تواصل محكمة الاحتلال المركزية بالقدس، النظر في التماس عائلتين فلسطينيتين ضد قرارات إخلائهما من منزليهما، في بلدة سلوان بالمدينة.
وعائلتي غيث وأبو ناب، هما من أصل 19 عائلة أصدرت محكمة الصلح الإسرائيلية (ابتدائية) قرارات مطلع العام الجاري، بإخلاء منازلها، في حي بطن الهوى في البلدة، لصالح مستوطنين يهود.
ونهاية مايو/أيار الماضي، أرجأت المحكمة المركزية النظر في التماس قدمته عائلة الرجبي، حتى نهاية العام الجاري.
ولكن العائلات التي يصل عددها 86 وعدد أفرادها 725 تخشى قرارات وشيكة بإخلائها من منازلها لصالح جمعية “عطيرات كوهانيم” الاستيطانية، التي تنشط بالاستيلاء على منازل فلسطينية بالبلدة.
ويقول فخري أبو دياب، عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان “هناك 86 عائلة مهددة بالطرد من منازلها في بطن الهوى التي أقيمت ما قبل الاحتلال عام 1967 لصالح الجماعات الاستيطانية”.
وأضاف لوكالة الأناضول “الجماعات الاستيطانية اليهودية تدعي أن المنازل أقيمت على أرض كانت مملوكة ليهود قبل العام 1948، وهو ادعاء باطل لا أساس له، ولا يوجد أي وثائق تدعم مزاعمهم هذه”.
وتابع أبو دياب “نتوجه إلى المحاكم لإبطال هذه القرارات، ولكن المحاكم عادة ما تنحاز إلى طرف المستوطنين الذين يتلقون الدعم أيضا من الحكومة والمؤسسات الإسرائيلية، بما فيها ما يسمى بحارس أملاك الغائبين ودائرة أراضي الاحتلال وغيرها”.
ومحاولة إبطال قرارات الإخلاء مضنية على نحو خاص، فهي تبدأ بمحكمة الصلح، مرورا بالمحكمة المركزية، ووصولا إلى المحكمة العليا التي لا يمكن الاستئناف على قراراتها، باعتبارها أعلى هيئة قضائية في دولة الاحتلال.
وقال أبو دياب “المرور بهذه المراحل بالمحاكم، يتسبب بالضرر النفسي الكبير على السكان وخاصة الأطفال، فأنت لا تعلم متى سيتم طردك من منزلك، فتنتظر قرارات المحكمة وتنتقل من محكمة إلى أخرى وأنت على علم بأن هذه المحاكم لن تنصفك”.
وأضاف “تم تأجيل القرار في المحكمة المركزية بالاستئناف المقدم من عائلة الرجبي حتى نهاية العام الجاري، ولكن هذا تأجيل وليس إلغاء، فأنت تبقى تحت ضغط نفسي بانتظار قرار المحكمة”.
وتابع أبو دياب “التأجيل هو هو محاولة لانتظار انحسار النشاطات الشعبية الرافضة لقرارات الهدم والإخلاء، ومن ثم قد ينقض المستوطنون علينا في أي وقت”.
وسبق لجمعية “عطيرات كوهانيم” الاستيطانية أن قالت إنها تريد تحويل حي بطن الهوى، إلى مستوطنة.
وليس ببعيد عن حي بطن الهوى، يقع حي البستان الذي تهدده أكبر عملية هدم في مدينة القدس.
وتخطط سلطات الاحتلال الإسرائيلية لإقامة حديقة توراتية على أنقاض الحي المكتظ بالسكان الفلسطينيين، حيث تزيد عدد المنازل المهددة في الحي عن مائة، يقطنها 1550 شخصا، نسبة كبيرة منهم من الأطفال والنساء.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2004، أمرت البلدية الإسرائيلية في القدس بهدم ما أسمته “البناء غير القانوني” بداعي الحفاظ على المنطقة “عامة مفتوحة”.
وفي مطلع عام 2005 بدأت البلدية الإسرائيلية بتوزيع أوامر هدم على سكان البستان، وقامت البلدية خلال العام نفسه بهدم بيوت تابعة لعائلتين في الحيّ.
ولكن إثر ضغوط دولية، وافق رئيس بلدية الاحتلال الإسرائيلية، على تعليق قرارات الهدم، زاعما أنه سيسمح للسكان بمحاولة “ترخيص” بيوتهم عبر تقديم مخططات للبلدية.
واستعان السكان بخدمات مخططة إسرائيلية، وفي عام 2006 قدّموا اقتراحًا لخارطة هيكليّة لحيّهم.
ورغم أنّ المخطط جُهّز بالتنسيق مع سلطات التخطيط، إلا أنّ لجنة التخطيط اللوائية رفضت المخطط عام 2009، بادّعاء ضرورة الحفاظ على المنطقة مفتوحة.
وفي عام 2009 اقترحت البلدية الإسرائيلية على السكان، ترك منازلهم طواعية إلى منطقة أخرى بالمدينة.
ولكنّ السكان رفضوا هذا الاقتراح، مؤكدين تمسكهم بالبقاء في منازلهم، لمنع تنفيذ مخطط استيطاني في المنطقة.
ومطلع 2010 قدّمت البلدية الإسرائيلية مخططًا جديدًا، يشمل إقامة متنزّه سياحيّ اسمه “حديقة الملك” في حي البستان، مشيرة الى أن هذا يتطلب هدم نحو 22 من المباني القائمة على أن يجري النظر في مصير باقي المباني.
وفي مارس/آذار من ذات العام، أبلغت البلدية محامي سكان الحي بقرارها هدم الحي بأكمله.
وقال أبو دياب “هناك مائة منزل مهددة بالهدم في أي وقت، وهو ما يهدد أيضا بتشريد 1550 شخصا”.
وأضاف “خلال اليومين الماضيين تم تسليم 13 عائلة قرارات هدم إدارية، تنص على أن أمام أصحاب المنازل مهلة 21 يوما لهدم منازلهم بأيديهم، وإلا فإنها سلطات الاحتلال) ستقوم بهدمها، مع تغريم كل واحد منهم نحو 9 آلاف دولار أمريكي أجرة عملية الهدم”.
وتابع “العائلات في وضع نفسي صعب، في حين أن طاقم المحامين يقولون إنهم ليسوا على ثقة من أنهم سيكونون قادرين على وقف عمليات الهدم هذه”.
وكانت دعوات دولية، قد تصاعدت في الأسابيع الأخيرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، لوقف الإجراءات التي من شأنها تأجيج الوضع المتوتر أصلا، في مدينة القدس الشرقية.
وقال أبو دياب “فقط الضغط الدولي، المتزامن مع التحرك الجماهيري، يمكنه وقف عملية التهجير العرقي التي تخططها “إسرائيل” في عدد من الأحياء بمدينة القدس، بما فيها سلوان والشيخ جراح”.
وأضاف “المخططات الإسرائيلية تستهدف وجودنا في سلوان باعتباره خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى من جهته الجنوبية”.
وينظم الفلسطينيون فعاليات شعبية، بما فيها إقامة خيام للاعتصام؛ كما يحرصون على الاحتشاد أمام المحاكم الإسرائيلية التي تنظر باستئنافات ضد قرارات الإخلاء، ولكنهم يخشون من أن تنفيذ قرارات الهدم أو الاخلاء قد تكون وشيكة جدا.