مرت 55 عامًا على ذكرى إحراق المسجد الأقصى على يد اليهودي المتطرف الأسترالي مايكل دينيس، ولا تزال النيران التي أشعلها قائمة، في ظل استمرار تغول سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المسجد وبدءها في تنفيذ مخططاتها التهويدية الخطيرة التي تهدف إلى هدمه وإقامة الهيكل المزعوم.
في مثل هذا اليوم، 21 أغسطس/ آب عام 1969، اقتحم المتطرف دينيس المسجد الأقصى وأشعل النيران عمدًا في جناحه الشرقي، مما أدى إلى تدمير واجهات المسجد وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة، بما في ذلك منبر صلاح الدين. هذا الاعتداء ألحق أضرارًا كبيرة بالبناء، مما تطلب سنوات عديدة لإعادة ترميمه وزخرفته.
على مدار السنوات الماضية، وخصوصًا مع بداية الألفية الثانية، شهد المسجد الأقصى اعتداءات متواصلة، بما في ذلك تصاعد الاقتحامات الإسرائيلية بدءًا من عام 2003، وملاحقة المصلين وحراس الأقصى وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية، حيث تم اعتقالهم وإبعادهم عن المسجد. كما تعالت الدعوات العلنية لبناء الهيكل على أنقاض المسجد وتغيير الوضع التاريخي الذي ساد منذ الفترة العثمانية حتى الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967.
تواجه المسجد الأقصى حاليًا ثلاثة مشاريع استيطانية رئيسية تهدف إلى تهويده بشكل كامل. المشروع الأول هو التقسيم الزماني، حيث تقوم سلطات الاحتلال بفرضه عبر اقتحامات المستوطنين المتطرفين التي تنفذ على مدى 5 أيام أسبوعيًا. المشروع الثاني يتعلق بالتقسيم المكاني، وهو المرحلة التالية للتقسيم الزماني، بينما يتضمن المشروع الثالث التأسيس لمرحلة بناء المعبد على أنقاض المسجد.
استغلت “جماعات المعبد” الظروف الدولية، خاصة في عهد ترامب، والهرولة العربية نحو التطبيع، لمحاولة فرض تغيير جذري في المسجد الأقصى. ومع ذلك، ظل الرفض الشعبي الفلسطيني والمقدسي عقبة رئيسية أمام هذه الخطط، مما دفع هذه الجماعات إلى تبني أجندة جديدة تتمثل في أداء الصلوات والطقوس التلمودية لأسس المعبد المزعوم.
في الذكرى الخامسة والخمسين للإحراق، تأتي الوقائع أكثر خطورة مع وجود شخصيات مثل إيتمار بن غفير وبتسئيل سموتريتش في مناصب حكومية. فقد اقتحم بن غفير مؤخراً ساحات المسجد الأقصى، إلى جانب عدد من الوزراء وآلاف المتطرفين الصهاينة الذين أدوا صلوات وسجودًا ملحميًا بموافقة شرطة الاحتلال. وقال بن غفير إن “هناك تقدمًا كبيرًا في فرض السيادة على جبل الهيكل (المسجد الأقصى)”، مؤكدًا سياسة السماح لليهود بالصلاة في المسجد.
تشمل خطط جماعات اليمين المتطرف الإسرائيلية السيطرة على قبة الصخرة وتحويلها إلى مكان عبادة لليهود، مع السماح للمسلمين بالصلاة فقط في المصليات الجنوبية. كما تتضمن الخطط السماح لليهود بالاقتحام من جميع البوابات وإلغاء الرعاية الأردنية للمسجد.
علاوة على ذلك، فإن مدينة القدس تشهد اقتحامات متكررة وحفريات تصل لمئات الأمتار، وطرد للسكان الأصليين، مما أدى إلى أن يعيش أكثر من 150 ألف مقدسي خارج جدار الفصل العنصري. المدينة أيضًا تشهد هدم المنازل، فرض غرامات مالية، وإقامة مستوطنات جديدة، مما يساهم في طمس هويتها الحضارية الإسلامية.