صوت فلسطين

حوار مشعل حول مستقبل القضية الفلسطينية وسط التغيرات الإقليمية والدولية

أكد رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، أن حماس تعمل بشكلٍ مستمر لتطوير المقاومة بكل قوة على المستوى التكتيكي، وبأسلوب قائم على تطبيق نظرية التحرير، وهو ما بدأ يتشكل في ذهنية الشعب الفلسطيني، ما يتطلب من الفصائل الفلسطينية كافة العمل بجهد جماعي لتحقيق المطلوب.

وكشف مشعل خلال حوار “حول مستقبل القضية الفلسطينية وسط التغيرات الإقليمية والدولية”، عبر تويتر، بحضور ومشاركة العشرات من الكتاب والصحفيين الفلسطينيين والعرب، والذي استمر قرابة أربع ساعات، وتابعه فيميد، أن “لدينا الكثير من المبشرات، من خلال تطور المقاومة الفلسطينية بأسلوبها وأدواتها، وقد شاهدتم ماذا فعلت غزة في حروبها الأخيرة مع العدو الصهيوني، دون أن يكون هناك دعم إقليمي أو عربي، بل إن الشعب الفلسطيني هو الذي يبني قوته رغم الحصار والتضييق”.

تصاعد المقاومة

وأشار إلى أن “المرحلة المقبلة ستشهد تراكم المقاومة، وتطوير إمكاناتها، والإبداع فيها، وغزة بحصارها تصنع كل هذا، وسيكون له أثره النفسي على عدونا، لأننا معنيون بتوسيع رقعة المقاومة في الخارج، ونضيف لها الانتفاضة الشعبية في كل مواقع الاحتلال ووجوده، بجانب العمق العربي والإسلامي، وصنع علاقات متوازنة مع القوى العربية والإسلامية كافة، والانفتاح للساحة الدولية”.

ودعا مشعل إلى “تصعيد المقاومة في مختلف الساحات أو الجبهات، وألا تتركز في غزة فقط، بل في الضفة الغربية والداخل المحتل، وأي نقطة تماس مع الاحتلال الإسرائيلي، لأننا نريد أن نجمع الجميع على خط المقاومة الصاعد، فخط التسوية بات يتراجع، ما يبشر بمستقبل لصالحنا، سواء في العام الحالي، أو ما يليه من أعوام قادمة، بناء على رؤية وحقائق ووقائع على الأرض”.

وأشار إلى أن “القدس عنوان محوري في برنامجنا السياسي والمقاوم، وكذلك حق العودة، وتمسك الجيل الجديد من شعبنا به، بجانب المقاومة والأسرى، وضرورة الإفراج عنهم، فضلا عن كسر الحصار عن غزة”.

وأوضح أن “صفقة تبادل الأسرى متعثرة حالياً لأن الاحتلال يحاول تبخيس ثمنها، لكن الحركة ستنجز الصفقة كما نريد، وكما فعلنا في صفقة وفاء الأحرار السابقة في 2011، وهناك تعنت صهيوني، وعدم خضوع لمطالب المقاومة، مع أن المفاوضات مستمرة عبر أكثر من وسيط، والمفاوض الأساسي هو مصر، لكن حتى الآن لا يوجد انفراجة حقيقية، المقاومة تقول إذا كان العدو غير مقتنع بما لديها، فإنها ستزيد “الغلة”، حتى تجبره على إبرام صفقة مشرفة”.

تطوير منظمة التحرير

على الصعيد الفلسطيني الداخلي، أشار مشعل إلى أن “السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أصبحت مكشوفة الظهر، نتيجة التنسيق الأمني مع الاحتلال، بدليل ما حدث في نابلس مؤخراً، باستهداف ثلة من الشبان الفلسطينيين”.

وأكد أننا “لا نريد إقصاء أحد في الحالة الفلسطينية، لأننا نؤمن بالشراكة، ولكن نريد إعادة بناء المؤسسات الوطنية، واستعادة الدور الفاعل لكل أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، لأنه لا يمكن ان يستند البعض للماضي، ويعتبره كافيًا لاستمرار الوضع القائم، فلابد من إعادة المؤسسات الوطنية الجامعة، وخاصة بناء منظمة التحرير من جديد، واستعادة دور الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وشعبنا العظيم هو الأصل والسند والبيئة التي تعمل فيها القوى والفصائل”.

وأكد أن “منظمة التحرير تتآكل اليوم، لا سيما مع مقاطعة الفصائل الوازنة لاجتماع المجلس المركزي الأخير، لكننا لا يمكن أن نصنع بديلًا آخر عنها، لأنه يعني تعزيز الانقسام، وهناك حراك إبداعي فلسطيني سينجح في نهاية المطاف لجمع الكل الفلسطيني”.

