يرى زياد العالول، المتحدث الرسمي باسم “المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج”، أن العدوان الأخير على قطاع غزة، إلى جانب جهود الفلسطينيين المقيمين في الخارج، ساهما في إعادة القضية بقوة إلى الواجهة الدولية.
ويقول العالول، في حوار مع الأناضول، خلال زيارته لقطاع غزة، إن من الواضح أن “إسرائيل، “باتت أكثر عزلة، بعد عدوانها الأخير، فلم تشهد المدن الأوروبية والأمريكية خروج أي مظاهرة مؤيدة لتل أبيب، كما حدث من حراكات شعبية مناصرة للقضية الفلسطينية وشعبها”.
وذكر أن هذه الحراكات الشعبية في المدن الأوروبية والأمريكية المؤيدة للفلسطينيين، في تصاعد مستمر.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، وخلال فترة وجود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حاولت فرض تعريف جديد لمصطلح “معاداة السامية” في الدول الأوروبية، كي يشمل “أي انتقاد لدولة الاحتلال”، لكنها فشلت في ذلك.
ومن المقرر، بحسب العالول، عقد مؤتمر دولي يضم لجان فلسطينية في البرلمانات العربية والإسلامية، خلال الشهور الثلاثة القادمة، إما في تركيا أو الأردن.
وسيركز المؤتمر على “دعم القدس، وسُبل منع التطهير العرقي فيها، كما يسلّط الضوء على الاعتداء على المسجد الأقصى”.
الفلسطينيون في الخارج
ويقول العالول إن الفلسطينيين في الخارج، والذين تقدّر أعدادهم بنحو 7 مليون فلسطيني، يشكّلون قوة كبيرة ومؤثرة.
وتابع “هذه القوة، وخلال السنوات الماضية، كانت كامنة ومبعثرة، حاولنا عبر مظلة تنسيقية في الخارج تسمى بـ(المؤتمر الشعبي)، تفعيل دورهم، واستثمار قوتهم لصالح المشروع الوطني”.
وبيّن أن الفلسطينيين يمتلكون قوة كبيرة في بعض القارات، حيث يوجد نحو 500 ألف فلسطيني في أوروبا، وأكثر من مليون في أمريكا الجنوبية.
واستكمل قائلا “الفلسطيني في أمريكا اللاتينية لديه نفوذ، إذ يشارك في حكم السلفادور وهندوراس، بينما لديه قوة في الأحزاب السياسية في تشيلي، وأما في دول الخليج فهناك المهندسين والأطباء ورجال الأعمال”.
ويعتقد العالول أن اتفاقية أوسلو (موقعة بين منظمة التحرير وإسرائيل عام 1993)، “سحبت ثقل المنظمة من خارج الأراضي الفلسطينية، إلى الداخل، ما تسبب بتهميش الفلسطينيين في الخارج”.
لجان متعددة
ويقول العالول إن المؤتمر الشعبي، ومن خلال تنسيقه ما بين الجاليات الفلسطينية، وعمله عبر اللجان المنبثقة عنه، ساهم في تحشيد الرأي العام الدولي المناصر للفلسطينيين.
وتابع “مثلا نتحرك على الجانب القانوني، فنجد حراكا كبيرا في أوروبا وأمريكا ضد الاحتلال ومجرمي الحرب، حيث يتعرض أي قائد عسكري صهيوني ينجح في دخول الأراضي الأوروبية إلى الملاحقة والمساءلة”.
وبيّن أن المؤتمر تقدّم أيضا بمذكرة اتهام للمحكمة الجنائية الدولية، العام الماضي، والتي بدورها “قبلت هذه المذكّرة”.
كما يقود الفلسطينيون في إطار المؤتمر الشعبي، وفق العالول، حراكا سياسيا في البرلمانات الأوروبية.
وقال عن ذلك “لا تخلو فرصة من مخاطبة الاتحاد الأوروبي والبرلمانات”.
وفي السياق، فإن الجاليات الفلسطينية المنتشرة في العالم تقود حراكا شعبيا وجماهيريا مناصرا للقضية يضم مئات الآلاف من الأوروبيين والأمريكيين، وفق العالول.
واستكمل قائلا “سياسيا، هذه الحراكات ذات قيمة، كل من يخرج للشارع له ممثل في البرلمان، وهذا الممثل لا يستطع تجاهل مطالب المواطن”.
في ذات الوقت، ينشط الحراك الإعلامي في الخارج، لنشر الرواية الفلسطينية ومواجهة الرواية الإسرائيلية التي سيطرت خلال العقود الماضية على الإعلام التقليدي الغربي، بحسب العالول.
