الكاتب الفلسطيني والباحث في الشأن الإسرائيلي، مصطفى إبراهيم
يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليته العسكرية المكثفة في شمال قطاع غزة، وخاصة في مخيم جباليا المحاصر منذ عدة أيام. أصدر الجيش أوامر بإخلاء السكان لمنازلهم والتوجه جنوبًا عبر محاور نتساريم وطريق صلاح الدين وطريق الرشيد الساحلي. ومع ذلك، لم تنتظر القوات الإسرائيلية تنفيذ تلك الأوامر، حيث قُتل العشرات من المدنيين، وأصيب العديد جراء القصف العنيف الذي استهدف منازل المواطنين في المخيم. السكان يرفضون النزوح لأنهم يدركون أنه لا يوجد مكان آمن في القطاع، مما يزيد من حالة الجوع ونقص الإمدادات الأساسية.
وسائل الإعلام تتحدث عن مجازر تُرتكب ضد العائلات الفلسطينية، حيث تنتشر جثث الشهداء في شوارع جباليا، ولا يستطيع الدفاع المدني انتشالها بسبب استمرار القصف. كما أجبر الجيش الإسرائيلي إدارات ثلاثة مستشفيات شمال القطاع على إخلائها والمغادرة جنوبًا.
ما يحدث في شمال قطاع غزة يوصف بأنه تطهير عرقي، إذ يواصل الجيش الإسرائيلي القتل والتدمير والاعتقال، مع حصار العائلات، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية، بهدف إجبار السكان على النزوح. من يبقى يواجه إما الموت جوعًا أو بالرصاص.
تناول عدد من المحللين العسكريين الإسرائيليين العملية العسكرية في جباليا، حيث أشاروا إلى أن هذه العملية تستند إلى خطة قديمة اقترحها الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند. الخطة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع وتجويعهم حتى الموت أو طردهم خارج البلاد كوسيلة للضغط على حركة حماس. وفقًا لهذه الخطة، يُفترض تهجير نحو 300 ألف فلسطيني إلى خارج المنطقة.
رغم نفي بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أن العملية في جباليا مرتبطة بخطة آيلاند، فإن المحللين يرون أن الأهداف الحقيقية للعملية تشمل ثلاث نقاط: الهدف المعلن هو السيطرة على جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا لمنع حماس من إعادة بناء قوتها العسكرية والمدنية هناك، بينما الأهداف غير المعلنة تتعلق بالضغط على يحيى السنوار والحد من قدرة حماس على السيطرة على المساعدات الإنسانية.
ذكرت صحيفة “واللا” الإسرائيلية نقلاً عن مسؤولين أميركيين أنهم قلقون من فرض إسرائيل حصار على شمال القطاع، حيث لا يمكن للفلسطينيين الذين ينزحون من العودة إليه. إدارة بايدن أبلغت إسرائيل أن هذه الخطوة تشكل انتهاكًا للقانون الدولي، لكنها لم تقدم أي خطوات عملية لمنعها.
العملية العسكرية تهدف إلى تدمير مراكز ثقل حماس في شمال القطاع، في حين تدعي إسرائيل أنها تسعى إلى توفير ممرات إنسانية، لكنها تتعرض لانتقادات دولية بسبب الممارسات القمعية ضد السكان المدنيين. الهدف النهائي لهذه العملية يبدو أنه يندرج ضمن مشروع طويل الأمد لتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع والسيطرة الكاملة عليه.