شاهد عيان يروي لـوسائل الإعلام أحداث مجزرة الأقصى قبل 30 عاما
روى شاهد عيان من القدس المحتلة لـوسائل الاعلام، أحداث “مجزرة الأقصى الأولى” التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل 30 عاما.
ففي الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 1990، استيقظ الشعب الفلسطيني، على سيل من الدماء تجري في باحات المسجد الأقصى ومدينة القدس، حين أطلق جنود الاحتلال الرصاص بكثافة، ما أدى إلى استشهاد 21 فلسطينيا، وإصابة نحو 150 آخرين، واعتقال ما يزيد على 270 مصليا.
وأطلق على هذه المجزرة، “مجزرة الأقصى الأولى”، لأنه في عام 1996، وقعت على يد قوات الاحتلال مجزرة أخرى في المسجد الأقصى، عرفت بـ”مجزرة الأقصى الثانية”.
وعن الأجواء التي سبقت مجزرة الأقصى الأولى، أوضح الأسير المحرر المبعد إلى غزة، شعيب أبو سنينة (53 عاما)، أن “الأجواء كانت مشحونة جدا، وتهديدات سلطات الاحتلال لشعبنا كانت متواصلة، وخاصة عقب تنظيم استعرض بأدوات الانتفاضة الأولى البسيطة، قام به شبان مقدسيين في حي بلدة سلوان القريب من الأقصى”.
ونوه في حديث لوسائل الاعلام، أن “جماعات الهيكل المزعوم، كانت لديهم نية لوضع حجر الأساس للهيكل المزعوم داخل الأقصى، ما عزز الغيرة والخوف على الأقصى، ودفع بالمقدسيين إلى الرباط والاعتكاف في تلك الليلة داخل الأقصى، لمنع ما تخطط له الجماعات اليهودية”.
وأكد أبو سنينة، أن “القدس في هذه الأوقات كانت تغلي وكانت ثكنة عسكرية لجيش الاحتلال، وقوات الاحتلال كانت بحالة استنفار قصوى وبالمئات داخل القدس، واعتلى جنود وقناصة جيش أسطح المنازل والمدراس المطلة والمحيطة على الأقصى والأسوار، وقاموا بنصب الحواجز داخل القدس وعلى مداخل الأقصى وأسواق القدس”.
ولفت أنه في صباح هذا اليوم، كان يعمل في مدرسة البكرية التي تطل على الأقصى بشكل مباشر (تقع على السور الشمالي للأقصى)، على مدخل باب “شرف الأنبياء” (الباب العتم)، مؤكدا أن “نية ارتكاب مذبحة، كانت مبيته لدى جيش الاحتلال، الذي أطلق الشرارة الأولى للأحداث، حينما اعتدى على المصلين المتواجدين بشكل طبيعي داخل المسجد القبلي وفي الساحات، في تمام الساعة الـ11:15، حيث انهالت في البداية قنابل الغاز المسيل للدموع على المصلين؛ الذين تواجد بينهم العديد من العلماء ومن بينهم الشيخ حامد البيتاوي، وحينها هب الجميع للدفاع عن أنفسهم وعن المسجد الأقصى”.
قناصة الاحتلال
وأضاف: “لم يصل أي مصل إلى أبواب الأقصى وخاصة باب المغاربة (يتم من خلاله اقتحام المتطرفين للأقصى) أو السلسلة، ولم يرجم أي أحد جنود الاحتلال الذين اقتحموا الأقصى بكثافة وتواجدوا في جميع الأماكن”، منوها إلى أن “المتطرفين وصلوا إلى ساحة البراق وباب المغاربة من الخارج، ولم يتمكنوا وقتها من اقتحام الأقصى”.
ومن بين الأحداث التي تؤكد نية القتل المبيت لدى جنود الاحتلال، والتي أوردها شاهد العيان، الذي اعتقلته قوات الاحتلال في وقت متأخر من ذاك اليوم واعتدت عليه بالضرب المبرح، ذكر أن “المقدسي “أبو ذكي النتشة”، تواجد على صحن الصخرة، وحاول الاحتماء خلف عمود مربع من قناصة الاحتلال الذي كانوا يطلقون الرصاص بكثافة صوب المصلين، وكلما حاول الخروج، يتم إطلاق الرصاص صوبه، حتى أنه أصيب برصاصة تسببت ببتر أحد أصابعه، رغم أنه لم يشكل أي خطر على جنود الاحتلال”.