وأوضح أن “المصالحة تمر بمعضلة، فالتدخلات الخارجية، والتهديد بقطع الدعم عن السلطة الفلسطينية، ومنع إجراء الانتخابات، فضلا عن عوامل فلسطينية ترفض الانتخابات، وتريد أن تبقى تستند للتاريخ فقط، لكني أرى أن فشل المصالحة سببها الرئيس فلسطيني ذاتي، والسلطة بهذه السلوكيات تفقد نفسها المكانة والدور والاحترام والشرعية”.

وأوضح مشعل أن “وجود سلطة فلسطينية بسبب اتفاق أوسلو، أمر واقع، لا يصرفنا عن أصل المرجعية، وهي منظمة التحرير التي تشمل الداخل والخارج، ولذلك هناك مساعٍ لتوحيد المؤسسات الفلسطينية القيادية، عبر جبهة فلسطينية واحدة، صحيح أننا لا نريد إقصاء أحد، لكن في الوقت ذاته لا نريد لأحد احتكار أحد للقيادة، الأمر الذي يتطلب إعادة المؤسسات الوطنية الجامعة، خاصة بناء منظمة التحرير من جديد، وباستعادة دور الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج”.

تراجع الاحتلال

وأشار مشعل إلى أن “مكانة الكيان الصهيوني تراجعت على المستوى الإقليمي، وبالتالي أمام الشعب الفلسطيني فرصة للتخلص من الاحتلال، خاصة أن الاحتلال لم يعد الأداة الفاعلة التي تركن إليها الولايات المتحدة كالسابق، وهذه التغيرات تسمح ببروز عربي وإسلامي”.

وأكد أن “هناك جانبا آخر مبشرا، وهو أن مكانة الكيان الصهيوني المتراجعة، وسينعكس ذلك على مكانته الدولية، ولم يعد معتمدا عليه أمريكيًا في المنطقة، صحيح أنه المتفوق عسكريًا، لكن هناك تناحر قيادي، وتردي في نوعيته، وتشرذم في حالته السياسية، وانعكاف وعزوف عن الخدمة العسكرية، وتردي صورته في الغرب وعند العالم، وحتى عند يهود أمريكا، حتى جاءت معركة “سيف القدس” الأخيرة التي كشفت زيف الأساليب التهويدية والأسرلة، وإبعاد القضية الفلسطينية عن أصحابها في الداخل أو الشتات”.

وأوضح أن “بدء تراجع الساحة الدولية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي ليس خياراً طوعيًا، بل بفعل صمود شعبنا، وانكشاف الاحتلال وجريمته، وهذا التراخي بدأ من بعض الشخصيات والجمعيات والأحزاب اليسارية، وصولاً للبرلمانات الأوروبية والإفريقية وغيرها”.

وأضاف أنه “من الضروري أن يكون لنا مواكبة ووعي لما يجري حولنا على الساحتين الإقليمية والدولية، وهذه تحولاتها قائمة ومستمرة، وندرك أنّها قد تصاحبها فرص، ولحظات تحتاج من يلتقطها، ويوظفها لصالح مشروعه، كما تصاحبها تحديات ومخاطر”.

واستدرك بالقول إن “تراجع النفوذ الأمريكي بالمنطقة، يخفف الوطأة على القضية الفلسطينية، وهذه فرصة وأمل للشعب الفلسطيني للتخلص من الاحتلال الصهيوني، كما أن تغيرات الساحة الدولية ستكون لها انعكاسات إيجابية على القضية الفلسطينية، وفرصة للتخلص من التبعية، والرهان على القطب الدولي الواحد”.

رفض التطبيع

إقليمياً، أكد مشعل أن “الخلافات العربية، والصراعات التي نشهدها في المنطقة، نحن في غنى عنها، ولا شك أنها صورة مؤلمة، ومنها الاستقواء الشاذ والغريب بالعدو الصهيوني، وكأن الاحتلال جزء من الحل، وليس سبباً في كل مشكلة”.

وأكد مشعل أن “التطبيع سقط شعبياً، رغم محاولات البعض تغيير المناهج التعليمية، والاستقواء بالاحتلال، والعمل على تغيير الثقافة العربية ببعض الثقافات المشروخة، لأن التطبيع سياسة رسمية قشرية في بعض الدول”.

وأشار إلى أن “موقفنا من التطبيع مع الاحتلال هو ذاته، نحن ضد التطبيع والعلاقة مع الكيان الصهيوني، سواء جاء من طرف حليف أو صديق أو قريب أو بعيد، وعندما نثبت هذا المبدأ، فلا نخوض معارك مع هذه الدول”.

