أكد عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، صلاح البردويل، أن انتصار المقاومة للقدس، وحد الشعب الفلسطيني خلف برنامج المقاومة والصمود والتمسك بالثوابت.
وأوضح البردويل في حديث خص به صحيفة عربي 21 اللندنية، أن “المقاومة التي بادرت للدفاع عن القدس وأمهلت الاحتلال ساعات من أجل رفع يده عن حي الشيخ جراح وعن القدس، وأوفت بوعدها بمبادرتها لقصف عش الدبابير في تل أبيب، كانت تدرك أهمية قرارها، ولم تكن تخشى من الانكسار للحظة واحدة من الزمن”.
وأضاف: “لقد حول الفلسطينيون في غزة بيوت الشهداء من مآتم إلى أفراح، وهو ما يؤكد واقعيا الاحتضان الشعبي للمقاومة كخيار في مواجهة الاحتلال”.
وأشار البردويل إلى أن الجهات المختصة في قطاع غزة لم توقف للحظة واحدة ترميم الشوارع وشبكات المياه والكهرباء، ومتابعة الحاجيات اليومية للناس أثناء الحرب وبعدها.
وقال: “الآن وقد وضعت الحرب أوزارها فإن الناس عادوا لاستئناف الحياة، حتى في المؤسسات والوزارات والمقار الأمنية ومقار العمل بدأ الناس يبحثون عن أوراق بديلة.. أما عن الوثائق والمستندات فلا شيء ضاع أبدا، حيث إن غزة كلها محوسبة”.
وتابع: “هذه ليست أول حرب نخوضها في مواجهة الاحتلال، ونحن نشعر أننا اليوم أكثر قدرة من أي وقت مضى على إيلام العدو، والكل شاهد قادة المقاومة وهم يتصدرون الصفوف في تشييع الشهداء وإعادة معالم الحياة إلى القطاع، وبالتالي فإن من يتحدث عن انكسار المقاومة فهو واهم”.
وحول خطط إعادة الإعمار والمخاوف من خطط اختراق المقاومة، قال البردويل: “الحديث عن الأموال المسمومة والمسيسة والمشروطة لإعادة الإعمار، ندركه تماما، هذه ليست المرة الأولى التي تخوض فيها المقاومة مواجهة مع المحتل، وليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن إعادة الإعمار، وليست المرة الأولى التي يقدم فيها العالم مساعدات إلى الشعب الفلسطيني.. هذا حقنا، والمجتمع الدولي عامة والعالم العربي والإسلامي خاصة مطلوب منه أن يقف في وجه العدوان”.
وأضاف: “إن حصار الشعب الفلسطيني وتضييق الخناق عليه لن يقعده عن الدفاع عن نفسه وعن حقه في الحياة، وأول من يتأذى من ذلك هو الاحتلال.. وبالتالي فإن المساعدات لها أهداف متعددة، والمقاومة لا يمكن أن تدفع أي أثمان سياسية لأي جهة داعمة مقابل التهدئة”.
وتابع: “لا شك أن التهدئة هي آلية من آليات الحرب مع العدو، ومن مصلحة المقاومة في فترات محددة أن تفك الاشتباك لمصلحة مشروع المقاومة”.
واعتبر البردويل أن حديث بعض خصوم المقاومة عن ربط المواجهة الأخيرة بأطراف إقليمية، دليل “مرض في الرأي والتحليل”، وقال: “هذه الحرب لم تكن من أجل أي طرف ولا حتى من أجل رفع الحصار عن غزة المحاصر، هذه الحرب خاضتها المقاومة من أجل الأقصى، واستجابت فيها للمقدسيين، وبالتالي فإن من يتحدث عن علاقة للحرب بأجندات إقليمية وغيرها.. هؤلاء مرضى من نجاحات المقاومة”.
وحول المطلوب سياسيا الآن بعد نهاية الجولة الحالية من الحرب مع الاحتلال، قال البردويل: “هذه معركة كان من أهم نتائجها توحيد الشعب الفلسطيني ليس فقط في الداخل الفلسطيني وإنما في مختلف أصقاع العالم، على هدف واحد هو دعم المقاومة والصمود، وهذا يعني أننا قطعنا شوطا كبيرا في الوحدة.. وحدة حال ووحدة خطاب ومشاعر فلسطينية في مختلف أصقاع العالم.. وهذا إنجاز كبير”.
وتابع: “من نتائج هذه الحرب أيضا أنه تم ردع العدو الصهيوني، وأن قضية الأمن والاستقرار لم تعد بيده، وأنه هذه المرة تم ضربه بمبادرة من المقاومة، وتم جلبه إلى المحاكم الدولية والإنسانية، وهزيمة روايته التي يصدرها للعالم عن مظلوميته التي انكشف زيفها، ولم ينل من التعاطف الدولي إلا من الأقلية المعروفة بولائها له”.
واعتبر البردويل، أن “إساءة وجه الاحتلال وكشفها للعالم هي مقدمة الانتصار الذي تنجزه المقاومة بصبر وبثبات وبوضوح رؤية مكنت من تحريك ليس فقط الشعب الفلسطيني، وإنما مختلف الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم”.
وأكد أن من أهم نتائج الحرب أيضا، إسقاط كل مبررات التطبيع التي تم الترويج لها في الآونة الأخيرة بين الاحتلال وعدد من الأنظمة العربية، وقال: “المعادلة تغيرت في العلاقات العربية والدولية.. بايدن الآن يتحدث عن “حماس” ومن معها من منظمات فلسطينية، وبقية الدول الغربية.. كذلك بدأوا يحسبون حسابا لهذه القوى.. هناك الكثير من الأشياء التي نفتخر بها”.
وشدد البردويل على أن هذه الإنجازات التي تمكنت المقاومة من الوصول إليها تستوجب فعلا سياسيا موازيا، يبدأ بإعادة بناء النظام السياسي ثم إعادة بناء العلاقات مع الدول العربية، واستصلاح ما يمكن إصلاحه، وقبل ذلك وأثناءه وبعده الاستعداد لأي معركة، والحفاظ على المسجد الأقصى”.
وحول التحذيرات التي يطلقها البعض من إمكانية اختراق المقاومة تحت شعار إعادة الإعمار، قال البردويل: “لو غزة تخاف من موج البحر لم تكن لتقف على شواطئه يوما.. نحن حركة مقاومة تعلم أن كل طرف في العالم مصالحه.. كل واحد له أهدافه وقد تتقاطع بعض المصالح.. لكن المؤكد أن المقاومة لن تخضع لأي ابتزاز، ولن يجرها أحد لأي مربع يناقض استراتيجيتها”.
وحول الرسائل الغربية التي تتحدث عن حوار مباشر أو غير مباشر مع “حماس” والثمن المطلوب لذلك، قال البردويل: “برنامجنا واضح ولغتنا واضحة، ولا يمكن بأي حال أن نعترف لا بإسرائيل ولا بالاحتلال، الذي سيظل لصا مطاردا.. لن نعترف به، ولسنا مجبرين”.
وأضاف: “بالنسبة للحوار مع الاتحاد الأوروبي أو أمريكا.. لم نقل إننا نرفض الحوار مع أي جهة، لكن على قاعدة الاحترام المتبادل، والحوار ليس مفاوضات مع إسرائيل ولا مع الاحتلال”.
وحول هدف الاعتراف بحركة حماس، قال البردويل: “نحن لا نستجدي الاعتراف من أحد، نحن يكفينا أن الله زرعنا في هذه الأرض ووصفنا بأننا الطائفة المنصورة”، على حد تعبيره.