شهادات صادمة عن إعدام الاحتلال عشرات المسنين في غزة

أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، توثيقه إعدام قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات المسنين الفلسطينيين بعمليات إطلاق نار مباشرة دون أي مبرر، في قطاع غزة، في وقت تواجه فيه هذه الفئة الهشة من المدنيين الفلسطينيين معاناة مضاعفة بعد أن حولتها “إسرائيل” إلى أهداف مشروعة منذ بدء عدوانها الواسع في 7 أكتوبر الماضي.

وقال الأورومتوسطي في بيان له، إنه وثق في حصيلة غير نهائية استشهاد 1049 مسنًا من الذكور والإناث، خلال 76 يومًا من العدوان، بما يقارب 1% من إجمالي عدد المسنين في قطاع غزة البالغ عددهم 107 آلاف مسن، وبما يقارب 3.9 % من إجمالي الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي.

وأشار إلى أن الغالبية من هؤلاء استشهدوا سحقًا تحت أنقاض منازلهم أو مراكز الإيواء التي لجؤوا إليها بعدما قصفتها الطائرات الإسرائيلية على رؤوسهم، أو خلال تحركهم الاضطراري لقضاء حاجاتهم الأساسية في الشوارع والأسواق، فيما الخطير أن العشرات منهم تعرضوا لعمليات تصفية وإعدادات ميدانية.

وأبرز المرصد تلقيه شهادات صادمة عن تصفيات جسدية وإعدامات ميدانية تعرض لها عشرات المسنين ممن تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، بما في ذلك عمليات إطلاق نار مباشرة من الجنود بعد الطلب منهم مغادرة منازلهم، وفي بعض الحالات جرت إعدامات بعد لحظات من الإفراج عنهم بعد ساعات أو أيام من الاحتجاز والاعتقال التعسفي.

وأشار في هذا الصدد إلى استشهاد الدكتور أكرم أبو حصيرة، وزوجته، وهما مسنان، يوم الخميس 21/12/2023، بعدما أخرجتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي من منزلهما في شارع اليرموك بمدينة غزة، وأطلق الجنود الرصاص عليهما، وتركاهما ينزفان حتى الموت، قبل حرق منزلهما، وتمكن ذوهما من نقلهما ودفنهما بعد تراجع قوات الاحتلال عن المنطقة، وفق ما أفاد نجلهما الدكتور محمود أبو حصيرة.

كما وثق المرصد استشهاد المسن أحمد سليمان حسن محمد عبد العال (60 عاما) وهو يعاني من مرض نفسي في منزله في مخيم جباليا في 13/12/2023، بعد تعرضه لإطلاق نار من قوات الاحتلال، عقب اقتحامهم المخيم ومن ثم المنزل بعد حصار المستشفى اليمني لعدة أيام. 

وأشار الأورومتوسطي إلى توثيقه استشهاد المسن عبد الناصر خضر حبوب (62 عاماً) بعدما تعرض لإعدام ميداني باستهداف بقذيفة مدفعية أطلقته قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاهه بعد قليل من الإفراج عنه بعد يومين من الاحتجاز وقتل معه الدكتور أحمد حمدي أبو عبسة (38 عاماً) وعميد كلية تكنولوجيا المعلومات في جامعة فلسطين.

وأفاد شاهد عيان للأورومتوسطي بأن حبوب وعائلته لجؤوا لمدرسة العائلة المقدسة بعد قصف إسرائيلي لمنزل كانوا يلجؤون إليه بعد أن نزحوا عن منزلهم قبل ذلك إثر قصف سابق في مدينة غزة، وفي اليوم التالي لوصولهم المدرسة، أي في 8/12/2023، اقتحمت قوات الاحتلال المدرسة واعتقلت جميع الرجال الموجودين فيها وبعض النساء حيث ثم عروا الرجال واقتادوهم إلى جهة مجهولة.

وأضاف “بعد منتصف ليلة العاشر من ديسمبر أفرجت قوات الاحتلال عن بعض كبار السن ومجموعة من المعتقلين وهم عراة من ثم استهدافهم بعد عدة دقائق بقذيفة دبابة وحلقت فوقهم طائرة كواد كابتر، وهو ما أدى إلى استشهاد المسن حبوب وبرفقته الأكاديمي أحمد أبو عبسة”.

وأشار المرصد إلى توثيق إعدام قوات الاحتلال المسن نواف محمد موسي الزعانين في 10/12/2023، أثناء إجلاء مدرسة عوني الحرثاني في مشروع بيت لاهيا شمال غزة. ‏والمسن الزعانين من سكان بيت حانون، وهجر وعائلته عدة مرات حتى اقتحمت قوات الاحتلال المدرسة التي نزحوا إليها وجرى إعدامه بعيار ناري مباشر في رأسه.

ووثق المرصد إعدام قوات الاحتلال المسن “بشير حجي” (71 عاما) من سكان حي الزيتون في مدينة غزة، أثناء عبوره طريق “صلاح الدين” الرئيسي في 10/11/2023، بعد أن نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي صورة تظهر أحد جنوده وهو يتحدث معه للإدعاء بمساعدته المدنيين الفلسطينيين وتوفير الحماية لهم أثناء نزوحهم.

