تشهد حدود لبنان الجنوبية منذ صباح الاثنين تصعيدا غير مسبوق بوتيرة ونوعية الهجمات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل، التي ارتفعت حدتها مع ادعاء تل أبيب اغتيالها كوادر من الحزب في غارات متفرقة.
وزعمت تل أبيب، الثلاثاء، أنها اغتالت اثنين من أبرز كوادر الحزب وهما إسماعيل يوسف باز الذي قالت إنه “شارك في التخطيط لإطلاق صواريخ وقذائف مضادة للدبابات تجاه “إسرائيل” من المنطقة الساحلية في لبنان”، ومحمد حسين مصطفى شحوري، الذي ادعت أنه “قائد وحدة الصواريخ والقذائف بالقطاع الغربي في قوة الرضوان التابعة لحزب الله”.
بيد أن الحزب أعلن الثلاثاء، مقتل 3 من عناصره جراء هجمات “إسرائيلية”، دون منحهم أي توصيف أو إبراز دورهم في هيكلة الحزب.
ويأتي التصعيد الأخير في خضم التهديد “الإسرائيلي” برد عسكري على الهجوم الذي نفذته طهران على الأراضي الفلسطينية المحتلة فجر الأحد الماضي، بعد استهداف تل أبيب مبنى قنصلي إيراني في العاصمة السورية دمشق مطلع أبريل/ نيسان الجاري.
جولة عنيفة من المواجهات
ويعد التصعيد الأخير بين حزب الله و”إسرائيل” من أعنف جولات المواجهات بين الطرفين، حيث نفذ الحزب 26 هجوما ضد “إسرائيل” خلال الأيام الثلاثة الماضية، إحداها استهدف منطقة عرب العرامشة شمال إسرائيل، وأوقع 19 مصابا، تم تأكيد إصابة 14 جندي منهم.
وارتفعت العمليات العسكرية لحزب الله ضد الاحتلال الإسرائيلي من هجومين نفذهما الأحد، إلى 6 هجمات الاثنين، ثم 9 عمليات الثلاثاء، و9 الأربعاء.
واستخدم حزب الله بكثافة خلال هجماته الأخيرة ضد مناطق ومواقع شمال فلسطين المحتلة، مسيرات انقضاضية إيرانية وصواريخ ثقيلة “بركان” و”فلق” ، بحسب بيانات متفرقة أصدرها الحزب.
والأربعاء، قال الحزب إنه استهدف “ثكنة زبدين الإسرائيلية بمزارع شبعا المحتلة بصواريخ فلق، وتجهيزات تجسسية بموقع الرمثا “الإسرائيلي” بأسلحة مناسبة”، كما أشار إلى أن مقاتليه “استهدفوا وحدة المراقبة الجوية في قاعدة ميرون (الإسرائيلية) بالصواريخ الموجهة”.
وكان الرد الأعنف من حزب الله على مقتل ثلاثة من عناصره مطلع الأسبوع، هو عملية وصفها بأنها “مركبة” استخدم خلالها صواريخ موجهة ومسيرات، استهدفت مركز مستحدث لجيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة عرب العرامشة المتاخمة للحدود اللبنانية.
وأسفر ذلك الهجوم عن إصابة 19 “إسرائيليا”، أكد الجيش في بيان مساء الأربعاء، أن من بينهم 14 جنديا غالبيتهم تعرضوا لجروح “بالغة”.
ويعد هذا الرقم من الإصابات الأعلى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي في يوم، منذ إطلاق الحزب معركة مساندة لدعم لقطاع غزة من جنوب لبنان في 8 أكتوبر الماضي.
وفي بيان عن هجوم عرب العرامشة، قال حزب الله إنه “شن هجوما مركّبا بالصواريخ الموجهة والمسيرات الانقضاضية على مقر قيادة سرية الاستطلاع العسكري المستحدث في عرب العرامشة في ما يسمى المركز الجماهيري وإصابته إصابة مباشرة وإيقاع أفراده بين قتيل وجريح”.
واعتبر الحزب الهجوم “ردا على اغتيال العدو الإسرائيلي عددا من المقاومين في عين بعال والشهابية”، دون تسميتهم.
إلا أن وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أعلنت الثلاثاء، مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح، في غارة “إسرائيلية” استهدفت سيارة ببلدة “عين بعال” في قضاء صور جنوب لبنان، في اليوم الذي أكد فيه حزب الله مقتل “شحوري” الذي ينتمي لبلدة الشهابية.
وسبق وأعلنت حركة “أمل” اللبنانية، الثلاثاء أيضا، مقتل أحد عناصرها إثر غارة “إسرائيلية” على بلدة “عين بعال” ليرتفع عدد قتلى الحركة منذ 8 أكتوبر إلى 18.
وكان حزب الله شنّ الثلاثاء، هجمات أخرى على مواقع” إسرائيلية”، وأوقعت إحدى الهجمات قرب بيت هلل بشمال فلسطين المحتلة، ثلاث إصابات، وفق المجلس المحلي في المنطقة.
تصعيد متواصل
من جهته، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، إصابة 4 من عناصره داخل الأراضي اللبنانية، بُعيد إعلان حزب الله أنّه فجّر عبوات ناسفة بجنود “إسرائيليين” إثر تجاوزهم الحدود.
وفي المقابل، كثفت إسرائيل بشكل غير مسبوق من استهدافاتها عبر غارات جوية وقصف مدفعي وقنابل فوسفورية على مناطق عدة مناطق في جنوب لبنان، مستهدفة المنازل والطرقات الرئيسية والسيارات.
وفي سياق التصعيد المتزايد، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء، غارة جوية استهدفت بلدة “إيعات” في قضاء بعلبك بمحافظة البقاع الشمالي شرق لبنان، ردا استهداف حزب الله قاعدة ميرون، وإصابة عدد من جنوده في الهجوم علي عرب العرامشة.
استهدفت الغارة على إيعات، كاراجات (محلات تجارية ولكنها تستخدم للسيارات) تعود لمواطن من البلدة.
ويصنف البقاع بأنه في العمق اللبناني حيث يبعد ما يزيد عن 120 كلم عن الحدود الجنوبية للبنان.
ومنذ الاثنين، نعى حزب الله 6 من عناصره قتلوا في المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان، ليرتفع العدد إلى 278 عنصرا منذ بدء المواجهات في 8 من أكتوبر الماضي.
ويتبادل “حزب الله” وفصائل فلسطينية في لبنان مع جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفا يوميا متقطعا منذ 8 أكتوبر، أسفر عن قتلى وجرحى من الجانبين، معظمهم في لبنان.
ويتضامن الحزب مع قطاع غزة، الذي يشهد حرب إبادة جماعية مدمرة منذ 7 أكتوبر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ، خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى “إبادة جماعية”.
وتواصل “إسرائيل” حربها المدمرة على غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فورا، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية”.