أظهرت نتائج تحقيق فلسطيني بريطاني، قُدم للمحكمة الجنائية الدولية، الثلاثاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعمّد قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة.
جاء ذلك في تحقيق مشترك لمؤسستي الحق الفلسطينية وفورينسك أركيتكتشر البريطانية.
وتقول فورينسك أركيتكتشر (Forensic Architecture) عبر موقعها الإلكتروني، إنها وكالة أبحاث تتخذ من لندن مقرا لها، وتختص بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك العنف الذي ترتكبه الدول وقوات الشرطة والجيوش والشركات، باستخدام تقنيات متطورة في التحليل المكاني والمعماري، بالإضافة إلى البحث الوثائقي، والمقابلات الميدانية.
وقال مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين في تصريح خاص لوكالة الأناضول: “دراسة علمية موثقة خلصت إلى النتيجة المعلنة وهي أن عملية القتل كانت متعمدة، من قبل الجيش الإسرائيلي”.
وأضاف: “من خلال وحدة الهندسة الاستقصائية في مؤسسة فورينسك أركيتكتشر، درسنا الواقع ميدانيا، استغرقنا عديد من الأيام جمعنا فيها كل الوثائق، وكل المادة التصويرية، وقمنا نحن كذلك بتصوير المكان جويا”.
وأشار جبارين إلى أنهم وضعوا العديد من الكاميرات بما يسهل التقاط أدق التفاصيل، مضيفا: “وضعناها بشكل علمي محدد ودرسناها”.
وأشار الحقوقي الفلسطيني إلى أن الدراسة لم تنتهِ “لكن الاستخلاصات الأولية الأساسية الآن بثت في لاهاي”، في إشارة إلى المؤتمر الصحفي عندما سلم محامون ملف أبو عاقلة لمكتب الادعاء العام في محكمة الجنايات الدولية.
وتابع جبارين: “وثقنا النتائج الأساسية للهندسة الاستقصائية مع الاستقصاء المعماري للمؤسسة البريطانية، وأطلقنا الأساسية للهندسة الاستقصائية وصلنا إلى النتيجة”.
وقال: “عملية القتل كانت متعمدة، وشيرين (أبو عاقلة) كانت في مدى النظر ومدى الهدف بالنسبة للجيب (مركبة الجنود) العسكري الإسرائيلي”.
وذكر أن “الطلقة الأولى لم تُصب شيرين، وإنما الطلقة الثانية وجميعها أطلقت من خلال قناص من فتحة لإطلاق النار في الجيب”.
وتابع: “أثبتنا هذا علميا من ناحية هندسية، وتتبع مسار الرصاصة ونقطة وجود شيرين، فالقتل لم يكن عفويا”.
وأشار جبارين إلى أن 4 رصاصات أصابت الشجرة القريبة من أبو عاقلة لحظة استهدافها “والمسافة بين طلقة وأخرى تشير بشكل دقيق إلى وجود إطلاق نار مركز وليس بطريقة عشوائية”.
وقال إن أبعد مسافة بين طلقة وأخرى كانت 23 سنتمترا، والباقي مسافات أقل من ذلك.
وتابع: “أخذنا كل هذه المعطيات، بما فيها الموجة الزمنية لإطلاق الرصاصات، وأجرينا عليها دراسة عملية”.
وأشار إلى أن الدراسة أثبتت أن الرصاصة التي أصابت أبو عاقلة من نفس نوع الرصاصات الأربع، وقادمة من ذات الاتجاه “بنفس المسار”.
وأشار إلى أن التحقيق المشترك يُشكّل “وثائق داعمة وعلمية يأخذ بها ومعتمدة لدى المحكمة الدولية”.
وعن إمكانية فتح المحكمة تحقيقا مستقلا في قضية أبو عاقلة، قال جبارين: المحكمة تحقق في الوضع بشكل عام، لكن في هذه الحالة يعود الأمر لمكتب المدعي العام”.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال أغلقت الباب أمام أي تحقيق، وقالت إن الحدث “غير مقصود” وأعلنت أنها لن تقدم أحدا للمحاكمة، ما يدل على أن الاحتلال لا يتوفر لديها الإرادة لكشف الحقيقة.
وأضاف: “ويبقى للمحكمة (الجنائية الدولية) الاختصاص وهل ستفتح تحقيقا مستقلا أم لا”.
والثلاثاء سلمت، نقابة الصحفيين الفلسطينيين، والاتحاد الدولي للصحفيين وعائلة الصحفية شيرين أبو عاقلة، ومحامون، شكوى إلى مكتب النائب العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، تطالب بـ”فتح تحقيق واستدعاء المسؤولين” عن قتل الصحفية الفلسطينية.
وقال عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين عمر نزال في حديث سابق لوكالة الأناضول إن الملف “يُحمّل الاحتلال (الإسرائيلي) مسؤولية اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة، وإصابة الزميل علي السمودي، والشروع بالقتل للزميلة شذا حنايشة” في نفس الواقعة.
وأضاف أن الملف يتضمن “الطلب من المدعي العام بالجنائية الدولية الاعتماد على التحقيقات الفلسطينية في إدانة الاحتلال، ومن ثم فتح تحقيق خاص فيه، واستدعاء المسؤولين عن هذه الجريمة للمثول أمام النيابة العامة الدولية”.
وأشار إلى مشاركة مكتبَين قانونيَين في إعداد الملف أحدهما مكلف من قبل النقابة، وآخر مكلف من العائلة.
وفي 11 مايو/ أيار 2022، قُتلت مراسلة قناة الجزيرة القطرية التي تحمل الجنسية الأمريكية، بعدما “أُصيبت برصاص الجيش الإسرائيلي في الرأس أثناء تغطيتها اقتحامه لمدينة جنين شمالي الضفة الغربية”، وفق بيان لوزارة الصحة الفلسطينية آنذاك.
وفي 26 مايو، أعلن النائب العام الفلسطيني أكرم الخطيب أن تحقيقات النيابة العامة خلصت إلى أن أبو عاقلة قُتلت برصاص قناص إسرائيلي “دون تحذير مسبق”.
وفي 5 سبتمبر/أيلول أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن هناك “احتمالا كبيرا” أن تكون أبو عاقلة، مراسلة قناة “الجزيرة” القطرية، قُتلت بنيران “خاطئة” أطلقها جندي إسرائيلي، بحسب بيان تضمن النتائج النهائية لتحقيق أجراه الجيش.
ووفق البيان، فإن “المدعية العسكرية العامة وجدت أنه ووفقًا لظروف الحادثة، لا يوجد اشتباه في ارتكاب مخالفة جنائية يبرر فتح تحقيق جنائي لدى الشرطة العسكرية”.