وأفادت “هالة حجي” وهي حفيدة المسن “حجي” لفريق الأورومتوسطي بأن جدها الذي ظهر في صورة نشرها جيش الاحتلال الإسرائيلي، قد تعرض للقتل العمد بإطلاق عدة أعيرة نارية عليه في منطقة الرأس والظهر وإعدامه خلال عبور طريق النزوح بطريقة بشعة.

كما أبرز المرصد إعدام قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي الدكتور محمد عيد شبير (77 عاما)، وهو رئيس الجامعة الإسلامية في غزة، سابقاًـ مع زوجته رحاب محمد شبير (74 عاما)، بتاريخ 11/11/2023.

وأفادت ابنته للأورومتوسطي بأن “الطائرات الإسرائيلية قصفت منزل خالتها في شارع أبو حصيرة في غزة، ما أدى إلى استشهاد 5 مدنيين، ونجاة 15 غالبيتهم من النساء والأطفال، وكان منهم والديّ وزوجة أخي نجاة أيوب الحلو وابن أخي محمد مالك شبير وقد خرجوا أحياء فارين إلى الشارع، حيث أرسلت والدتي رسالة استغاثة، وسمع صوت والدي بعد القصف ينادي على أحد أحفاده، وبعد أكثر من 24 ساعة أجبر الجيش الناجين على إخلاء المكان والخروج مشيا إلى مستشفى الشفاء، من بينهم بعض الجرحى وكبار السن، تاركين جثث الشهداء تحت الأنقاض، وفي الطريق شاهد من خرجوا في طريقهم زوجة أخي وابن أخي وقد استشهدوا في الشارع، وبعد بدء الهدنة بتاريخ 25/11/2023، عثر على والديّ في الشارع بالطريق المعاكس للشفاء جثامين هامدة بعد أن تعرضوا لإطلاق النار من قناص الجيش”.

ووثق المرصد استشهاد مدير مستشفى الوفاء للمسنين الطبيب مدحت محيسن وإصابة أطباء آخرين بعد قصف نفذته الطائرات الإسرائيلية للمستشفى ومركز رعاية المسنين في مدينة غزة في 17/11/2023، علمًا أن مركز الوفاء لرعاية هو الوحيد لإيواء ورعاية المسنين في قطاع غزة.

وأكد الأورومتوسطي أن هذه الحالات ما هي إلاّ نموذج لعمليات إعدام وتصفية جسدية تعرض لها عشرات المسنين، في المناطق التي تشهد توغلات للقوات الإسرائيلية.

وذكر أن المسنين يدفعون ثمنًا باهظًا للهجمات غير المتناسبة التي تنفذها قوات الاحتلال، فإلى جانب استشهاد المئات منهم، أصيب عدة آلاف أيضًا بجروح.

كما أشار الأورومتوسطي إلى توثيق اعتقال قوات الاحتلال العشرات من المسنين بما فيهم رجال ونساء تزيد أعمارهم عن 70 عامًا، وهناك حالة 80 عاما، وتعرضوا إلى عمليات تعذيب وتنكيل دون أي مراعاة لحالتهم الصحية أو سنهم المتقدم، وحرموا من الحصول للعلاج، وفق إفادات من معتقلين مفرج عنهم.

وحذر المرصد من أن خطر الموت يتهدد جديًا عشرات الآلاف من المسنين بالنظر لأن 69 % من هؤلاء المسنين يعانون من أمراض مزمنة، وأغلبهم لم يتلق أي رعاية صحية بسبب غياب حد أدنى من الرعاية الصحية وخروج أغلب المستشفيات عن الخدمة، واستخدام “إسرائيل” التجويع كسلاح حرب.

كما أشار إلى المعاناة الخاصة التي يواجهها المسنون في مخيمات النزوح حيث تفتقر مراكز الإيواء ومخيمات النزوح لأي خدمات أو رعاية تلائم أوضاعهم الصحة وتقدمهم في العمر وعجم احتمالهم أجواء البرد، وحاجتهم المتكررة للذهاب إلى الحمام، في حين أن كل حمام مخصص لما يتراوح بين 700 – 1000 شخص على الأقل.

وأكد الأورومتوسطي أن هذه الفئة الهشة من المدنيين يفترض أن تحظى بحماية إضافية عن الحماية اليت يوفرها القانون الدولي الإنساني للمدنيين، غير أن “إسرائيل” استباحت كل ذلك وحولت كل الفئات الهشة من أطفال ونساء ومدنيين إلى أهداف مشروعة وسط صمت وتواطؤ من المجتمع الدولي.

وشدد على أن “إسرائيل” تمارس حملة عقاب وقتل جماعي وتستبيح الفئات الهشة في المجتمع الفلسطيني بشكل لم يحدث له مثيل في الحروب والنزاعات المسلحة في التاريخ الحديث، بما يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي وخرق جسيم لقواعد الحروب.

وطالب أطراف المجتمع الدولي لا سيما الدول الموقعة على اتفاقية جنيف بالاضطلاع بمسئولياتها بتوفير الحماية للمدنيين في قطاع غزة.

وشدد على أن مطلب وقف إطلاق النار بات ملحًا وفوريا لوقف جريمة الإبادة الجماعية، وصولا إلى إجراء تحقيقات دولية وضمان المحاسبة والمساءلة على هذه الجرائم المروعة التي تشكل وصمة عار جبين الدول التي تلتزم الصمت أو تتواطأ في تشجيع “إسرائيل” على الاستمرار في هذه الإبادة.

المصدر: وكالات

Exit mobile version