بحصانها الخشبي وآثارها الضاربة في عمق التاريخ الإنساني تحتفظ مدينة “طروادة” غربي تركيا، بأهميتها على خارطة السياحة الثقافية العالمية.
وتقع مدينة “طروادة” التاريخية داخل حدود بلدة “توفيقية” بولاية جناق قلعة المطلة على بحر إيجه غربي تركيا.
وازدهرت “طروادة” في الألف الثالث قبل الميلاد، واشتهرت بقصة “الحصان الخشبي” الذي اختبأ داخله الجنود الإسبرطيون، وتسللوا ليلا لفتح أبواب المدينة أمام جيوش الملك منيلاوس، ملك إسبرطة بقيادة أخيه أغاممنون، الذي حاصر المدينة قرابة عشرة أعوام.
وتعتبر “طروادة” واحدة من المواقع الهامة للدراسات الأثرية في العالم، حيث تمتلك تاريخًا يرجع لـ5 آلاف و500 عاما، وشكلت ساحة مهمة لعمل علماء الآثار خلال السنوات الـ157 الماضية.
ويعمل علماء الآثار للعثور على قطع أثرية جديدة في “طروادة” المدرجة في قائمة التراث الثقافي العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
** ملحمة الإلياذة
في حديث للأناضول قال الدكتور رستم أصلان، عضو الهيئة التدريسية في قسم الآثار بكلية الآداب والفنون في جامعة جناق قلعة، إن “طروادة تمتلك تاريخا يرجع لـ5 آلاف و500 عاما، وبدأ اكتشاف حفرياتها عام 1863”.
وأضاف أصلان الذي يرأس لجنة التنقيب في طروادة أيضا أن “المدينة القديمة تحولت إلى منطقة مقدسة في القصص البطولية بملحمة “الإلياذة” لهوميروس، التي ترجع إلى عام 730 قبل الميلاد”.
وأضاف أنه “منذ ذلك الوقت وحتى الآن تحولت (طروادة) إلى مزار سياحي، ومركز ثقافي في المنطقة والعالم”.
و”الإلياذة” ملحمة شعرية تحكي قصة حرب طروادة، وتعتبر مع “الأوديسا” أهم ملحمة شعرية إغريقية للشاعر الأعمى هوميروس.
ولفت أصلان إلى أن “(طروادة) زارها العديد من مشاهير التاريخ والفاتحين، والعلماء، والباحثين عبر التاريخ، في مقدمتهم الإسكندر الأكبر والسلطان محمد الفاتح”.
وتابع: “لا يوجد تقريبًا مؤرخ أو سياسي إلا ووطأت قدماه هذا المكان (طروادة)، بعبارة أخرى، تحولت المدينة إلى مركز مهم للسياحة والثقافة”.
** متحف طروادة
الدكتور أصلان تحدث أيضا عن أن “افتتاح متحف طروادة بالمدينة ساهم في زيادة الاهتمام بالمنطقة، التي لم تفقد يومًا أهميتها حتى خلال الحروب والأوبئة والأحداث المهمة الأخرى”.
وأضاف أن “متحف (طروادة) الذي جرى افتتاحه من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 18 مارس/ آذار 2019، شهد خلال الفترة الماضية زيادة في أعداد الزوار من السياح”.
وأردف أن “متحف طروادة ساهم في جعل المنطقة واحدة من أهم عواصم السياحة الثقافية خلال الفترة الماضية”.
** عمل متواصل رغم كورونا
وأضاف أصلان أن “لجنة التنقيب التركية تواصل عملها في المدينة التاريخية رغم وباء كورونا، مع الالتزام بالإجراءات الوقائية ضد الفيروس”.
وأوضح أن “لجنة التنقيب التركية في المدينة تعمل على الوصول إلى مزيد من المواقع الأثرية ومن ثم حمايتها، ورقمنة نظم المعلومات للمواقع الأثرية، وتجهيز المنطقة لمرحلة ما بعد جائحة كورونا”.
وأشار أصلان إلى أن “لجنة التنقيب في (طروادة)، تواصل إصدار منشورات خاصة تتعلق بعملها، والمعلومات الحديثة التي تم التوصل لها حول تاريخ المنطقة، بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة، ودعم من مجمع التاريخ التركي”.
وبيّن أن “اللجنة شيدت ممرا للمشاة في المدينة التاريخية عام 2018، وجرى توسيعه لاحقًا، كما أقامت نظامًا لتوفير المعلومات للزوار”.
وذكر أن هذا النظام سيمكن الزائرين من التنقل في طروادة باستخدام تطبيقات متوافقة مع الهواتف الذكية، ودون الحاجة إلى مس أي قطعة أثرية.