أرجع الشيخ كمال الخطيب، رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني، سبب الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى إلى أنها سباق بين الأحزاب قبيل الانتخابات لإظهار تصلبها تجاه المسجد.
جاء ذلك في حوار أجرته الأناضول مع “الخطيب”، على هامش مشاركته في معرض الكتاب العربي بإسطنبول.
والخطيب، رئيس لجنة الحريات، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، في الداخل الفلسطيني.
وقال الخطيب، “لا شك أن الاقتحام حالة يومية باتت للمسجد الأقصى المبارك، لكن هناك موسمان مميزان؛ الأول عيد الفصح كل سنة في أبريل/نيسان، وعيد رأس السنة العبرية وعيد الغفران وعيد المظلة في سبتمبر/أيلول، وأكتوبر/تشرين الأول”.
وأضاف “في هذه الأعياد يصاب المستوطنون بحالة من الهوس الديني والحماسة التي يجعلون مظهرها وعلامتها اقتحام غير مسبوق للمسجد الأقصى”.
وتابع “لكن ما ميز اقتحامات هذا الموسم أنه يأتي على أعتاب انتخابات الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، الذي سيكون بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل”.
ولفت الخطيب، إلى أن “الأحزاب اليهودية، التي هي الحامية والحاضنة للجماعات الاستيطانية، تتنافس على مَن يكون أكثر عدوانية في الاعتداء على الأقصى، وفي من سيكون المبادر لتحشيد أكبر عدد من المستوطنين في المسجد الأقصى”.
وبيّن أنه “حتى رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد، الذي يُعرّف نفسه بأنه علماني، عينُه الآن على الانتخابات، ويريد أن يُظهر أنه أكثر تطرفا من بنيامين نتنياهو، للتنافس حول من سيكون رئيس الوزراء القادم”.
وقال الخطيب، “ما نشهده في هذه الأيام من حالة تلازم ما بين موسم أعياد وموسم الانتخابات القادم، الذي فيه الكل يريد أن يُظهر أنه أكثر تصلبا ضد المسجد الأقصى”.
خلفيات الاقتحام
الخطيب، واصل حديثه عن خلفيات الاقتحام بقوله “إن ما يجري في الأقصى، وهذا الاستقواء يعود لأسباب منها موجة التطبيع، التي تقودها بعض الدول العربية”.
وأشار إلى أن التطبيع “يجعل إسرائيل تشعر بالأمان، مادامت هنالك دول عربية تتنافس وتتسابق من أجل إقامة علاقات معها”.
وأردف “إذا من الذي سيُحرج إسرائيل في ما لو انتهكت حرمة الأقصى، لا ننسى أن اتفاقية (ابراهام) التي وقعت بين الإمارات وإسرائيل، وبعدها انضمت البحرين والمغرب والسودان لها، أحد بنودها أنه يحق لكل من هو من سلالة إبراهيم عليه السلام أن يصلي في جبل الهيكل”.
واعتبر الخطيب، أن “هنالك اعتراف من الدول العربية المطبعة بوجود حق لليهود في الأقصى، فمن هنا تأتي هذه الموجة والحدة في التصعيد، الأمر الذي يجعلنا نتساءل من سيكون للأقصى بما أن الأنظمة إما مطبعة أو ميتة”.
واستدرك “فليس بعد الله إلا الشعوب الخيرة الحية التي لا تفرط ولا تساوم ولن تتنازل عن حق المسلمين الكامل في المسجد الأقصى المبارك”.
واسترسل “لكن مقدمة هذه الشعوب هو الشعب الفلسطيني، الذي يعتبر أن دوره في الأقصى دور من ينوب محل الأمة كلها”.
ولفت الخطيب، إلى أن الشعب الفلسطيني “يتنادى كل يوم من أجل شد الرحال وتكثيف التواجد والرباط في ساحات الأقصى، رغم معرفة أهلنا صغارا وكبار أن من يذهب للأقصى يمكن أن يعتدى عليه، أو يعتقل أو يستشهد، ومع ذلك لم نجد أي تردد في شعبنا”.
دعم المرابطين
وحول الدعم الذي يحتاجه المرابطون في الأقصى، قال الخطيب، “إذا ما قورن الدعم المادي بالدعم المعنوي بل والفعلي المباشر فإنه سيصبح عديم القيمة، أقصد الدعم المادي، لأن الشعب الفلسطيني يعتبر أن كل ما يملكه مسخر لخدمة المسجد الأقصى المبارك”.
