إيران وإسرائيل من الرسائل المحسوبة إلى الصدام المفتوح

صدام سحويل
تشهد المنطقة تصعيدًا خطيرًا بين إيران وإسرائيل، تحوّل من مواجهة موضعية إلى صراع مفتوح ذي أبعاد استراتيجية. الضربة الإسرائيلية داخل العمق الإيراني شكّلت نقطة تحوّل، قابلتها طهران بقرار الرد الشامل مدعومة بتحالفات متقدمة مع موسكو وبكين. في المقابل، تقدّم الولايات المتحدة دعمًا سياسيا ولوجستيا لإسرائيل، ما ينذر بانخراطها المباشر لاحقًا. المشهد يزداد تعقيدًا، وتتجه المنطقة نحو صراع استنزاف طويل يعيد رسم موازين القوة الإقليمية والدولية.
تشير التطورات المتسارعة في المواجهة بين إيران وإسرائيل إلى دخول المنطقة في مرحلة جديدة من التصعيد العسكري، تتجاوز حدود الرسائل المحسوبة نحو صراع مفتوح. بدأ هذا التحول مع الضربة الإسرائيلية العلنية داخل العمق الإيراني، والتي شكلت اختراقًا غير مسبوق للسيادة وأحدثت صدمة سياسية وأمنية داخل طهران، مما دفع المؤسسة العسكرية الإيرانية إلى تبنّي خيار الرد المباشر لردع تكرار هذا النمط من الهجمات.
الرد الإيراني لم يكن مجرد ردّ فعل موضعي، بل جاء ضمن سياق استراتيجي أوسع يُفهم منه أن طهران اختارت كسر قواعد الاشتباك التقليدية والانتقال إلى معادلة جديدة تقوم على المواجهة الشاملة عند الضرورة. وتؤكد التصريحات الإيرانية أن الضربات التي نُفذت حتى الآن ليست سوى بداية، وأن أي انخراط أمريكي معلن أو غير معلن سيقابل برد قاسٍ على القواعد والمصالح الأمريكية في المنطقة، ما يرفع من احتمالية توسّع الصراع إلى جبهات متعددة.
هذا التوجّه الإيراني يأتي مدعومًا من حلفاء دوليين باتوا أكثر وضوحًا في مواقفهم. فقد صدّق مجلس الشورى الإيراني مؤخرًا على اتفاقية استراتيجية شاملة مع روسيا، توفّر غطاءً سياسيًا وأمنيًا في مواجهة التصعيد الغربي. أما الصين، فتشير تقارير موثوقة إلى إرسالها طائرات عسكرية إلى قواعد إيرانية، في مؤشر على تقدّم مستوى التنسيق العسكري بين الجانبين، بما يعكس اصطفافًا دوليًا يُعقّد فرص احتواء التصعيد.
في المقابل، لا تبدو الولايات المتحدة بعيدة عن هذا التصعيد، إذ توفر، وفقًا لمؤشرات سياسية وعملياتية، غطاءً لوجستيًا ومعلوماتيًا للهجمات الإسرائيلية، حتى وإن لم تُعلن ذلك رسميًا. ومع تصاعد حدة الاشتباك، يُرجّح أن تنخرط واشنطن في المعركة بصورة أكثر مباشرة، ما سيقود إلى استهداف إيراني مباشر للمصالح الأمريكية، خصوصًا القواعد العسكرية المنتشرة في الخليج والعراق وسوريا.
إننا أمام مشهد استراتيجي يتجاوز الردود التكتيكية ليتشكل كصراع استنزاف مفتوح، لا يُتوقع احتواؤه قريبًا. ومع دخول قوى كبرى على خط المواجهة، وتحوّل ساحات متعددة إلى مسارح محتملة للعمليات، يبدو أن الشرق الأوسط بات على أعتاب مرحلة إعادة تشكيل موازين القوة، في ظل استقطاب دولي حادّ وتداخل حسابات الأمن القومي بالمصالح الاقتصادية والجيوسياسية.
المواجهة الحالية بين إيران وإسرائيل تجاوزت حدود الضربات الموضعية نحو نمط صراع مفتوح، مدفوع باعتبارات الردع والحفاظ على الهيبة والرد على الاختراقات الاستراتيجية.
دخول الصين وروسيا بدعم مباشر وغير مباشر يعزز فرضية أن طهران ليست وحدها في الميدان، في حين تواصل الولايات المتحدة دعمها العملياتي لإسرائيل، وتتهيأ لمزيد من الانخراط.
كل المؤشرات تفيد أن المنطقة تتجه نحو مواجهة طويلة الأمد قد تعيد تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية، ما يعني أن فرص التهدئة محدودة في المدى المنظور، وأن ساحات جديدة قد تُفتح في حال توسّع التصعيد.