أفاد موقع “ميدل إيست أي” البريطاني، بأن حملة في الإعلام الإسرائيلي تطالب تركيا بتقديم تنازلات للاحتلال للمصالحة السياسية بينهما، ما جعل أنقرة غاضبة.
وبحسب مصادر الموقع، في تقريره الذي ترجمته “عربي21“، فإن الاحتلال الإسرائيلي يريد من تركيا تقديم تنازلات، منها التخلي عن حركة حماس، واتخاذ إجراءات ضدها، لعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة بعد تسلم جو بايدن الرئاسة للولايات المتحدة.
لكن معد التقرير الكاتب ومراسل الموقع راغب صويلو، لفت إلى أن الأتراك ينفون التقارير التي تقول بأن أنقرة مجبرة على اتخاذ إجراءات ضد حركة حماس لصالح إسرائيل.
ونقل عن مسؤول تركي كبير قوله بعد الحملة الإسرائيلية في وسائل الإعلام العبرية: “عليهم التوقف عن ممارسة الألاعيب” ضد تركيا.
وأكد أنه “لا يوجد ما يشير إلى أن تركيا ستتخلى عن دعمها لحماس في أي وقت في المستقبل المنظور”.
وتاليا النص الكامل للتقرير كما ترجمته “عربي21“:
ينفي المسؤولون تقارير بأن أنقرة مجبرة على اتخاذ إجراءات ضد حماس ويقولون إن إسرائيل تمارس الألاعيب السياسية لمصلحة إدارة بايدن
تشعر تركيا بانزعاج متزايد مما يظهر أنه حملة في وسائل الإعلام الإسرائيلية لإجبار أنقرة على إبعاد عدد من زعماء حماس، كشرط للمصالحة بين القوتين الإقليميتين.
قال مسؤول تركي تحدث بشرط عدم كشف هويته: “عليهم أن يتوقفوا عن ممارسة الألاعيب”.
منذ أن انتخب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر، الأمر الذي تمخض عنه تحولات إقليمية، تسعى تركيا وإسرائيل للتغلب على خلافاتهما عبر التفاوض من خلال وكالات استخبارات البلدين.
لا يوجد حاليا لأي من البلدين سفير في البلد الآخر. وكانت تركيا قد طلبت من سفير إسرائيل لديها بأن يغادر مؤقتا البلاد، وسحبت سفيرها، بعد أن قتلت القوات الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين في غزة بينما كانوا يحتجون على نقل الولايات المتحدة لسفارتها إلى القدس في عام 2018.
وبعد آخر جولة من المحادثات بين تركيا وإسرائيل، بدأ المسؤولون الإسرائيليون من خلال وسائل الإعلام يشترطون المطالب على تركيا.
وفي الأسبوع الماضي، نقلت الصحيفة اليمينية، يديعوت أحرونوت، عن دبلوماسي إسرائيلي كبير القول إن إسرائيل لن تبادل السفراء حتى تفرض أنقرة قيودا على نشاطات حماس المؤذية.
واتهم التقرير الحركة الفلسطينية بأنها تؤسس خلية سرية في إسطنبول دون علم الأتراك، وأنها تشن هجمات سيبرانية مستهدفة السلطة الفلسطينية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
كما زعم الدبلوماسي الكبير أن حماس تدير وتمول “نشاطات إرهابية داخل الضفة الغربية، وتقوم بتجنيد الفلسطينيين” في تركيا.
وقال المسؤول التركي: “وفوق أشياء أخرى، يطالبون بإنهاء أمور غير موجودة أصلا، فلا وجود لمثل هذه الخلية السرية لحماس في تركيا، التي يزعم أنها تقوم بشن هجمات سيبرانية. لدينا قادة من حماس أرسلتهم إسرائيل إلى تركيا كجزء من صفقة جلعاد شاليت لتبادل الأسرى.”
وكانت إسرائيل في عام 2011 قد أطلقت سراح ما يزيد على ألف من السجناء الفلسطينيين في عملية تبادل مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي شاليت، الذي كان محتجزا لدى حماس، ثم أبعدت إسرائيل العشرات منهم إلى تركيا وسوريا وقطر.
مقتبسات غامضة
قال مسؤولون أتراك في حديث مع موقع ميدل إيست آي إن من الغريب أن صحيفة “يديعوت أحرونوت” ومن بعدها الصحفي الإسرائيلي أنشيل بفيفر في صحيفة “ذي تايمز” البريطانية، اقتبسوا من “تقارير صحفية تركية” لا وجود لها الزعم بأن أنقرة بدأت مؤخرا التقييد على نشاطات حماس.
وقالت “يديعوت أحرونوت”، إن أنقرة فرضت مؤخرا قيودا على أعضاء حماس، واعتقلت أحد عناصرها العاملة في مطار إسطنبول الدولي، واستجوبته لست ساعات، قبل أن تطلب منه مغادرة البلد بشكل مباشر. إلا أن موقع “ميدل إيست آي” لم يجد تقارير عن ذلك في أي من وسائل الإعلام التركية.