واستدرك “ويتم الاعتداء على القدس والأقصى في الوقت الذي فيه أنظمة عربية تستقبل مسؤولين إسرائيليين، لذلك الشعب الفلسطيني يطالب بوقفة معنوية”.
وشرح ذلك “بمعنى وجود حراك شعبي في إسطنبول أو القاهرة أو عمان أو أي موقع آخر، يوصل رسالة أن الأقصى ليس للإسرائيليين ولا حتى للعرب، إنما هو لـ2 مليار من المسلمين، كلهم مطالبون بالعمل من أجل أن يخلص الأقصى من الاحتلال الذي يجلس على قلبه”.
القوى العربية بالداخل
وحول الانتخابات الإسرائيلية وموقف القوى السياسية العربية والشعبية منها، قال الخطيب، “نعتز بموقفنا المقاطع لانتخابات الكنيست الصهيوني، نحن لا نشارك فيه”.
ولفت إلى وجود “ثلاثة قوائم عربية أخرى تشارك (في انتخابات الكنيست)، هي: قائمة الحزب الشيوعي، وقائمة تجمع الحزب الوطني، وقائمة لها خلفية إسلامية يقودها منصور عباس (القائمة العربية الموحدة)”.
وأضاف “هؤلاء كانوا في المرة الماضية شركاء في الائتلاف الحكومي، وهم بأصواتهم أوصلوا رئيس الوزراء نفتالي بينيت، وبعده لابيد، حيث لم يسجل اعتداءات أكثر على المسجد الأقصى في هذه الفترة، التي كان فيها رئيس الوزراء موجود بدعم من قائمة عربية، بل بعباءة إسلامية”.
وأشار الخطيب، “لذلك شعبنا في الداخل الآن عنده إحباط كبير من تجربة الانتخابات، لأن الكنيست وتجربته خلال 74 سنة لم تأت بنتائج، لم تغير من الواقع، ووجود الخلافات (بين القوائم العربية)، وخيبة أمل بعد تجربة دعم ائتلاف حكومي وتقديم ثمن باهض”.
وتابع “أحدث استطلاع للرأي يقول إن 61 بالمئة من الفلسطينيين سيقاطعون الانتخابات، هذا رقم قياسي غير مسبوق في الداخل الفلسطيني”.
الموقف التركي
وفيما يتعلق بمواقف تركيا تجاه القضية الفلسطينية قال الخطيب، “لتركيا دائما دور رائد ومبارك فيما قدمته حقيقة للقضية الفلسطينية، نعرف هذا عن قرب عبر علاقاتنا الرسمية وعبر مؤسسات وجمعيات فاعلة في الداخل الفلسطيني”.
وأكمل “ما جعل شعبنا يطمئن إلى أن له سند وظهر في الدور التركي، وعلمتنا التجربة أن المؤسسة الإسرائيلية مؤسسة يغلب عليها الوقاحة إلى درجة أنه يمكن أن تصل إلى حالة الصلف الواضح لأي توجه تركي يمكن أن يكون مساهما في رفع الظلم عن المسجد الأقصى والقدس وعموم القضية الفلسطينية”.
واعتبر أنه “حتى وإن حصل هذا التقارب بين تركيا والمؤسسة الإسرائيلية، يبدو أنه قد يسهل فشله وتراجعه بسبب المواقف المعهودة للحكومة الإسرائيلية، التي لا تراعي ذمة”.
وأشار إلى أنه “كان هذا واضحا عام 2010، في الاعتداء على سفينة مرمرة الزرقاء، وقتل الشهداء الأتراك، رغم وجود علاقات دبلوماسية كاملة يومها بين تل أبيب وأنقرة”.
الخطيب، كشف أن زيارته إلى تركيا كانت لتقديم واجب العزاء في وفاة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، وتصادف مع معرص الكتاب العربي في إسطنبول.
ولفت إلى أنه “تعاقد مع دار الأصالة، لنشر الطبعة الثانية من كتابه (نبش الذاكرة)”.
وزاد “لأول مرة أشارك في حفل توقيع كتابين رغم صدور 29 إصدار (كتاب) حتى الآن، وهذا أفرج صدري وشعرت بسعادة غامرة، ليس لذات كتابي، وإنما لطبيعة الحضور الكبير الذي كان”.
واعتبر الخطيب، أن الكتاب والثقافة والقراءة قضية مهمة في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، لأن المرحلة الأخيرة شهدت انحسار الكتاب لصالح وسائل التواصل.
وشكر “دار الأصالة، والقائمين على معرص الكتاب، والحكومة التركية، ووزارة الثقافة، التي لها دور في خروج مثل هذا العرس الثقافي إلى النور”.