أمام الأمم المتحدة.. العاهل الأردني: “حجم الفظائع غير المسبوقة التي تم إطلاقها على غزة منذ 7 أكتوبر لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال”

حذر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، من أن الأمم المتحدة تواجه أزمة “تضرب في صميم شرعيتها وتهدد بانهيار الثقة العالمية والسلطة الأخلاقية”، في إشارة إلى التحديات المتزايدة التي تهدد الأمن والسلام الدوليين.

جاء ذلك خلال كلمته في المناقشة العامة للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وأضاف الملك عبد الله: “الأمم المتحدة تتعرض للهجوم فعليًا ومعنويًا. منذ ما يقارب العام، يُرفع علم الأمم المتحدة الأزرق فوق الملاجئ والمدارس في غزة، لكنه عاجز عن حماية المدنيين الأبرياء من القصف العسكري الإسرائيلي.”

وتابع: “شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة متوقفة على بعد أميال قليلة من فلسطينيين يتضورون جوعًا، في حين يتم استهداف ومهاجمة عمال الإغاثة الإنسانية الذين يحملون شعار هذه المؤسسة بكل فخر، وتُتجاهل قرارات محكمة العدل الدولية وآراؤها.”

ما هو العالم الذي نختاره لأنفسنا؟

وخاطب الملك زعماء العالم قائلاً: “اسألوا أنفسكم: إذا لم نكن أمماً متحدة بالقناعة والإيمان بأن جميع البشر متساوون في الحقوق والكرامة والقيمة، وأن جميع الدول متساوية أمام القانون، فما هو العالم الذي نختاره لأنفسنا؟”

وأشار الملك إلى أن دول العالم، بما فيها الأردن، أدانت هجمات 7 أكتوبر على المدنيين الإسرائيليين، “لكن حجم الفظائع غير المسبوقة التي تم إطلاقها على غزة منذ ذلك اليوم لا يمكن تبريره بأي حال.”

ووصف الوضع بأنه خطير، حيث تتزايد الفظائع الممارسة ضد الفلسطينيين، مشيرًا إلى الإحصائيات المروعة عن الضحايا في غزة والضفة الغربية. وقال: “في ظل غياب المساءلة الدولية، تصبح هذه الفظائع أمرًا معتادًا، مما يهدد بمستقبل يسمح فيه بارتكاب الجرائم في أي مكان في العالم. هل هذا ما نريده؟”

وأكد الملك أهمية حماية الشعب الفلسطيني، وضرورة إنشاء آلية دولية تضمن حماية “الفلسطينيين والإسرائيليين من المتطرفين الذين يدفعون بمنطقتنا إلى حافة حرب شاملة”. كما حذر من أن أي شكل من أشكال التهجير القسري هو جريمة حرب.

التصعيد ليس في مصلحة أحد

وأشار إلى أن التصعيد “ليس في مصلحة أي دولة في المنطقة”، مضيفًا أن هذا واضح في التطورات الخطيرة الأخيرة في لبنان. وقال: “يجب أن يتوقف هذا التصعيد”.

وأوضح أن العالم العربي قد مد يده لإسرائيل عبر مبادرة السلام العربية، مستعدًا للاعتراف الكامل بها وتطبيع العلاقات مقابل السلام. لكنه أضاف أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة “اختارت المواجهة ورفضت السلام بسبب الحصانة التي اكتسبتها في غياب أي رادع.”

وانتقد المجتمع الدولي لعدم اتخاذه إجراءات فعالة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مطالبًا بالالتزام بالقانون الدولي استنادًا إلى آراء محكمة العدل الدولية. ودعا إلى جهود موحدة لتحقيق السلام العادل القائم على العدالة وحقوق الإنسان.

بوابة دولية للمساعدات الإنسانية

وأكد الملك ضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية في غزة وعودة الرهائن والأسرى إلى ديارهم، مشددًا على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية بشكل فوري.

وفي هذا السياق، دعا الدول لدعم الأردن في إقامة بوابة دولية للمساعدات الإنسانية إلى غزة، كجزء من جهد إغاثي ضخم لتوفير الغذاء والمياه النظيفة والدواء والإمدادات الحيوية الأخرى لمن هم في أمس الحاجة إليها. وقال: “يجب ألا تكون المساعدات الإنسانية أداة حرب أبدًا.”

وحث الملك “الدول ذات الضمير” على الاتحاد مع الأردن في هذا المسعى خلال الأسابيع الحرجة المقبلة. وأضاف: “بعد مرور عام تقريبًا على هذه الحرب، أثبت عالمنا فشله سياسيًا، لكن هذا لا يعني أن نخفق إنسانيًا تجاه أهل غزة.”

رفض مستقبل يحكمه الاستسلام

وفي ختام كلمته، استذكر الملك عبد الله كلمات والده، التي ألقاها قبل 64 عامًا خلال الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة، قائلاً: “أدعو الله أن يتحلى هذا المجتمع الدولي بالشجاعة لاتخاذ قرارات حكيمة وجريئة، وأن يتخذ الإجراءات العاجلة بالصرامة التي تتطلبها هذه الأزمة، ووفق ما تمليه علينا ضمائرنا.”

واختتم حديثه قائلاً: “كان والدي رجلاً قاتل من أجل السلام حتى آخر رمق، ومثله تمامًا، أرفض أن أترك لأبنائي أو لأبنائكم مستقبلًا يحكمه الاستسلام.”

Exit mobile version