في هذه الأثناء، ومن دون أي إشارة أو رابط لاقتباسات من “تقارير تركية”، نشرت ذي تايمز أيضا تقريرا مشابها في وقت مبكر من نفس الأسبوع، زعمت فيه الصحيفة أن حماس “تجاوزت حدود الترحاب في تركيا”، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تلقى رسالة إسرائيل، وأنه الآن يتعقب نشطاء الحركة.
وقال مسؤول تركي آخر: “كلها كومة من المزاعم بلا دليل. أي تقارير تلك التي يتحدثون عنها.”
وأضاف المسؤول في إشارة إلى مزاعم ذي تايمز بأن حماس جندت شبابا في منطقة باشكشهر في إسطنبول من خلال الجمعيات الخيرية، واستخدمتهم فيما بعد لتوجيه هجمات في الضفة الغربية المحتلة: “يريدوننا فقط أن نعتقل المساكين، طلاب الجامعات الفلسطينيين”.
دفعت المطالب الإسرائيلية التي نقلتها وسائل الإعلام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأسبوع الماضي، إلى القول بأن أنقرة أيضا لديها مطالب خاصة بها قبل التوصل إلى أي مصالحة.
وقال جاويش أوغلو: “ينبغي عليهم التوقف عن إصدار تصاريح بناء مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية”.
وأضاف: “إذا لم يتوقفوا عن أفعالهم غير القانونية ضد الفلسطينيين، فلن يكون هناك معنى بالنسبة لنا لإصلاح العلاقة؛ لأن الأمور ستتجه قطعاً جنوبا كلما تصرفوا ضد الفلسطينيين”.
لا يوجد ما يشير إلى أن تركيا ستتخلى عن دعمها لحماس في أي وقت في المستقبل المنظور.
وقال مصدر تركي مطلع على القضية إنه كلما أثارت إسرائيل زوبعة حول وجود حماس في تركيا، تشير أنقرة إلى أن الإسرائيليين هم من بعث بعدد كبير من سجناء الحركة إلى هناك في المقام الأول، ضمن أسباب أخرى.
وقال المصدر: “ثم بعد ذلك يعتذرون، وتمضي الأمور. كل ما في الأمر هو الترويج الدعائي لفكرة أنهم يمارسون ضغوطا على تركيا”.
وضع الأساسات
تعتقد غاليا ليندنستراوس، كبيرة الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، أن كل تلك التقارير التي تنشر في وسائل الإعلام نقلا عن مسؤولين إسرائيليين تشير إلى شيء واحد، ألا وهو أن إسرائيل ليست في عجلة من أمرها لإصلاح العلاقات بين البلدين.
وقالت: “على تركيا أن تثبت جديتها في الرغبة في فتح صفحة جديدة مع إسرائيل. مطلب أن تعمل تركيا بشكل أكثر جدية من أجل وقف عمليات حماس العسكرية التي يتم التخطيط لها من داخل الأراضي التركية ليس مطلبا جديدا، ولطالما أثارته بشكل مستمر أصوات مؤيدة لإسرائيل”.
وتظن غاليا أن من شأن الإعلان عن هذه المطالب على الملأ أن يزيد المخاطر، لكن أنقرة من ناحيتها ما لبثت تنكر تهم إسرائيل جملة وتفصيلا، ولذلك فهي لا تشعر بأن تركيا ترى في هذه التهم ما يسيء إلى سمعتها.
يعتقد المسؤولون الأتراك أن إسرائيل ما تزال مهتمة جدا بإصلاح العلاقة مع أنقرة، على الرغم من إبرامها صفقات تطبيع مع عدد من البلدان العربية، بما في ذلك خصوم تركيا؛ الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
وقال المسؤول التركي الثاني: “تركيا دولة من الوزن الثقيل، وهي فاعل جاد ومهم في الإقليم، لذلك من الطبيعي أن يرغبوا في الحديث معها. وهم إذ ينشرون هذه المطالب على الملأ إنما يقصدون منها إعداد إدارة بايدن، التي قد تبادر إلى دفع البلدين نحو المصالحة”.
رفضت السفارة الإسرائيلية في أنقرة التجاوب مع طلب تقدم به موقع ميدل إيست آي للتعليق على الموضوع.
تجد أنقرة أن تعيين آيريت ليليان على رزس السفارة الإسرائيلية في أنقرة مؤشر إيجابي؛ لأنها شغلت من منصب السفيرة في بلغاريا، وهي خبيرة في الشأن التركي.
وقال مصدر يتخذ من واشنطن مقرا له إن هناك من بين المسؤولين الإسرائيليين من يدعم إصلاح العلاقات مع تركيا، وهناك في المقابل صقور.
وقال المصدر: “من المهم فهم ذلك، أي من الذي يسرب هذه الحكايات التي تخلق مزيدا من العراقيل؟ الصقور أم الحمائم؟”.