وأشار إلى أن فلسطينيي الخارج نجحوا في تأسيس ذراع إعلامي (قناة) لهم تحمل اسم “راجعين”.
وقال في هذا الصدد “معظم القنوات الفلسطينية المحلية تسلّط الضوء على القضايا المحلية في الضفة وغزة والقدس، بينما لا يوجد صوت يعبّر عن الفلسطينيين في الخارج”.
وأوضح أن هذه القناة “ستشكّل جسرا بين الفلسطينيين في الداخل والخارج، حيث ستسلط الضوء على معاناة هؤلاء، ونجاحاتهم والمناصب التي يشغلونها في الخارج”.
أما على المستوى الإغاثي لفلسطينيي الخارج، قال العالول إن “العديد من مؤسسات المجتمع المدني، في الخارج، تقدّم مساعدات إغاثية لفلسطينيي الشتات (في لبنان وسوريا والأردن)، وفي مناطق أخرى”.
ولفت إلى أن تلك المساعدات لا تعمل على حل المشاكل الاقتصادية والمعيشية لهؤلاء، إنما تساهم في التخفيف عنهم.
وفي الدول العربية، قال العالول إن المهندسين الفلسطينيين ورجال الأعمال ساهموا في تأسيس الهيئة العربية الدولية لإعمار غزة، بعد الحرب الإسرائيلية الأولى عام 2008-2009، والتي أصبحت اليوم تمتد على مستوى العالم وتضم نقابات هندسية .
وكذلك، فإن أطباء فلسطينيين وأجانب مناصرون للقضية، يساهمون في التخفيف من الواقع المأساوي الذي يعيشه الفلسطيني خاصة في المخيمات (في الخارج)، وفي غزة والضفة والقدس”، وفق قوله.
قوة مؤثرة
ويقول العالول إن تكامل جهود كافة اللجان، في إطار المؤتمر الشعبي، كان له ثقل ظهر مؤخرا، خلال الحرب الأخيرة على غزة.
وتابع “رأينا كيف تحرك العالم بتنسيق وترتيب وتنظيم، إذ لم تخل مدينة في أوروبا من الحراك الشعبي المناصر للفلسطينيين”.
ويعتقد العالول أن الفلسطينيين في الخارج باتوا “أكثر قدرة على استثمار قوتهم الكبيرة”، إذ أن التغيير الحاصل يعود للعمل التراكمي، على مدار السنوات الماضية، لحشد هذا التأييد.
ويرى أن حجم التأييد، والحراكات الحالية المناصرة للفلسطينيين، أكبر من نظيرتها التي خرجت بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف عام 2014.
وأضاف “الشعوب التي خرجت نصرة للقضية خلال العدوان الأخيرة، خرجت والمقاومة تضرب مدينتي تل أبيب والقدس، في السابق كان يتم النظر للمقاومة على أنها إرهاب، لكن اليوم ينظرون إليها كعمل مشروع في القانون الدولي، لنيل الحرية ومقاومة الاحتلال”.
وشنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عدوانا على قطاع غزة، في 10 مايو/أيار الماضي، استمر 11 يوماً، وأسفر عن استشهاد وجرح المئات، وإلحاق دمار واسع في المباني والبنية التحتية.
التطبيع ومقاطعة دولة الاحتلال الإسرائيلي
يشير العالول إلى إن “المؤتمر الشعبي” يشارك في حراك واسع، ينشط في معظم دول العالم لمناهضة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف إن هذا الحراك “نجح في إفشال التطبيع على المستوى الشعبي، سيما مع المواطن العربي في الدول المُطبّعة”.
وتابع “الاحتلال يحاول تسويق نفسها على أنها جسم طبيعي في المنطقة، ومن حقها التطبيع”.
وفيما يتعلق بالحملة العالمية لمقاطعة “اسرائيل” (بي دي إس)، فقد وصف العالول هذه الحملة بـ” أقوى الأدوات لمعاقبة دولة الاحتلال”.
وقال “هذه الحملة هي الأكثر تأثيرا على المستوى العالمي لنزع شرعية الاحتلال، خاصة في الوقت الذي يحاول فرض سيطرته وإرادته على الدول العربية”.
واستكمل قائلا “نتحدث عن بنوك وصناديق استثمار لشركات كبرى، اضطرت سحب استثماراتها من داخل دولة الاحتلال”.
وبيّن أن هذه الحملة تعتمد على مسوغ قانوني ينص على أن “استثمار أي شركة أجنبية في المناطق المحتلة غير شرعي”.
وتشكل هذه الحملة عامل “قلق كبير بالنسبة لإسرائيل التي حاولت، مؤخرا، تجريم المقاطعة، والضغط على الدول، لشل حركة الحملة داخلها، لكنها فشلت”، وفق قوله.