تتنقل هنادي عويضة، البالغة من العمر 28 عامًا، من مكان لآخر في أسواق مدينة غزة بحثًا عن بعض الملابس الشتوية لطفليها الصغيرين. تلاحق بأعينها الملابس الجديدة والجميلة، وتسأل البائعين عن الأسعار، ليردوا عليها بأثمان لم تكن قد سمعت بها مسبقًا، كأثمان ملابس لطفلين لم يتجاوزا الخمس سنوات.
وقالت هنادي: “إن أسعار الملابس ارتفعت بشكل كبير خلال فترة الحرب، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة، خاصة ملابس الأطفال، هذا إن وجدت من الأساس”. ولفتت إلى أنها حاولت شراء بعض الملابس لطفليها، اللذين يتراوح عمراهما بين ثلاث وخمس سنوات، إلا أن ما وجدته كان مرتفع الثمن. وأشارت إلى أنها فقدت معظم ملابسها وملابس طفليها بعدما اضطروا إلى ترك منزلهم في منطقة الكرامة شمال القطاع، منذ بداية الحرب على غزة.
تعاني عويضة مثل الآلاف من العائلات التي بقيت في شمال غزة من نقص وفقدان لكثير من مستلزماتهم واحتياجاتهم الأساسية، بسبب سياسة التهجير والتطهير العرقي التي مارسها الاحتلال بحقهم على مدار عام كامل من الحرب والعدوان.
من جهته، أوضح زكريا عوض، وهو أب لأربعة أطفال وينتظر هو وزوجته طفلًا جديدًا، أن توفير الملابس للصغار والكبار أصبح أمرًا صعبًا للغاية، خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وتوقفه عن العمل في إحدى المؤسسات الخاصة. وقال”: “أعيش أنا وعائلتي في إحدى المدارس منذ ثلاثة أشهر، فقد تهدم بيتي بعد اجتياح قوات الاحتلال لحي الزيتون، وفقدت معه كل ما أملك”. مشيرًا إلى أن عدم توفر أي عمل له جعل وضعه الاقتصادي يتراجع بشكل كبير، وأصبح توفير الملابس ليس أولوية له مثل الطعام والدواء. واستدرك سليم: “لكن أهل الخير ساعدوني في توفير بعض الملابس لي ولعائلتي، ولكن هذا لم يسد احتياجي من الملابس، خاصة للطفل القادم بعد عدة أشهر، وعاد موضوع الملابس ليصبح رئيسيًا عندي وأمرًا ضروريًا لا بد منه”.
البائع محمد حسين، الذي يمتلك بسطة للملابس في شارع الثلاثيني في مدينة غزة، أوضح أن معظم أسعار الملابس ارتفعت بشكل كبير خلال الحرب، وذلك بسبب منع الاحتلال إدخال الملابس وتدمير وحرق جزء كبير من المخازن والمحلات والأسواق في مدينة غزة. وبيّن” أن ما تبقى من ملابس، وقلة العرض مقارنة بالطلب، هو ما تسبب في رفع الأسعار، بالإضافة إلى جشع بعض التجار. وأشار إلى أنه مضطر للتعامل مع هذه الأسعار وبيعها للمواطنين.
وذكر حسان أن الأسواق تشهد حالة من العزوف عن شراء الملابس، إلا من هو مضطر، وذلك بسبب نقص السيولة المالية في أيدي المواطنين، وتردي الوضع الاقتصادي الذي جعل جميع سكان القطاع غير قادرين على شراء أي شيء.
ويُذكر أن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أعلن في تقرير سابق أن نسبة الفقر في القطاع ارتفعت خلال العدوان “الإسرائيلي” إلى 100%، ونسبة البطالة إلى 80%، في ظل تضرر القطاعات الزراعية والاقتصادية، والتي تشكل محركًا رئيسيًا للاقتصاد المحلي للقطاع.