نشر الطبيب الفلسطيني والعامل في إحدى المشتشفيات التركية الرسمية سعيد الحاج سلسلة تغريدات عبر حسابه على تويتر يشرح فيها آخر المستجدات الصحية في تركيا، والتي تخوض سباقاً محموماً في عمليات التطعيم حيث ناهز عدد الملقحين في عموم البلاد الـ 42 مليونا حتى مساء الأمس وفقا للإحصائيات الرسمية المعلنة من وزارة الصحة.
وعلق الحاج على الإجراءات الأخيرة التي أعلنها الرئيس التركي رجب أردوغان بالأمس وفي مقدمتها إنهاء العمل بالاحترازات والقيود السابقة وعودة الحياة إلى طبيعتها بالقول: “مع قرار إلغاء الحظر في تركيا بدءاً من أول تموز المقبل، بل قبل ذلك مع الأعداد الكبيرة من الحاصلين على اللقاح، قرأت عدة منشورات تبشّر بانتهاء الوباء بشكل نهائي في تركيا وربما العالم”.
وأضاف: “كلّي أمل بأن يكون ذلك صحيحاً، لكنني أخشى أنه تقييم مبكر جداً ولا يتناسق مع السياق الحالي للجائحة في العالم، وأرجو ألا نندم في تركيا على قرار العودة للحياة الطبيعية بشكل كامل بهذه السرعة”.
فيما أوضح الحاج على أن “هذا التقييم مأخوذ إلى حد كبير نتيجة تراجع حالة الوباء (أعداد المرضى والوفيات) في الفترة الأخيرة وبوتيرة أخذ اللقاح المتسارعة مؤخراً، لكنه يغفل حقائق أخرى قد تكون أكثر أهمية”.
وسلط الطبيب الفلسطيني الضوء على العديد من النقاط التي كان يجب على الحكومة أخذها بعين الاعتبار بوجهة نظره قبل رفع القيود والضوابط الصحية عن البلاد في مطلع الشهر المقبل، والتي هي كالآتي:
أولا: رغم وتيرة التلقيح المتسارعة مؤخراً فإن تركيا ما زالت بعيدة عن الوصول لنسبة تضمن المناعة المجتمعية (%60-75 مثلاً)، لأن تركيا عاشت مشكلة في البدايات في استيراد اللقاحات واكتفت في الفترة الأولى بلقاح سينوفاك الصيني والذي تأخر، وتأخرت معه تركيا في برنامج التلقيح بشكل ملحوظ.
ثانيا: حصل حوالي 42 مليون شخص على اللقاح (يضاف لهم عدد المصابين)، لكن 14 مليوناً منهم فقط أخذوا الجرعة الثانية، بينما 28 مليوناً اخذوا الأولى.
والجرعة الأولى ليست كافية للمناعة عند المعظم، والذين حصلوا على اللقاحات قبل أشهر طويلة قد تكون تراجعت مناعتهم وسيحتاجون قريباً لجرعة ثالثة.
ثالثا: ذهبت تركيا سابقاً لفتح المجال العام وإلغاء الإجراءات الوقائية بشكل سريع مرة واحدة دون تدرج، وكانت النتيجة – كما في بلاد أخرى – ذروة جديدة للمرض. واليوم هناك مخاوف بنفس الاتجاه.
رابعا: صحيح أن معظم المؤشرات في تراجع في تركيا لكن هناك بلاد كثيرة عادت الأعداد فيها للزيادة بسبب طفرة “دلتا”
وليست هناك ضمانات بألا تنتشر هذه الطفرة في تركيا بل إن منطق الوباء يقول إنها غالباً ستفعل، لا سيما مع حرص الحكومة على الموسم السياحي واستقدام المسافرين والسياح من الخارج.
خامسا: كان الأفضل الذهاب لإلغاء الحظر وباقي الإجراءات بشكل بطيء ومتدرج، وتحديداً بعد أن ترتفع نسبة الحاصلين على جرعتين من اللقاح بشكل ملحوظ. مثلاً مع نهاية الصيف وبداية الخريف، وكان ذلك ليضمن سيطرة أكبر على الوباء ومرحلة خريف-شتاء مريحة أكثر.
سادسا: يتضح من كل ذلك أن الأبعاد الاقتصادية حاضرة بقوة في القرار وأنه ليس قراراً صحياً صرفاً، وهو ما يدفع لعدم المبالغة في التفاؤل، وبالتأكيد عدم التهاون في الإجراءات الفردية لفترة إضافية. فالوباء لم ينته بعد في ظل الطفرات الحالية، فما بالنا لو ظهرت طفرات جديدة أيضاً لا قدر الله؟
واختتم حديث بالقول: “حمى الله تركيا وجميع بلادنا العربية والاسلامية والعالم أجمع من هذا الوباء”، متأملا تحول الأمنيات المتفائلة على حده وصفه إلى واقع رغم أن الوقائع تدفع للحذر وليس للتهاون.