تسيطر حالة التوتر الميداني الشديد على أجواء قطاع غزة، خاصة بعد الغارات الجوية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، على مواقع للمقاومة الفلسطينية، في ساعة متأخرة من ليل الاثنين، كانت الثانية خلال 48 ساعة، في وقت كشف فيه النقاب عن اتصالات أجراها رئيس حماس إسماعيل هنية مع الوسطاء المصريين، بحثت آخر التطورات، بما فيها إغلاق معبر رفح.
وقال القيادي في حركة حماس إسماعيل رضوان “إن قصف الاحتلال لمواقع وأراض فارغة، الليلة، يدلل على تخبطه وفشله إزاء صمود شعبنا الفلسطيني وثباته”، وأضاف “مستمرون ولن يزيدنا القصف إلا عزيمة وإصرارًا لانتزاع حقوقنا، وسيف القدس لن يغمد”.
وجاءت الغارات الجوية، وإطلاق “البالونات الحارقة” في ظل توتر الأجواء الميدانية في القطاع بشكل كبير، بعد قرار اتخذته فصائل المقاومة، يقضي بتصعيد المقاومة الشعبية، لإجبار سلطات الاحتلال على تنفيذ تفاهمات التهدئة، وفي مقدمتها إنهاء إجراءات الحصار المشددة المفروضة منذ نهايات الحرب الأخيرة في مايو الماضي.
وفي هذا السياق، لا تزال قيادة الفصائل في غزة تدرس تنظيم فعاليات شعبية حاشدة قرب الغلاف، على غرار تلك التي نفذت السبت الماضي، والتي تخللها الدخول في مواجهات شعبية مع جنود الاحتلال، أسفرت عن إصابة 41 فلسطينيا، وجندي إسرائيلي بحالة خطرة.
ويجري في هذا الوقت بحث تنظيم فعالية مشابهة حسب مصادر في فصائل المقاومة، قرب الحدود الشرقية لجنوب قطاع غزة، في الوقت الذي ستستمر فيه فعاليات المقاومة الشعبية الخشنة، ومن ضمنها إطلاق “البالونات الحارقة”، فيما طلب الوسطاء المصريون من قبل، أن تتوقف هذه الفعاليات خشية من تأزم الأوضاع بشكل أخطر.
اتصال هنية
كشفت مواقع مقربة من حركة حماس عن قيام إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بإجراء اتصالات مع الجانب المصري لمناقشة التطورات الأخيرة في قطاع غزة.
واستعدادا لأي تطورات، شرعت آليات هندسية تتبع جيش الاحتلال، في تغيير منطقة السياج، لإنشاء الحاجز الجديد على طول حدود غزة، يجعل من الصعب على الفلسطينيين الاقتراب من الجنود، وذلك في ظل استخلاص العبر من إصابة الجندي الإسرائيلي القناص بارئيل شموئيلي، السبت الماضي.
ولم يوضح الجيش الإسرائيلي طبيعة هذا العائق أو مسافته، علما بأن الجيش كان أقام منذ سنوات جدارا إسمنتيا على طول الحدود مع قطاع غزة، وأضاف الموقع أن الجيش الإسرائيلي قرر أن يستهدف قناصته المتظاهرين الفلسطينيين بمسافة أطول وليس بمحاذاة السياج فقط.
وجاء ذلك في الوقت الذي طالب فيه رئيس بلدية سديروت ألون دافيدي حكومة الاحتلال بالاهتمام في تحسين وضع الغرف المحصنة في المدينة، وطالب تحسبا للتصعيد في رسالة إلى رئيس الوزراء نفتالي بينيت، بتخصيص ميزانية فورية لاستبدال نوافذ الغرف المحصنة، كما طالب بينيت بـ “العمل على الاهتمام بإنقاذ أرواح سكان الغلاف ومدينة سديروت من الهجمات التي يتعرضون لها من قطاع غزة”.
وذكرت تقارير عبرية، أن استمرار التطورات في قطاع غزة بهذه الطريقة قد يدفع نحو “تصعيد عسكري” مجددا بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال، خاصة في ظل نيتهم إقامة مسيرة احتجاجية على حدود القطاع يوم الأربعاء.
وأوضحت إذاعة إسرائيلية أن التعليمات للقوات الإسرائيلية المنتشرة على حدود غزة وخاصة وحدات القناصة قد تكون مغايرة تماما وقد تؤدي الى الانجرار لتصعيد أوسع في قطاع غزة، بعد أن تلقى الجنود أوامر بتغيير “قواعد الاشتباك”، وزعمت أن حركة حماس تتجه نحو التصعيد التدريجي مع الاحتلال لممارسة الضغوط عليها بسبب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن الأموال القطرية.
كما بينت الإذاعة العبرية أن الاحتلال في هذه المرحلة امتنع عن اتخاذ خطوات مدنية كتقليص مساحة الصيد في بحر غزة، وكذلك منع خروج التجار من القطاع كما كانت تفعل في الماضي.
تهديد إسرائيلي
وذكرت صحيفة “معاريف” نقلا عن مصدر أمني قوله “إن المواجهة العسكرية الجديدة بين جيش الاحتلال والفصائل الفلسطينية في غزة، اقتربت أكثر من أي وقت مضى”، لافتا إلى أن التصعيد الإسرائيلي القادم ضد غزة هو “قاب قوسين أو أدنى”، مؤكدا في الوقت ذاته أنه “يجب أن اختيار الوقت المناسب للتصعيد وعدم الانجرار إلى وقت غير مناسب لأي عملية عسكرية ضد غزة”.
وأوضحت الصحيفة أن حركة حماس ما زالت تعمل على فحص ردة فعل سلطات الاحتلال تجاه الأحداث الجارية على الأرض، في الوقت الذي تعتزم فيه الحركة تنظيم فعاليات خلال الأيام القادمة.
وفي دولة الاحتلال تواصلت عملية التحريض ضد قطاع غزة، حيث قال عضو الكنيست عن “حزب الليكود” المعارض ديفيد بيتان، “إن رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار يتلاعب بالإسرائيليين”، وأضاف “نحن بحاجة إلى اغتيال السنوار حتى لو على حساب الحرب، ولا يوجد خيار آخر، إنه عدو لدود ويتلاعب بنا بقسوة”.
وأشار إلى أن رئيس وزراء حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو وعد في سياسته خلال 12 سنة مضت بالقضاء على حماس، ومن الواضح أنه لا يمكن القضاء على حماس، وزعم أنه إذا كان نتنياهو في السلطة فإنه سيرد على التصعيد من قطاع غزة بشكل مختلف بعيدا عن التداعيات السياسية ولم يأخذ بالاعتبار حساسية أي زيارة لأمريكا، واعتبر أن الجندي باريل شموئيلي الذي أصيب عند حدود غزة السبت، كان ضحية بسبب زيارة رئيس الوزراء نفتالي بينيت السياسية إلى واشنطن.