أدلى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الاثنين، بتصريحات تُعتبر الأشد تجاه “إسرائيل” منذ عملية طوفان الأقصى وحرب غزة 2023 التي أعقبتها. وجاءت تصريحات بوريل، الذي سبق له أن هاجم حماس بشدة وحملها مسؤولية التصعيد في قطاع غزة، استمرارًا لانتقادات أدلى بها مسؤولون أوروبيون، على غرار المواقف الرسمية المؤيدة للاحتلال بعد عملية طوفان الأقصى. وقال جوزيب بوريل، إن حركة حماس “فكرة وأيديولوجيا لا يمكن قتلها، وهي قوة عسكرية في قطاع غزة”، مؤكدًا أن على “إسرائيل” أن لا تفكر في إعادة احتلال قطاع غزة، وأن إعادة الاحتلال لا يمكن أن يحقق السلام والأمان في المنطقة. وشدد جوزيب بوريل أنه يجب تمديد الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، محذرًا من أن عدم وقف حرب غزة 2023 قد يؤدي إلى “موجات تطرف وعنف غير مسبوق”. وتابع: ” “إسرائيل” تجاوزت حد الدفاع عن النفس”. وتطرق بوريل إلى الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، مؤكدًا أنه انتهاك للقانون الدولي الإنساني، “ولا علاقة لهذا الاستيطان بالدفاع عن النفس، ولن يجعل “إسرائيل” أكثر أمنًا”. وكان جوزيب بوريل قد ظهر في مقابلة مع قناة الجزيرة قبل أيام، وصف خلالها عملية طوفان الأقصى بأنها جريمة حرب، لكنها في سؤال آخر ضمن المقابلة رفض وصف قتل “إسرائيل” لأكثر من 14 ألف فلسطيني، 60% منهم أطفال ونساء، بأنها جرائم حرب. ومنذ عملية طوفان الأقصى، واصل جوزيب بوريل، تحميل حركة حماس التصعيد الحاصل في قطاع غزة، متجاهلاً الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 17 سنة على القطاع، وجرائم الاحتلال التي أدت إلى هذه العمليات. تغير لهجة بوريل، وانتقاده الأكثر حدة للاحتلال منذ 50 يومًا، تزامن مع مواقف لمسؤولين أوروبيين يُمكن القول إنها تحمل تغيرًا عن المواقف الرسمية المعلنة منذ عملية طوفان الأقصى. دافيد كاميرون، وزير الخارجية البريطاني، قال يوم الجمعة الماضي، إن ” “إسرائيل” لن تكون آمنة أبدًا، ما لم يكن هناك أمن واستقرار للشعب الفلسطيني على المدى الطويل”. ودعا كاميرون، “إسرائيل”، إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد ما وصفه بالعنف “غير المقبول على الإطلاق” الذي يمارسه المستوطنون في الضفة الغربية، مضيفًا أنه من المهم بالنسبة لـ”إسرائيل” أن تدرك أنه “يجب عليها أن تتصرف بطريقة توفر أمنها على المدى الطويل”، وقال إن ذلك سيعتمد في نهاية المطاف على “عيش الفلسطينيين أيضًا في سلام واستقرار وأمن في هذه الأرض”. وجاء موقف كاميرون بعد أيام من تعيينه في منصب وزير الخارجية، في حكومة ريشي سوناك، الرجل الذي جاء إلى “إسرائيل” قُبيل انطلاق الهجوم البري، وفي ذروة الغارات الجوية العنيفة جدًا على قطاع غزة، معلنًا دعمه لـ”إسرائيل” في حربها “ضد حماس”، وليقول إن “الفلسطينيين ضحايا لأفعال حماس، وإنه يجب أن لا يكون مقبولاً بعد الآن السماح لحماس بالسيطرة على أي جزء من الأراضي الفلسطينية”. وقبل ديفيد كاميرون وجوزيف بوريل، كان رئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دي كرو من أبرز المسؤولين الأوروبيين الذين أبدوا انتقادات حادة لـ”إسرائيل” أثارت غضبها. فالرجل الذي أدان حركة حماس بشدة على خلفية عملية طوفان الأقصى، ثم صرح بعد 19 يومًا من حرب غزة 2023 بأن حركة حماس تحتجز نوعين من الرهائن، الأول هم 222 رهينة من “إسرائيل”، والثاني هي غزة بأكملها، رغم ذلك خرج في أكثر من مناسبة منتقدًا سياسة العقاب الجماعي التي تنفذها إسرائيل بحق قطاع غزة. أحدث تصريحات دي كرو كانت يوم الجمعة من أمام معبر رفح، بعدما انتهى من زيارة إلى تل أبيب، حيث اتهم “إسرائيل” بأنها تمارس “القتل العشوائي لآلاف الأطفال” في غزة، ودعاها لوقف قتل المدنيين، وأكد أنه “من غير المقبول تدمير غزة وسكانها”. وأثارت تصريحات دي كرو غضب “إسرائيل”، وانتقده على إثرها وزير الخارجية ثم رئيس الوزراء، ووصفوه بأنه “داعم للإرهاب”، لكنه علق في تغريدة بأنه “متمسك بتصريحاته”، وجدد الدعوة لوقف قتل المدنيين. من جانبه، رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز كان صاحب الموقف الأبرز منذ بداية حرب غزة 2023، فقد خرج أمام البرلمان الإسباني متهمًا “إسرائيل” بممارسة القتل العشوائي في قطاع غزة، ومطالبًا بوقف إطلاق نار فوري. وقال سانشيز، إن حكومته ستعمل على الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال ولايته، وعندما تتسلم إسبانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي فستعمل لاعتراف الاتحاد بالدولة الفلسطينية. ومرة أخرى، عاد سانشيز لينتقد “إسرائيل” من أمام معبر رفح، في أول أيام الهدنة المؤقتة، حيث صرح وهو يقف إلى جانب رئيس الوزراء البلجيكي، أن “إسرائيل” تمارس القتل العشوائي، وقال إن ما يحدث في قطاع غزة “كارثة إنسانية”. وأضاف سانشيز أنه “يجب إنجاح الهدنة في غزة والوصول إلى وقف إطلاق نار شامل ومستدام، وعلينا البدء بالعمل على الاعتراف بحل الدولتين اليوم وقبل أي وقت آخر”. ورغم استدعاء “إسرائيل” للسفير الإسباني، كما فعلت مع السفير البلجيكي، لتبليغهما احتجاجها على تصريحات سانشيز ودي كرو، غير أن سانشيز خرج مرة أخرى، الاثنين، ليقول إن “أي رد إسرائيلي (على العمليات ضدها) يجب أن يكون وفق القانون الدولي وليس بقتل آلاف المدنيين الأبرياء بلا تمييز”. وجدد سانشيز دعوة المجتمع الدولي إلى العمل لتحقيق قيام دولة فلسطينية، ما يضمن السلام في المنطقة. وكانت صحيفة “العربي الجديد” نقلت عن مصادر خاصة بها أن هناك اتجاهًا دوليًا في اللحظة الراهنة لإيقاف الحرب على قطاع غزة عند هذا الحد، وهو ما يخشاه “نتنياهو”. وتأتي هذه التغيرات، خلافًا للتأييد المفتوح سابقًا لفكرة القضاء على حماس والتفكير في مستقبل جديد لقطاع غزة بعد ذلك، في ظل مظاهرات حاشدة تشهدها دول أوروبية منذ 6 أسابيع، أكبرها تحدث في العاصمة لندن، هذا عدا عن مظاهرات كبيرة في ولايات أمريكية من بينها نيويورك، ويُرجح أنها السبب الأبرز لتغير المواقف الرسمية تجاه حرب غزة 2023 والجرائم الإسرائيلية خلالها.
المصدر: وكالات