حول زيارة وفد حماس برئاسة مشعل إلى لبنان وآفاق الفعل

إبراهيم المدهون – مدير عام مؤسسة فيميد

أتت زيارة قيادة حماس برئاسة الأخ خالد مشعل رئيس حركة حماس في الخارج إلى لبنان، في ذكرى انتفاضة الحجارة وانطلاقة الحركة، حيث يحتفل شعبنا الفلسطيني بمسيرة 34 عاما من النضال والجهاد والعمل الثوري، التي قادته الحركة في الداخل والخارج، وجاءت تعبيرا عن توجهها وسياساتها بالتواصل وتحشيد مكونات شعبنا في الخارج، في ظل التحديات والصعوبات، والمهام الملقاة على عاتق المشروع المقاوم بقيادة الحركة.

تمت هذه الزيارة المهمة في وقت يركز فيه الاحتلال الإسرائيلي على نشاط حماس في الخارج، ويستهدفه إعلاميا وأمنيا، ويكثف تحريض القوى الدولية، ويعمل على إرباكه، فجاءت زيارة مشعل نوعا من التحدي في ظل خشية الاحتلال من دور أوسع لفلسطينيي الخارج، وانخراطهم بالعمل الشامل، الذي توضح معالمه وتتركز في ساحات لبنان، وظهر جليا في معركة “سيف القدس”، من حراك المخيمات الداعم ومظاهر التأييد والتفاعل العالمي، واصطفاف الأمة مع صواريخ القسام.

تعززت أهمية الزيارة بعد أحداث مخيم البرج الشمالي، وارتقاء مجموعة من خيرة أبناء حماس شهداء، مما عزز قرار مركزية الحركة بضرورة إتمام الزيارة، والعمل على تطبيب ومداواة الجراح، ووأد أي فتنة، ومواساة عوائل الشهداء، والاقتراب من الحدث، واستثماره بتحشيد قوى شعبنا ضد العدو الإسرائيلي، وقد قال الأخ أبو الوليد ليلتها، أنه “لا يعقل ألا أكون بين أهلي وأبنائي وبين عوائل الشهداء في هذه الأوقات العصيبة”، وتسابقت قيادات الحركة في الداخل والخارج ومن الأقاليم الثلاث للتوجه إلى لبنان بصحبه الأخ أبي الوليد.

لقد جاءت زيارة وقد قيادة حماس برئاسة مشعل من البوابة الرسمية للبنان، وتم التواصل مع المؤسسات الرئاسية الثلاث، والتنسيق معها، والالتقاء بميقاتي رئيس الحكومة، مما أظهر حرص الحركة على إبقاء التنسيق والترتيب مع القوى اللبنانية المختلفة، والعمل على حمل هموم الشعب الفلسطيني في لبنان، وتخفيف أعباء الحياة عنهم، ووجد الأخ أبو الوليد فرصة الزيارة للتواصل مع الجميع دون استثناء.

كما حملت الزيارة زخما سياسيا وإعلاميا مضافا، لما تحمله حماس من قوة وفعل وقدرة، ولشخصية الأخ أبو الوليد وفعاليته، وتأثيره في المشهد، ولما أثاره البعض بطرق مباشرة وغير مباشرة، من تساؤلات وعناوين، وجب توضيحها وتعزيز الرؤية الصحيحة. 

إن قرارات حماس ليست فردية بل جماعية، فزيارة قيادة حماس برئاسة مشعل إلى لبنان كانت بقرار من لجنتها التنفيذية، وبمشاركة وفد من الداخل والخارج، وبتنسيق وبترتيب وإقرار من الحركة، استكمالا للعرف التي انتهجته الحركة في اتخاذ كل قراراتها التاريخية عبر مؤسساتها، بعيدا عن المراهنة الخارجية على التفريق بين قائد وقائد، لأن ذلك لا يستقيم في ظل مؤسسات عمل متكامل ومتناسق، ومحاولة نبش الجراحات وشخصنة القرارات لا يستقيم مع حماس التي تعمل كفريق واحد في غزة والضفة والخارج وفق نموذج قيادي فريد.

لقد أعد لهذه الزيارة بشكل مسبق كإحدى أولويات الأخ أبو الوليد، بعد تسلمه رئاسة حماس في الخارج، مما يؤكد أن لدى الحركة بصورة جماعية برنامجا ورؤية لتطوير العمل المقاوم في أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، وهناك إشكاليات تحتاج متابعة حثيثة من قيادة الحركة في الخارج، خاصة وأن المخيمات الفلسطينية في دول الطوق، تحتاج اهتماما سياسيا وعملياتيا وإنسانيا ونهضويا، وتعمل قيادة الحركة على حلها، ومتابعة القضايا، والنهوض بالواقع الفلسطيني.

مع العلم أن ما أصاب هذه الزيارة من صخب سياسي وإعلامي يحسب لها، ويدل أن حضور حماس اليوم بات كبيرا وواضحا ومهما، ويحتاج مداومة وتفعيلا واستثمارا، ويدل التفاعل الواسع مع الزيارة من كُتاب رأي حماس، والنشطاء الفاعلين والمؤثرين في غزة والضفة والخارج أن هناك وحدة فهم ووعي تجاه القضايا المستجدة، وأن الأخ أبا الوليد له تقدير كبير في مكونات الحركة، مما يؤكد أن حماس اليوم تسير على بصيرة، ووعي بتعقيدات المشهد.

حماس معنية بطرق أبواب جميع القوى التي يمكن البناء معها، وتعمل على تثبيت التفاهمات، وتعزيز العلاقة والتنسيق، وطي أي سوء فهم على قاعدة أن العدو الأول والأخير والوحيد هو الاحتلال الإسرائيلي، لأننا نعيش اليوم حالة صعبة وحذرة تحتاج كل جهد، وأثبت الأخ أبو الوليد أنه قادر على استيعاب الحالة في الخارج، رغم تشابكاتها واشكالياتها، ويحمل رؤية علاجية تذهب للحلول والبناء، وتركيز العمل وبذل الجهد ضد الاحتلال فقط، معتمدا على  شعبه وأمته، ويفتح الباب مشرعا ليجمع كل قوة وكل علاقة وكل دولة وجهة، مهما كانت، من أجل مراكمة القوة الفلسطينية لصالح شعبنا وقضيته.

Exit mobile version