مختصون ومراقبون يحذرون من خطورة أجندة الإحلال الديني في القدس

اعتبر الباحث في الشأن المقدسي زياد ابحيص، الأربعاء، أن استهداف الاحتلال المتكرر للأقصى كان محاولة لوضع حجر الأساس للمعبد في الأقصى، وفي عام 1996 كانت هبة النفق بعد افتتاح حكومة الاحتلال نفقًا تحت الأقصى، ثم كانت انتفاضة الأقصى عام 2000، ومن ثم تواصلت مسيرة استهداف الأقصى وتصدّت لها الهبات المتتالية من عام 2014 عبر سبع محطّات كان الأقصى مركز تفجّرها.

جاء ذلك خلال ورشة سياسية نظمتها مؤسسة القدس الدولية في إسطنبول، الأربعاء، تحت عنوان “المسجد الأقصى المبارك 2020-2021: هل يستمر مفجرا للصراع؟”، وتناولت الجلسة محور “تطورات الصعود السياسي لفكرة المعبد”.

وأشار ابحيص في ورقته التي كانت بعنوان “تطورات الصعود السياسي لفكرة المعبد”، إلى أن تطور فكرة المعبد على مدى السنوات الماضية على المستويات السياسية والأمنية والدينية والقانونية، فمن الناحية السياسية استطاعت جماعات المعبد أن تحقق تقدما في الجانب التنظيمي فاليوم هناك أكثر من 40 مؤسسة تجمع التبرعات وتتصل بأعضاء الكنيست والحكومة، وعلى مستوى الصعود النيابي، والنفوذ الحكومي.

ولفت إلى ابحيص إلى صعود أجندة للإحلال الديني لدى الاحتلال بعدما كان الإحلال يركز على الجغرافيا والسكان، وبين أن الأقصى ليس المكان الوحيد لتنفيذ أجندة الإحلال الديني، فهي موجودة أيضا في المسجد الإبراهيمي وفي مقبرة اليوسفية التي يسعى الاحتلال إلى إزالتها ليزرع في مقابلها شواهد قبور على جبل الزيتون حتى لمتوفين لم يموتوا في القدس. وأجندة تنفيذ الإحلال الديني قوامها التقسيم الزماني، الذي كان مقدمة للتقسيم المكاني، ومن ثم التأسيس المعنوي للمعبد بمعنى إقامة الطقوس التلمودية في الأقصى وكأن المعبد أقيم، وقد بات هدف جماعات المعبد في كل عيد يهودي الدعوة لفرض الطقوس أو فرض ما يمكن من طقوس، أي جعل الأقصى مركزا للحياة الدينية اليهودية.

كا رأى ابحيص أن الأعوام القادمة من 2022 حتى 2024، ستشهد تناظرا ما بين عيد الفصح العبري بأيامه السبعة والنصف الثاني من رمضان، وسيحاول الصهاينة محاكاة تقديم قربان الفصح أو تقديم القربان بشكل عملي في الأقصى، ما يعني احتمالية أكبر للاشتعال في رمضان وهذا سيستمر عامي 2022 و2023، ما سيجعل الأقصى محطة للاحتكاك تحتّم الالتفات لذلك وضرورة أن نعدّ العدة من الآن لإفشاله.

وحول الجانب الأمني، أوضح ابحيص أن جماعات المعبد أدركت أهمية دور وزارة الأمن الداخلي في تحديد مهمات الشرطة في الأقصى وقد كان وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال منذ عام 2003 من المقربين إلى هذه الجماعات؛ وقد عملت الشرطة على إحداث تغييرات في الأقصى من بينها أنها القوة الأساسية لفرض الوجود الصهيوني في المسجد، وإعادة تعريف دور الأوقاف الإسلامية في القدس التي باتت تدير الحضور الإسلامي في الأقصى وليس إدارة الأقصى بذاته كمقدّس، بينما القوة التي تفرض إدارتها على الأقصى هي شرطة الاحتلال وضابط جمل المعبد وقوة جبل المعبد.

أما في المسار القانوني، فقال ابحيص إن هذا المسار يضفي المشروعية على اتجاهات التغيير في الأقصى، وشمل هذا المسار محاولة تغيير تفسير قانون الأماكن المقدسة عبر المحاكم، وإضفاء المشروعية على اقتحامات الصهاينة، وصولا إلى فرض مشروعية الصلوات اليهودية في المسجد، بدءا من حكم بجواز الصلاة عند أبواب المسجد وصولا إلى قرار جواز الصلاة الصامتة في الأقصى.

من جانبه، استعرض المدير العام لمؤسسة القدس الدولية الأستاذ ياسين حمود جزءا من كلمة أرسلها الأمين العام لتجمّع “بالقدس يهتدون” وليد عبد الرازق والذي منع من السفر إلى الورشة، جاء فيها أن “إسرائيل أطبقت على القدس ومقدساتها وعاثت في القدس عبثا وفسادا، في المقدسات، وفي الأحياء، وفي المقابر”، وأن “الكيان الإسرائيلي غزوة استيطانية إحلالية استعمارية لا حق لها بذرة تراب واحدة أملنا في قراركم بتحرير القدس وهذا يدعونا أن نثبت ونقاوم ونصمد بشجاعة وتضحية عارمة”. وأكد أن “شعارنا نحن أبناء الرباط فهو نفنى ولا تهون القدس؛ سنبقى لها أسوارا، وللأقصى والقيامة مجدا وعنفوانا”.

وعقب الأستاذ الجامعي والكاتب الفلسطيني، عدنان أبو عامر، الذي قال إنه لا بد من إضافة بعد داخلي سياسي إسرائيلي باعتبار أن اتجاهات جماعات المعبد، حتى مع تصاعد نفوذها، تبقى محكومة باتجاهات الجهات الوزارية والأمنية. وأوضح أبو عامر أن الحكومة الحالية حكومة هشة هدفها البقاء لأطول مدة ممكنة. وقد يتيح هذه الأمر لجماعات المعبد الترويج لأجنداتها إعلاميا ودعائيا لكن من دون إسقاط حقيقي على الأرض في ظل الاعتبارات السياسية الداخلية إذ سيكون من الصعوبة بمكان إعطاء هذه الجماعات مشروعية سياسية لإقامة طقوس يهودية في الأقصى ممكن أن تفجر الوضع في القدس.

وأوضح أبو عامر أن ثمة معطى آخر يتجلى في صعود إدارة أمريكية جديدة ليست بالضرورة معادية لدولة الاحتلال وبطبيعة الحال ليست حليفة للفلسطينيين. لكن كثيرًا من حراكها في الآونة الأخيرة، خصوصًا في القدس، يشير إلى إعادة تموضع واضح في الصراع الفلسطيني عمومًا وفي القدس على وجه الخصوص. ولفت إلى أنّه من الصعوبة بمكان أن تقدم حكومة الاحتلال على إعطاء مشروعية سياسية لأجندات جماعات المعبد من دون ضوء أخضر أو غضّ طرف أمريكي، ولا يبدو حاليًا أنّ أمريكا ستعطي ضوءًا أخضر أو تغض طرفها عن الأمر.

وفي ما يتعلق بمعركة سيف القدس، قال أبو عامر إن المعركة، إلى جانب الهبة الشعبي في رمضان ومن ثم هبة الداخل المحتل، منعت مسيرة الأعلام الصهيونية. لكنه تساءل عن مدى قدرة المقاومة على التلويح بحرب كلما لاح للصهاينة خيار أو توجّه لاقتحام الأقصى أو ممارسة الطقوس التلمودية فيه. ولفت إلى أنّ المقاومة لديها خيارات أخرى من دون حصرها بالخيار العسكري.

وأشار إلى أن توجهات جماعات المعبد لا تحظى بكثير من التأييد لدى القوى الأمنية، خصوصًا جهاز الأمن العام المسؤول عن الوضع الفلسطيني، إذ يعتقدون أن الاقتراب من المكان يعني تفجر الصراع.

Exit mobile version