يجري رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، زيارة تستمر عدة أيام إلى العاصمة الروسية موسكو، يلتقي خلالها عددا من القادة ومسؤولين رسميين، أبرزهم وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وتأتي الزيارة التي بدأها “هنية” السبت برفقة وفد من قادة الحركة، تلبية لدعوة رسمية وجهتها موسكو.
وتتطلع روسيا من خلال هذه الدعوة – بحسب محللين سياسيين فلسطينيين – إلى توسيع دورها في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يُعتبر أحد القضايا المركزية في منطقة الشرق الأوسط.
في المقابل، تهدف حركة “حماس” من خلال الزيارة – وفق المحللين – إلى تطوير علاقتها الثنائية مع روسيا، كونها دولة ذات تأثير في النظام الدولي، وحشد دعم دولي للقضية وبحث ملفات ذات علاقة بقطاع غزة الذي تديره الحركة منذ عام 2007.
وتتزامن هذه الزيارة مع توتر كبير طرأ على العلاقة بين روسيا وإسرائيل، وبدأت ملامحه تظهر بسبب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.
وقالت حركة “حماس” في بيان، إن “هنية” التقى الإثنين بوزير الخارجية سيرغي لافروف.
وأضافت أن الطرفين بحثا “تطورات القضية الفلسطينية على المستويين السياسي والميداني، وحصار غزة، وانتهاكات إسرائيل في الضفة الغربية والقدس، والعلاقات الثنائية بين الطرفين، وحق الشعب الفلسطيني في ثرواته الطبيعية وخاصة الغاز”.
ويمتلك الفلسطينيون حقلي غاز في البحر المتوسط قبالة شواطئ غزة تم اكتشافهما عامي 1999 و2000، لكن إسرائيل لم تمكنهم من استخراج الغاز والاستفادة منه.
وأُطلق على الحقل الأول اسم “غزة مارين” ويقع كليا ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية قبالة مدينة غزة، أما الحقل الثاني فهو “مارين 2” ويقع ضمن المنطقة الحدودية البحرية بين غزة وإسرائيل.
علاقة ليست جديدة
الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، يقول إن العلاقة بين حماس وروسيا “ليست بالجديدة، إنما هي علاقة ممتدة”.
وأضاف في حديثه للأناضول: “تأتي هذه الزيارة في سياقات متعددة، أولها استمرار تمكين وبناء العلاقات بين الطرفين حيث تدرك روسيا أن حماس باتت لاعبا رئيسيا في المنطقة ولا غنى عنها في سياق التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
واستكمل قائلا: “روسيا تجد في حماس عنوانا رئيسيا من العناوين المهمّة التي يجب أن تبقى قائمة”.
كما أن حركة “حماس”، بحسب محيسن، معنية في أن تبقى حاضرة في السياسة الخارجية الروسية.
وأضاف: “حماس تسعى دائما، عبر فتح آفاق علاقاتها الدولية، في البحث عن حلفاء جدد وتمكين العلاقة مع الحلفاء في العالم”.
ومن المرجح، بحسب محيسن، ووفقا لقراءات تصريحات لمسؤولين في “حماس”، أن يكون لروسيا دور في التخفيف من الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويصف محيسن الملفات التي تُطرح على طاولة النقاش بين وفد الحركة وروسيا، بـ”المهمة جدا”، ويرجّح أن تشهد العلاقة تطورا قد يرقى إلى مستوى “فتح مكتب للحركة في موسكو”.
كما يرى أن ملف علاقة “حماس” بسوريا، قد يكون هو الآخر حاضرا في اللقاءات التي ستجريها الحركة في ظل مساعيها لاستعادة “دفء علاقتها بدمشق”.
تعزيز العلاقة
بدوره، يقول المحلل السياسي مدير عام مؤسسة فيميد للإعلام، إبراهيم المدهون، إن الزيارة تأتي في إطار تعزيز علاقة الحركة مع “القوى الدولية المهمة والمركزية”.
وأضاف في حديثه للأناضول: “حماس تتطلع لتطوير العلاقة التي تربطها مع روسيا”، وأنها تسعى لحصر علاقتها مع روسيا في إطار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، دون التدخل في ملفات دولية أُخرى.
وأردف: “تريد حماس من روسيا موقفا داعما ومتوازنا في حق الشعب الفلسطيني في التحرير، وهي غير معنية في الدخول بقضايا دولية”.
ويرى أن “حماس” تتطلع إلى توسعة الدور الروسي في القضية الفلسطينية “كي تقلّص من تغوّل الدور الأمريكي في القضية”.
توقعات وتطلعات
ويعتقد المدهون أن العلاقة الواسعة التي باتت تربط “حماس” بروسيا قد تُثمر على عدة أصعدة، من بينها الصعيد الدبلوماسي “وفتح مكتب للحركة في موسكو”.
وقال: “من الممكن أيضا إطلاق برامج مشتركة بين الطرفين، واستجلاب الدعم الروسي في قطاعات فلسطينية معينة مثل التعليم والصحة”.
وتتطلع حركة “حماس”، بحسب المدهون، إلى “وجود دور روسي أكبر في القضية للضغط على الاحتلال ووقف انتهاكاته”.
وأردف: “من الممكن أن تدخل روسيا في بعض الملفات كوسيطة، مثل ملف المصالحة، والضغط على السلطة الفلسطينية لإعادة بناء منظّمة التحرير”.