عام

خبراء: المؤسسات الإسرائيلية تتفكك والجيش لا يريد مواصلة الحرب

يرى خبراء ومحللون أن إسرائيل بدأت تتراجع سياسيا وعسكريا عن أهدافها الأولى للحرب في قطاع غزة، وأنها ربما بدأت تمهد لصفقة تبادل أو تهدئة للعمليات بعدما وصل الخلاف بين مؤسساتها الأمنية والسياسية إلى مرحلة التفكك، ولم يعد الجيش راغبا في مواصلة القتال.

وكانت إذاعة جيش الاحتلال قد أعلنت -في وقت سابق اليوم الاثنين- أن 3 فرق فقط (99-162-96) هي المتبقية في غزة حاليا بعد سحب مزيد من القوات.

كما قالت صحيفة “إسرائيل هيوم” إن الفرقة 36 التي تم سحبها تضم ألوية غولاني والسادس والسابع واللواء 188 إلى جانب سلاح الهندسة.

وتعليقا على هذا الانسحاب، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إنه يعود لأسباب عديدة منها تلقي بعضها -مثل لواء غولاني- لضربات شديدة على يد المقاومة، فضلا عن التوجه للمرحلة الثالثة من الحرب البرية.

وقال الدويري، خلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟” بتاريخ (15/1/2024)، إن إسرائيل سحبت غالبية قواتها من شمال غزة، لسد حاجة ميدانية في الوسط والجنوب، ومع ذلك لم تحقق أي إنجاز، مما دفعها لسحب قوات جديدة من أجل إعادة التأهيل.

ويرى الدويري أن القوات التي تم سحبها ستكون في حالة جاهزية للقتال بعد تأهليها، مشيرا إلى أن الدفع بها إلى مناطق أخرى يعني أن الحرب متواصلة ولن تتوقف، أما لو بقيت في حالة تأهب بمنطقة الغلاف، فإن هذا ربما يكون مؤشرا على التفكير في وقف القتال بطريقة أو بأخرى.

وفي السياق، قال المحلل السياسي الدكتور بلال الشوبكي إن حديث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت -اليوم الاثنين- عن مواصلة القتال حتى تحقيق النصر “أمر طبيعي، لأنه لا يريد أن يتراجع عما قاله في السابق، عندما كان يتحدث عن كثير من الإنجازات، وكرر أن استعادة الأسرى لن يتم إلا عن طريق القوة”.

ومع ذلك، فإن خطابات المسؤولين الإسرائيليين الجديدة، التي بدأت تتجاهل الحديث عن اجتثاث حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تدل على تراجع ضمني عن أهدافهم الأولى، وأنهم يريدون حفظ ماء الوجه لمجلس الحرب وخصوصا غالانت، برأي الشوبكي.

ويوضح الشوبكي أن “هذه الأحاديث تعني إدراك قادة إسرائيل العسكريين صعوبة القضاء على حركة كاملة، ولكن من الممكن توجيه ضربات معينة لها”.

ويرى الشوبكي أن هذا الحديث الإسرائيلي الجديد “يتماشى مع تغير الحديث الأميركي بشأن إمكانية التعايش مع الحركة وتقليل قدراتها الهجومية”، واصفا الأمر بأنه “استسلام بشكل أو بآخر”.

وعلى الجانب الآخر، في غزة، أشار الكاتب والمحلل السياسي أيمن الرفاتي إلى أن السكان يتوقعون صفقة تبادل أسرى قريبة، وربما تهدئة أو وقفا مرحليا للحرب، خصوصا مع مواصلة سحب القوات وتفاقم الخلافات بين المؤسسات الإسرائيلية.

ويرى الرفاتي أن سحب القوات ربما يكون استجابة بطريقة أو بأخرى لشرط المقاومة المتمثل في ضرورة وقف العدوان قبل التفاوض على الأسرى، فضلا عن أنه يعكس دعم الجيش لصفقة تبادل من أجل النأي بنفسه عن الاتهامات.

وأضاف الرفاتي “هناك معلومات بشأن طروحات جديدة وصلت للمقاومة في ملف التبادل، تزامنا مع حديث الرئيس الأميركي جو بايدن عن سعيه القوي لاستعادة الأسرى، والوضع العسكري المتأزم على الأرض”.

وفيما يتعلق بتزايد الأحاديث داخل إسرائيل عن ضرورة وقف الحرب وتبادل الأسرى، يقول الشوبكي إن بعض الوزراء كانت لديهم مخاوف بشأن الحرب في أول الأمر، لكنهم امتنعوا عن التصريح بها خشية الاتهام بعدم الوطنية، مشيرا إلى أن هؤلاء شرعوا في الإعلان عن هذه المخاوف مؤخرا “لأن ما يحدث حاليا يمثل خطرا على إسرائيل”.

ويرى الشوبكي أن هناك خلافات تضرب المؤسسات الأمنية والحكومة وخصوصا “الشاباك” الذي قدم تقارير لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحذره من تفاقم الوضع في الضفة الغربية التي لم يعد بالإمكان الحديث عن حل أمني أو عسكري فيها بعدما فشل هذا الحل في غزة.

ويبين الشوبكي أن عملية تل أبيب التي وقعت اليوم الاثنين “تعني أن سياسة اجتثاث أسلحة المقاومة لا تعني توقف العمليات بشكل أو بآخر، ولو في ظل احترازات وتخوفات أمنية”.

إلى جانب ذلك، فإن إسرائيل وجدت نفسها واقفة أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية، “وهي أمور تضع نتنياهو في مأزق، لأنه هو الذي وقف في أحد الأيام ليقول للعالم إن إسرائيل هي واحة الأمن والديمقراطية والاستثمار، وها هي الصورة تنهار أمام الجميع”، كما يقول الشوبكي.

وخلص -المتحدث نفسه- إلى أن المسألة في إسرائيل “تجاوزت الارتباك، ووصلت إلى حد تفكك المؤسسات الجذرية داخل الدولة”.

الرأي نفسه ذهب إليه الرفاتي، بالحديث عن امتلاك المقاومة أوراق ضغط مهمة في ملف التبادل، ربما يمنحها قوة التمسك بشرطها المتمثل في وقف العدوان.

كما أن المعلومات التي تم الكشف عنها -خلال اليوم الاثنين وأمس- بشأن مصير بعض الأسرى “قد تجبر الحكومة على صفقة تبادل وتجاوز العقبات التي يضعها نتنياهو وغالانت اللذان يريدان التهدئة، وليس وقف الحرب”، حسب الرفاتي، الذي يعتقد أن الجيش “لا يريد مواصلة الحرب ولا ترك الأسرى العسكريين في غزة، لكنه عاجز عن استعادتهم”.

وفي النهاية، يعتقد اللواء الدويري أن نتيناهو سيرضخ لمطلب وقف الحرب بسبب التعثر العسكري، لكنه يعتقد أن التوقيت مرهون بزيادة الضغط الداخلي من جهة والأميركي من جهة أخرى.

وخلص إلى أن واشنطن يمكنها دفع نتنياهو لوقف الحرب لو تخلت عن الضغط الخجول، وبدأت التلويح فعليا بتقليص الإمداد العسكري.

المصدر : وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى