قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء ركن المتقاعد واصف عريقات إن الخطة “الإسرائيلية” الجديدة في شمال قطاع غزة تعكس حالة من الارتباك لدى الاحتلال وتكشف عن الأهداف الحقيقية وراءها. وتناولت صحيفة “هآرتس” العبرية خطة “الجنرالات” التي تهدف إلى إجلاء جميع سكان شمال غزة ونقلهم إلى مناطق في جنوب القطاع، مع اعتبار كل من يبقى في الشمال هدفًا عسكريًا.
وأكد عريقات أن هذا الهدف كان في ذهن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وقادة الاحتلال منذ اليوم الأول للعدوان على قطاع غزة. وأوضح أن الاحتلال وقياداته اعتبروا منذ البداية أن الهدف هو الفلسطيني، ولم يميزوا بين مدني أو مقاتل أو عسكري. وأشار إلى أن هذا النهج يتجلى في تصريحات المسؤولين “الإسرائيليين”، حيث قال أحدهم: “نقتل الفلسطينيين لأنهم فلسطينيون”.
ولفت عريقات إلى أن الهدف الحقيقي للخطة “الإسرائيلية” هو “تقطيع الأوصال والعزل وفصل الفلسطينيين بعضهم عن بعض، وتضييق الحياة عليهم”. وأضاف: “هذا هدف معلن، ودائمًا يقوم الجيش بتنفيذه، لكن من صمد على أرضه وبيته لمدة 373 يوما وتحمل كل هذه العذابات والآلام لا تنطلي عليه الآن هذه الحرب النفسية والدعائية وحرب الإشاعات والقصف الجنوني”.
وأكد الخبير العسكري أن القصف الهستيري يعكس ارتباكًا في صفوف الاحتلال بسبب عدم قدرته على تهجير الفلسطينيين منذ بداية العدوان. وأشار إلى وجود استحقاقات داخلية “إسرائيلية” بعد مرور أكثر من عام على الحرب، حيث يطالب المستوطنون بالعودة إلى مناطقهم، بينما ينتظر المهاجرون في الخارج إشارة للعودة إلى الكيان الصهيوني.
وأشار عريقات إلى وجود خلافات حادة بين المستويين السياسي والعسكري في “إسرائيل”، بالإضافة إلى خلافات مع الحليف الأمريكي. وأوضح أن هذه الخلافات ليست نابعة من دوافع إنسانية تجاه الفلسطينيين، بل بسبب عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه.
ونوّه عريقات إلى أن الاحتلال يستغل الفرصة حينما أعلن أن الجبهة الأساسية هي جبهة الشمال مع لبنان، من أجل تنفيذ مخطط ما يسمى “خطة الجنرالات”. وأكد أنه لا يعتقد أن الاحتلال سيستطيع تنفيذ هذه الخطة بعد فشله على مدار الفترة الماضية.
وشدد عريقات على أن الفلسطيني لا يمكن أن يترك أرضه، مضيفًا: “الفلسطيني في غزة قال ذلك منذ اليوم الأول، وهو يعلم تمامًا حجم التضحية والمعاناة، ويعرف أنه مدفوع للموت من أجل الحياة”.
وأشار عريقات إلى اعتراف صاحب “خطة الجنرالات” بفشله أمام صمود وثبات أهل غزة، ويقر بعدم قدرة “إسرائيل” على تحقيق النصر على حركة حماس. يأتي ذلك في الوقت الذي تنفذ فيه العملية العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا وشمال قطاع غزة.
وقال غيورا آيلاند للقناة 12 العبرية إن “إسرائيل” لن تحقق “النصر المطلق” في غزة ولبنان، حيث إن حماس وحزب الله لن يستسلما، وسيظل هناك من يواصل إطلاق النار. وأوضح آيلاند أن استمرار القتال على الجبهتين لا يخدم مصلحة “إسرائيل”، لذا من الصائب فتح الباب أمام ترتيبات سياسية على الجبهتين.
وكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته البرية والجوية في شمال غزة، حيث قامت قواته بتطويق مدينة جباليا وبعض المناطق المحيطة بها. في المقابل، تواصل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام، مقاومة غزاة الاحتلال، مستهدفةً آلياتهم المتقدمة في شمال قطاع غزة، خصوصًا في منطقة جباليا، مما أدى إلى وقوع خسائر في الأرواح والمعدات. كما يواصل آلاف من الأهالي رفضهم الخروج من مناطقهم شمال قطاع غزة، وهو ما يراه مراقبون بمثابة مقدمة واقعية لإفشال ما يُسمى خطة “الجنرالات”.