ملحمة سطرت قبل 107 أعوام للجيش العثماني اختلط فيها الدم العربي والتركي في سبيل حماية الإسلام والمسلين، حرب نقلت منطقتنا ذات المصير المشترك إلى بر الأمان، وحدة تجلت في أبها الصور والأشكال كان أبطالها جنود نذر أنفسهم لحماية الدولة والإنسان.
معركة جناق قلعة خلال الحرب العالمية الأولى أظهرت قدرة لا مثيل لها للنضال في التاريخ الإسلامي الحديث عبر بسالة سجلت في عدم السماح لأقوى قوة بحرية في العالم بالمرور.
قوات الحلفاء، هاجمت جبهة جناق قلعة بما يقرب من 490 ألف جندي، استشهد على إثرها 250 ألف جندي من أصل 315 ألف جندي من الجانب العثماني أثناء قيامهم بحماية وطنهم.
حرب الدردنيل التي بدأت في 18 مارس 1915 وانتهت في 9 يناير 1916، كانت فيها الإمبراطورية العثمانية في موقف دفاعي ضد الوفاق الذي شكلته الدول الغربية الرامية للسيطرة على المضيق ومدينة إسطنبول طمعا في التمدد ودعم والروس في ذلك الحين بحربهم، إلا أن الجيش الضعيف بالعدد والعتاد استطاع هزيمة دول الحلفاء وردهم عن شواطئ المدينة ليكتب في كتب التاريخ انتصارا عظيما لا مثيل له للأمة الإسلامية جمعاء ويذهب ما بيت لها أدراج الرياح.
ذكرى أحياها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، بشكل خاص بقص شريط أطول جسر معلق متوسط الامتداد في العالم باسم المعركة التاريخية “جناق قلعة”، إذ سيتخطى جسر “أكاشي كايكو” في اليابان الذي يحوز هذا اللقب حالياً بطول 1991متراً.
وقال أردوغان، إن نصر معركة جناق قلعة قبل 107 أعوام، نصر للشعوب المظلومة بقدر ما هو نصر لتركيا ولشعبها، مشيرا إلى استشهاد جنود من حلب وسراييفو والقدس وأنقرة في ذات الخندق.
وأضاف أردوغان أنه بالنظر إلى شواهد المقابر في جناق قلعة يمكن التأكد من أن النصر المجيد في جناق قلعة هو نصر لكافة المظلومين، بقدر ما هو نصر لتركيا ولشعبها.
وشدد الرئيس التركي أن معارك جناق قلعة ملحمة بطولة عظيمة للشعب التركي، مضيفا “أنها ملحمة بطولة عظيمة لأمتنا”، مؤكدا على أن أعتى وأقوى جيوش العالم هُزمت أمام أصحاب القلوب المؤمنة في جناق قلعة قبل 107 أعوام.
وأوضح أن نصر جناق قلعة أثبت أنه لا طاقة لأي قوة أو سلاح أمام أمة حازمة على الدفاع عن وطنها وحريتها ولو كان على حساب أرواحها، مشيرا إلى أن نصر جناق قلعة ليس انتصارا لنا فحسب؛ بل هو انتصار مشترك لمئات الملايين من أشقائنا من البلقان إلى إفريقيا ومن أوروبا إلى آسيا.
وسيربط الجسر، الذي شارك الرئيس بحفل افتتاحه بين ضفتي بحر مرمرة من منطقة شكركايا بقضاء لاباسكي في الشطر الآسيوي لإسطنبول، ومنطقة سوتلوجا بقضاء غاليبولي في الشطر الأوروبي.
شُيّد الجسر، الذي يعد أول الجسور التي تربط قارَّتَي آسيا وأوروبا خارج إسطنبول، ليرتكز على قاعدتين بطول 333 متراً في كل ضفة.
بينما يبلغ ارتفاع أبراجه 318 متراً، وهو الرقم الذي يرمز إلى تاريخ 18 مارس/آذار 1915 (يوم الانتصار في معركة جناق قلعة)، تمتدّ المسافة بين قاعدتيه 2023 متراً، بما يشير إلى مئوية الجمهورية التركية الحديثة التي أُسّسَت على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1923.
ليختصر المسافة بين القارتين لـ 6 دقائق فقط، بحسب تصريحات سابقة لوزير النقل والبنية التحتية التركي عادل قره إسماعيل أوغلو، اخلال السير عليه الشهر الماضي.
مشيراً إلى أن العبور من المضيق باستخدام العبَّارة كان يستغرق في الأحوال العادية 60 دقيقة، لكن الأمر قد يستغرق عدة ساعات عند وجود ازدحام.
وأكّد قره إسماعيل أوغلو أن جسر “جناق قلعة 1915” من أهم مشاريع النقل في تاريخ الجمهورية التركية، لافتاً إلى مشاركة نحو 5 آلاف و100 موظف و740 آلية عمل في مشروع بناء الجسر الفريد من نوعه في العالم.
يُذكَر أن قيمة الاستثمار في مشروع الجسر والطريق السريع بلغت نحو 2.5 مليار يورو، وفقاً لتصريحات الرئيس التركي الذي شارك في مراسم وضع السطح الأخير للجسر منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.