دواخل الفصائل الفلسطينية؛ وفرص ترتيب البيت الفلسطيني
بعيداً عن كثير من زوايا المفاضلة والقياس فيما بينهما، لنتفق على قاعدة وضرورة هامة، هي أن فلسطين وشعبها والأمة في وقت حرج، وتحتاج أول ما تحتاج القوي (الأقوياء) الحر، المتماسك الذي يجمع الكل معه نحو التحرر والحرية.
محمد أبو طاقية
بالأمس القريب .. تعلن حركة حماس عن إنطلاق إنتخاباتها الداخلية؛ ويتابع الكل سيرها ونموذجها وحقيقية المنافسة والروح فيها، وفي اليوم التالي استيقظنا على إقالات وتآكل فوق التآكل داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح .
بعيداً عن كثير من زوايا المفاضلة والقياس فيما بينهما، لنتفق على قاعدة وضرورة هامة، هي أن فلسطين وشعبها والأمة في وقت حرج، وتحتاج أول ما تحتاج القوي (الأقوياء) الحر، المتماسك الذي يجمع الكل معه نحو التحرر والحرية.
بالتأكيد أن كل مؤسسة -فضلاً عن حركات التحرر الممتدة في بيئة متسارعة- تضم تيارات، وألوان فكرية وقيادية متنوعة، ولا ننسى أنه قد يكون هناك محاولات معادية متواصلة لخلق خلافات أو تصادم داخل تلك المؤسسة، لكن المؤسسة ذات البنية والحرص، تدرك دورها في جمع هذه التنوعات، وضبطها في إطار منسجم جامع، وتحصين صفوفها عبر نظام عام ومؤسسة حية، تجعل الأشخاص مكسب للمؤسسة والحركة لا العكس.
وهنا إذا وجهت وجهك نحو حماس، تجد 4 رؤساء سابقين لمكتبها السياسي، وعشرات بل مئات القادة في مراحل ومفاصل مختلفة، في حين فتح تجد فيها قيادة الشخص الواحد الأحد، دون قانون أوسقف زمني، ودون مجالس حية، ولا قاعدة حرة مسموع صوتها، ولا نظام سوى نظام “لا أريكم إلا ما أرى”.
كل ما سبق تناوله على عجلة، لا يمنح حماس حق الإقامة في جزر الأمان والراحة، فالبناء كلما تعاقب عليه الزمن؛ زادت حاجته للعناية والتجديد، وكلما اتسعت الرقعة (السياسية، التنظيمية، الشعبية، الجغرافية، وغيرها) ارتفعت الحاجة والضرورة للمتابعة الفعالة، والتصويب الحكيم. وفي الطرف المقابل، فإن المذكور سابقاً لا يعني بالضرورة فناء حركة فتح، لكنه يضع اليد على مؤشرات خطيرة في ذلك الاتجاه، ويحذر منه بقلق متزايد وقوة. والمؤكد لنا جميعاً أن ضعفهن -فتح/حماس- ليس خيراً لفلسطين، بل مدخل سوء لمن أراد، والعكس صحيح.
نعم … مدخل سوء عبر الفرقة، وعبر توظيف الفرق المتفرقة من هذا الطرف أو ذاك، مدخل سوء عبر تسويق وتبني التفرد والانقسام بحجج متنوعة مثل: (خوفا من أن يُخسرنا ضعفنا؛ لنبقى واحد أحد)، ومدخل سوء حين يكون مصير وقرار وممتلكات وكل المؤسسات الرسمية الفلسطينية تحت يد وحكم وتفرد مثل تلك المؤسسة/الحركة المنهارة.
الحذر كل الحذر من أن يكون ضعف فلان ووضعه الخاص موجهاً وضابطاً للقرار والمستقبل الوطني العام، فبعد كل هذه الطريق والخطوات الممتدة نحو الوحدة وإعادة ضبط الصف الوطني، يجب أن تتواصل هذه الخطوات وهذه الجهود بكل أشكالها وعبر كل الوسائل (حوارات، اصلاحات، توافق، انتخابات، وغيرها)، ويجب أن لا يفكر البعض في الانقضاض عليها بسبب أزماته الداخلية أو حساباته الخاصة.
وعلى الجميع أن لا ينسى -خاصة المأزوم- أن أزماته ليست أكبر من فلسطين ومقدساتها ودماء شهدائها ومعاناة ألاف الأسرى والأسر، وليعلم أن أبرز أسباب أزمات المؤسسة هو عقلية التفرد والسيطرة بلا حسا.
ختاماً نـحن كفلسطينيين، أمام فرصة كبيرة للتوحد، ولتكون قوة القوي قوة للجميع؛ وإسناد الضعيف مهمة الكل، وأمامنا نموذج غزة وفصائلها وغرفة تنسيق المقاومة السياسية والعسكرية فيها.