ليست مجرد سوقا تاريخيا، إنه مركز تجاري حيوي ينبض بالحياة والتجارة والسياحة، يجمع عبق التاريخ، وحاضر الأيام، ومستقبل التجارة في حركة منتعشة متواصلة منذ مئات السنين.
أكثر من 500 عام على تشييد سوق بيازيد المسقوف بإسطنبول، فهو أحد أقدم مراكز التجارة والتسوق في العالم، ويضم أكثر من 4 آلاف متجر، أهّلته ليصبح قبلة السائحين.
السوق محطة مهمة لكل قافلة سياحية، أو زائر إلى إسطنبول، وفيه ما يختصر تركيا بكافة ولاياتها ومنتجاتها ومميزاتها، وعنده تتلاقى أصناف وأنواع المنتجات.
ومع عودة الحياة لطبيعتها في بداية الصيف، ورفع قيود إجراءات مكافحة كورونا وعودة النشاط للسياحة وبدء العام الدراسي، نشطت الأسواق بشكل كبير ووصلت الحركة فيها إلى ذروتها.
وتتكثف حركة السياحة من جهة وشراء الهدايا والحاجيات والحلويات، ومن جهة ثانية يجد سكان إسطنبول فيها حاجاتهم مع بدء دخول الخريف وبرودة الطقس وملابس الشتاء، فضلا عن ملابس ومستلزمات المدارس.
عبق التاريخ
يتميز السوق بأزقته المسقوفة التي تقي حر الصيف ومطر الشتاء، ففيه 65 زقاقا و22 بابا و14 خانا، على مساحة تتجاوز 110 آلاف متر مربع.
وترتصف الدكاكين متجاورة لبيع المنتجات التقليدية التركية، من الملابس المتنوعة والنحاسيات والصحون والفضيات المتنوعة، وهو مركز مهم لتجارة الذهب، ويمتزج التسوق بعبق التاريخ.
كما تتميز الأسواق بتقديمها الخدمات المتناسبة مع كافة الأسعار والمقتضيات الضرورية، فمن الصعوبة أن يدخلها زائر أو سائح، ويخرج منها بخفي حنين، حيث يجد ما يحب ويرغب، ففيها المقاهي والورش ومختلف أنواع الخدمات.
وخلال الفترة الحالية يتجول المتسوقون في السوق وهم يراعون إجراءات مكافحة وباء كورونا، من خلال ارتداء الكمامات، والحفاظ على المسافة الاجتماعية مع التعقيم المتواصل.
قصة التأسيس
يعود تأسيس السوق إلى السلطان محمد الفاتح، الذي فتح مدينة إسطنبول عام 1453، بعد أن عمل على إنشاء المدينة من جديد بعد فتحها.
تم البدء بإنشاء السوق عام 1461، ليتحول إلى مركز تسوق عالمي من تاريخه، ويبلغ مكانة مهمة في عهد السلطان سليمان القانوني.
ومنح موقع إسطنبول عند تلاقي القارتين الآسيوية والأوروبية السوق أهمية كبيرة، ما دفع البعض لتسميته بأنه أقدم مجمع تجاري في العالم يعود لـ 500 عام، ومن زار السوق مرة يحب زيارته كلما سنحت له الفرصة.
وجرت عمليات ترميم مختلفة شملت السوق خلال القرون السابقة، والترميم الأخير كان منذ سنوات قليلة، وشملت سقف السوق، حيث تم تقويته وترميمه، بشكل يتناسب مع الظروف المناخية الحالية.
مقصد السياح
يقع سوق بيازيد المسقوف بقلب إسطنبول التاريخي، على مقربة من منطقة “السلطان أحمد” الشهيرة، وتلتقي نهايات السوق مع نهايات السوق المصرية، وهي من أقدم الأحياء في إسطنبول، وحاليا يتم الوصول إليها عبر الحافلات والسيارات، وخطوط الترام.
وتعتبر المنطقة محطة تجارية هامة، لانتشار المتاجر والمصارف وكبريات الشركات السياحية، فضلًا عن المطاعم والأسواق، وتتميز المنطقة بجامع بيازيد الشهير، وبقربها أيضا من جامعة إسطنبول العريقة التي تأسست مع فتح إسطنبول.
وتنظم في ميدان بيازيد بجانب السوق فعاليات ثقافية واجتماعية عديدة من الحفلات الفنية، ومعارض الكتب، كما أنها تستضيف نشاطات عديدة، وهي نقطة تجمع لأهالي إسطنبول المحبين للعودة لتاريخ إسطنبول القديم.
السوق الشهير كان أحد محطات تصوير فيلم “Skyfall” وهو من سلسلة أفلام “جيمس بوند” الشهيرة، وعرض في العام 2012، حيث تم تصوير مشاهد مطاردة على سقف السوق لجيمس بوند، وفي منطقة أمينونو، واستقطب اهتمام الزائرين وقتها، لتجري بعدها عمليات ترميم واسعة للسوق.
تميز في المنتجات
ويمكن لأي زائر وسائح أن يرى في السوق الأواني التراثية، والفضيات والمصاغ الذهبي، فضلا عن المنسوجات واللباس التقليدي القديم، ومختلف الألبسة الحديثة والجلديات، وتوجد فيه أماكن مخصصة لملابس الجلد من المعاطف.
واللباس الجلدي التركي المتميز يلقى قبولا ورواجا كبيرا في عدد من دول العالم، وخاصة من قبل سكان منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، حيث تجذب الملابس الجلدية أبناء هذه المنطقة من الزائرين.
كما يعتبر السوق مركزا هاما لتجارة الذهب، حيث أن محلات الذهب والصيرفة وحركة الأموال تجد في هذه المنطقة مكانا مناسبا ومنافسا للتجارة التي تستقطب الزائرين والسائحين.
وتعتبر هذه المنطقة شهيرة بالنسبة للسياح العرب الذين يجدون فيها متعة السياحة، ومقصدا لإدارة الأعمال والمشاريع، ومركزا للتجارة وشراء البضائع، ومكانا للتسوق بمختلف الحاجيات.