وأوضح أنه “عندما لا نريد أن نخوض معارك مع الدول المطبعة، فهذا لا يعني أبدا التساوق معها، لدينا بوصلة مع فلسطين وصوبها، ولا نساوي بين من يدعمنا، ومن يطعننا في الظهر، لكننا لا ندخل في صراع معه، ومن يجرنا لهذا، لا نسمح له”.

العلاقة مع إيران

وأشار أن “علاقتنا مع إيران ليست جديدة، وقد بدأت في مطلع التسعينيات، منذ ما يزيد على ثلاثين عاما، ومبنية على فلسفة حماس أنها حركة مقاومة، ولا تستطيع التخلي عن عمقها العربي والإسلامي، لكن الدعم الذي نتلقاه من إيران وغيرها ليس مشروطا، بدليل خروجنا من سوريا بقرار من قيادة الحركة جمعاء”.

وأكد أن “علاقة حماس مع أي طرف لا تعني أن تتطابق بالرؤى معها، لكننا كحركة مقاومة نطلب الدعم والإسناد، ومن يقف معنا، ويدعمنا ماليا وعسكريا وإعلاميا نشكره، وإيران تدعمنا كما دعمنا غيرها من الدول العربية والإسلامية، لكنها تختلف عن معظمها بأنها تقدم دعمًا عسكريا وأمنيًا، سواء بالتصنيع أو التدريب أو الخبرة”.

وأضاف أننا “حركة نسعى لتحقيق مصالحها، ومنفتحون على الجميع، وقد ذهبت مؤخرا إلى لبنان، وجاهز في أي وقت للذهاب لإيران، وبابي مفتوح للجميع، ومستعد للتواصل مع الجميع، وليس عندي أحقاد مع أحد، أو مواقف شخصية تجاه أي طرف”.

وتابع أننا “عندما كنا في سوريا وجدنا أنفسنا مطالبين باتخاذ موقف مساند للنظام ضد الشعب، وحاولنا تقديم مبادرات لحل الأزمة في مهدها، لكننا كنا ضيوفا، وفضلنا المغادرة، على أن نتخذ موقفا مع طرف ضد طرف، واليوم لا يوجد جديد حول ملف عودة علاقات الحركة مع سوريا”.

وأشار إلى أن “حماس لا تفكر بعقلية المفاضلة في علاقاتها بين هذه الدولة أو تلك، بل الاستفادة من الجميع، فثمة دول تقدم السلاح للحركة، وأخرى المال، وبعضها الاحتضان، وبعضها مساحة للعمل الجماهيري والإعلامي، وهناك دول تساند في المنابر الدولية، نحن نقبل من كل جهة ما تستطيع، ونقبل السر والعلن في العلاقة، ونشكر كل دولة تدعمنا، ونشجع الجميع أن يطور مواقفه تجاه القضية الفلسطينية، كي ينخرطوا في معركة التحرير، وتكون الأمة شريكة معنا فيها”.

وأوضح أن “حماس لديها علاقة مبكرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، دون استثناء، وتنامت في فترات كثيرة، وبعضها لدينا معها أسرار وحقائق، عما قدموه على المستوى الرسمي، ولا نذكره رغبة منهم بذلك، صحيح أن هناك تراجعا في العلاقة مع بعضها، وهناك دول أخرى ما زالت علاقتنا معها وثيقة، رغم أنه ساءنا بالفعل ما أقدمت بعض الدول للتطبيع مع الاحتلال، لكن ضمير الشارع الخليجي لم يتغير في حقيقته وموقفه من القضية الفلسطينية”.

وأكد أنه “في الوقت الذي لا نستجدى الجلوس مع الولايات المتحدة أو غيرها، لكننا لا نوصد الأبواب أمام لقاء أو حوار مع أي قوى في العالم باستثناء الكيان الصهيوني، كما لدينا بعض العلاقات البسيطة في القارة الأفريقية، لكن هناك ضغوط أمريكية وإسرائيلية، ونحن نحرص على تعزيز هذه العلاقات، وتنميتها”.

وختم بالقول إننا “نؤمن بالمنهج الوسطى الواعي الذي لا يتخلى عن إرادته وحقه، وهذا مرتبط بعدة عناصر: العمل الجاد والحقيقي والمضني، ووحدة الصف الفلسطيني والعربي والإسلامي، وجمع الأمة حول المسار في الوضع الراهن، فالصورة على الساحة الإقليمية مؤلمة، خاصة النزيف العربي المستمر، وضرب الأمة بعضها ببعض، والشعوب مكلومة ومجروحة، التي كانت ترى في قضية فلسطين قضيتها المركزية، لكن اليوم معظمها مشغولة بهمومها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى