تتواصل عمليات إعادة إعمار المنازل التي دُمرت بشكل كامل في الحرب الأخيرة على قطاع غزة في مايو 2021، بوتيرة أكبر مما كانت عليه سابقا، بعد شكاوى عديدة من المتضررين من حالة البطء التي كانت سائدة، والتي دفعتهم لتنظيم احتجاجات أمام مقرات المنظمات الدولية.
توسع رقعة الإعمار
ويُلاحظ في هذه الأوقات، أن ورش البناء تنتشر بشكل أكبر مما كانت عليه قبل أسابيع، وذلك بعد أن تلقى مواطنون جدد الدفعات الأولى للبدء بعملية الإعمار.
وفي منطقة الرمال، وتحديدا في الحي الذي دُمر فيه الكثير من منازل عوائل أبو العوف والكولك وبعض من جيرانهم، بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية، والتي خلفت وقتها أكثر من 60 شهيدا بينهم أطفال ونساء ورجال كبار في السن، تنشط بشكل كبير عملية الإعمار، إذ يعمل من تبقى من سكانها، على إعادة تشييدها بعد تسلميهم أولى الدفعات المالية الخاصة بالإعمار.
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، انضمت عوائل جديدة لجيرانها الذين شرعوا بعمليات إعادة الإعمار، وعلى الأرض نزل عمال وفنيون يعملون في مجال التشييد، ويشرعون حاليا إما بوضع الأساسات للمنازل، أو بتجهيز الطابق الأول من تلك المباني.
وفي مناطق أخرى في القطاع، تنشط تلك الأعمال أيضا، فيما لا تزال هناك الكثير من العوائل التي دُمرت منازلها بالكامل، تجهز أوراقها وتنتظر الحصول على الموافقات اللازمة، من أجل تسلم أموال الإعمار.
وتصرف أموال إعادة الإعمار سواء من قبل المنظمات الدولية مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، التي تلقت الأموال هذه من دول غربية، أو من خلال اللجنة القطرية لإعمار غزة، على ثلاث دفعات، الأولى تكون قبل بدء وضع خرسانة القواعد الخاصة بالمنازل، فيما الثانية خلال عملية البناء، والثالثة قبل بدء أعمال التشطيب.
وفي هذا السياق قالت وكالة “الأونروا”، إنها لا تزال مستمرة في عملية إعادة الإعمار للمنازل التي دمرت خلال صراع 2021 حتى تاريخه.
وذكرت في بيان جديد لها أن هناك 364 منزلا يتم إعادة إعمارها حالياً، لافتة إلى أنه سيتم إدراج حوالي 100 حالة جديدة خلال الأسبوع المقبل لاستلام الدفعة الأولى.
وحسب الأرقام الخاصة بعملية الإعمار، لدى هذه المنظمة الدولية، فإن ذلك سيشكل ما نسبته 74% من قوائم “الأونروا” من المنازل المهدمة كلياً والتي تنطبق عليها الشروط اللازمة.
وحسب مسؤولين في “الأونروا” فإنهم يتوقعون الانتهاء من بناء جميع الوحدات السكنية المتضررة والمهدمة كليا في شهر مارس المقبل، في حال سارت خطة الإعمار دون أي معوقات، وهو ما يعني أن المتضررين سيمكثون شتاء آخر بعيدا عن منازلهم.
والمعروف أن “الأونروا” تصرف أموال إعادة الإعمار للأسر اللاجئة، فيما يتكفل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالأسر غير اللاجئة، كما تقوم أيضا اللجنة القطرية بالمشاركة في هذه العملية.
وكانت وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، قالت إنها حصرت الأضرار لأكثر من 60 ألف وحدة سكنية متضررة جزئياً و1700 وحدة هدمت كليا في تلك الحرب.
ورغم البدء بعمليات إعادة إعمار المنازل المدمرة كليا، إلا أن ملف إعمار الأبراج التي هُدمت لا زال عالقا، حيث لم تقم أي من الجهات المانحة بالإعلان عن تكفلها بإعادة الإعمار حتى اللحظة، بخلاف دولة قطر التي يتردد أنها ستقوم بإعادة إعمار “برج الجلاء” الذي كان يضم مكاتب صحافية.
وخلال الحرب الأخيرة، دمرت قوات الاحتلال عدة أبراج، بينها أبراج كانت تضم عشرات المكاتب الصحافية.
وتوضح وزارة الأشغال، أن هناك 425 وحدة مصنفة هدم كلي، من أصل 1700 وحدة سكنية، موزعة على الأبراج المدمرة.
وتأمل وزارة الأشغال أن تكون مبادرة قطر في إعادة إعمار “برج الجلاء” بداية تحريك ملف الأبراج نحو الانفراجة.
ووفق الأرقام التي وردت في إحصائيات الرصد، فإن الحرب الأخيرة على غزة، خلّفت خسائر مادية مباشرة بقيمة 420 مليون دولار، فضلا عن الخسائر غير المباشرة.
الدمار السابق عالق
ورغم التقدم الحاصل في عمليات الإعمار حاليا، إلا أن ملف إعمار المنازل التي دُمرت في الهجمات والحروب التي سبقت حرب 2021، لا زال عالقا، بسبب عدم توفر أموال الدعم اللازمة من المانحين.
وعن الاعتداءات التي سبقت عدوان مايو 2021، ذكر وكيل وزارة الأشغال في غزة، ناجي سرحان، أن الوزارة ما زالت تستكمل جهود إعادة إعمار قطاع الإسكان المتضرر كليا وجزئيا خلال الاعتداءات السابقة والتي لم يتم الانتهاء منها حتى الآن.
وأوضح: “نخبر المانح بأن يقوم بتمويل ما تم تمديره قبل عام 2021 فيرفض، ويشترط أنه في حال زيادة أموال من إعمار ما بعد 2021 يتم منحها لما قبله”.
وهناك ما يقارب 1300 وحدة سكنية مهدومة كليا متبقية من الحروب والهجمات السابقة، ولم يتوفر تمويل لإعادة إعمارها حتى الآن، وتقدر تكلفتها بقرابة 56 مليون دولار، بالإضافة إلى تعويضات الأضرار الجزئية السكنية والتي تقدر بقرابة 94 مليون دولار، وتعويضات أضرار القطاع الاقتصادي “الصناعي والتجاري والزراعي” وباقي القطاعات الأخرى التي لم يتم إعادة إعمارها حتى الآن والتي تقدر بإجمالي 600 مليون دولار، حسب بيانات وزارة الأشغال.