وبين المحرر، أن جنود وقناصة الاحتلال في هذا اليوم، كانوا “يطلقون النار على كل من يتحرك داخل الأقصى”، موضحا أن “المواجهات اندلعت عقب اعتداء قوات الاحتلال على المصلين؛ الذين لم يشكلوا أي خطر على قوات الاحتلال التي اقتحمت الأقصى، وأطلقت الرصاص بكثافة داخل وخارج الأقصى، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات”.
وأشار إلى أن سيارات الإسعاف داخلت عبر باب الأسباط، وبدأت بنقل الشهداء والمصابين بالعشرات، وأطلقت نداءات عبر مكبرات الصوت من أجل ضرورة التوجه إلى المستشفيات للتبرع بالدم”، متسائلا: “إذا لم تكن نية القتل مبيتة لدى جيش الاحتلال، فلماذا كانوا يطلقون الرصاص على المتواجدين في شوارع القدس؟”.
ونوه إلى أن “حالة هستيرية ضربت القدس، بسبب عدوان جيش الاحتلال، وإطلاق النار بكثافة صوب كل متحرك من قبل القناصة الذين اعتلوا أسطح المنازل والمدارس”، مؤكدا أن “قناصة الاحتلال، قاموا بممارسة القتل المتواصل بإطلاق الرصاص صوب المقدسيين من نوافذ المدرسة التنكزية”.
الرد الفلسطيني
ونبه أبو سنينة وهو أحد محرري “صفقة جلعاد شاليط”، إلى أن “من أول الشهداء الذي تصدوا لاقتحام قوات الاحتلال، الشهيد برهان الدين عبد الرحمن كاشور (19 عاما)، أصيب في رأسه برصاصة تسببت بشطر رأسه نصفين”، مؤكدا أن “قوات الاحتلال التي كانت مدعومة بطائرة عمودية عسكرية، استخدمت رصاصا من نوع دمدم محرما دوليا، وكافة القوات من حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية والجيش، كلهم كانت لديهم أوامر بالقتل”.
وأفاد بأن “هذه الأحداث الدموية واعتداءات جيش الاحتلال ضد المقدسيين، استمرت على مدار نهار ذاك اليوم، حيث تم إغلاق الأقصى، وطرد الناس واعتقال المئات”، موضحا أن “الناس خرجوا في مظاهرات غضب وتكبير في شوارع القدس، استنكارا لهذه المجزرة”.
وعقب هذا اليوم الدموي، نبه إلى أن “إجرام جيش الاحتلال بحق المقدسيين، تسبب بحالة غضب شعبي، وخرجت العديد من المظاهرات المطالبة بالرد على هذه المجزرة البشعة، فكانت أول عملية رد في حي البقعة، نفذها “مفجر حرب السكاكين” عامر أبو سرحان (أسير محرر ضمن صفقة شاليط)، حيث تمكن من تنفيذ علمية طعن أدت إلى مقتل 3 جنود إسرائيليين، وبعدها وقعت سلسلة من العمليات”.
وفي صباح هذا اليوم الدموي، ارتجت المدينة المقدسة من الدعوات التي صدحت بها مكبرات الصوت في مختلف مساجد القدس من أجل الدفاع عن الأقصى، حين حاولت ما تسمى جماعة “أمناء جبل الهيكل” اليهودية المتطرفة، وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم ضمن احتفالاتها بـ”عيد العرش” اليهودي”.
وهب المرابطون في الأقصى، لصد المتطرفين الذين قادهم في يومها غرشون سلمون تحت حماية جيش الاحتلال، الذي اعتدى على المصلين بشكل عنيف، وصل لدرجة استخدام طائرات عسكرية، ساهمت في قتل وإصابة عشرات المصلين.
وسبق هذه المجزرة، تحضيرات الجماعات المتطرفة، حيث أعلن قبل أيام من المجزرة، عن عزمهم تنظيم مسيرة تهويدية في القدس، سيتم خلالها وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم، حيث وصف زعيمهم سلمون تواجد المسلمين في الأقصى وإدارتهم شؤونه بأنه “احتلال عربي إسلامي”، زاعما أن ملكية المسلمين للمسجد الأقصى “يجب أن تنتهي وعلى اليهود تجديد علاقاتهم العميقة بالمنطقة المقدسة”، بحسب قوله.