أثار التقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية، الثلاثاء، حول ارتكاب “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال لجريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد) والقهر والهيمنة والاضطهاد، وإنكار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، حفيظة وجنون الحكومة الإسرائيلية وحلفائها.
فلماذا كل هذا الضجيج والانزعاج من تقرير لا يعد الأول من هذا القبيل، فيميد تستعرض أبرز النقاط التي خلص إليها والتي جاءت تأكيدا للسردية الفلسطينية ومصداقية مظلومية صاحب الأرض.
التهجير ومسلسل النكبة المستمر
وصف تقرير منظمة العفو الدولية قمع شرطة الاحتلال للمحتجين للاحتجاجات في حي الشيخ جراح خلال دفاعهم عن منازلهم بـ “القمع الوحشي”، واستخدام “القوة المفرطة” في مواجهة المحتجين السلميين.
كما شدد على سعي دولة الاحتلال من خلال انتهاكاتها المتكررة إدامة الهيمنة على الفلسطينيين في المناطق التي تسيطر عليها من خلال السيطرة على أراضيهم بغرض فرض الهيمنة السكانية لصالح دولة الاحتلال، ليؤكد حقيقة الاستيطان الاستعماري الصهيوني بوصفه أداة للهيمنة لا تختلف عن وسائل الاستعمار القديمة.
ودور القوانين الصهيونية في تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم ومنحها للمستوطنين ووصفها بأنها تتسم بالتمييز العنصري المجحف لصالح المستوطنين.
كما شبه التقرير حياة الفلسطينيين في مناطق إقامتهم بـ “المعازل المنفصلة” والتي كانت تستخدم ابان فترة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ما يجعل هذا الوصف ذا دلالة في غاية الأهمية من حيث اللفظ. وشرح الإجراءات التي تهدف بها دولة الاحتلال حرمان الفلسطينيين من الحق في التنقل بين مدنهم وقراهم، وكذلك الحرمان من السفر في الضفة أو غزة.
حصار غزة
واعتبر التقرير حصار غزة بأنه حصار غير قانوني ومجرم بالقانون الدولي، يأتي كفي إطار العقاب الجماعي وضمن سياسة رسمية تتمثل في فصل الضفة عن القطاع، حيث احتفظت دولة الاحتلال السيطرة الفعلية على القطاع رغم انسحابها منه، بل وشددت السيطرة عليه بشكل أكبر من خلال الحصار الجوي والبحري والبري.
واستعرض وقائع الأوضاع في القطاع الناتجة عن سياسيات الاحتلال العسكرية وتأثيرها على البنى التحتية وكذلك الاقتصاد وانتشار البطالة هناك بشكل منقطع النظير في العالم أجمع مخالفا بذلك لاتفاقية باريس الاقتصادية التي تفرض تبعية الاقتصاد الفلسطيني لدولة الاحتلال، كما ذكر التقرير تطبيق دولة الاحتلال سياسة الاستخدام المزدوج على المنتجات الواردة إلى غزة.
الآلة العسكرية في خدمة استراتيجية القمع
وفي معرض حديثه عن الأوامر العسكرية التي تهدف إلى عزل الفلسطينيين ومصادرة ممتلكاتهم حتى من الفلسطينيين العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، مستشهداً بتقارير دولية ترجع مغزى الأوامر العسكرية إلى فكرة التفريق بين الفلسطينيين أنفسهم وإضعاف الروابط فيما بينهم؛ بما ينتج عنه إضعاف لمعارضة للاحتلال، حيث يتعدى الأمر مسألة التفريق بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
كما شكك التقرير في نزاهة القضاء الاسرائيلي، مشيرا إلى تقديم الكثير من الفلسطينيين للمحاكم العسكرية التي تقتصر بشكل ممنهج عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وتنتهي أغلب الحالات بالإدانة.
القانون .. ازدواجية المعايير
وذكر التقرير مجموعة من الأنظمة القانونية التي تبقي عليها دولة الاحتلال للمساعدة في غرضها شرذمة الفلسطينيين، وتفتيت نسيجهم الاجتماعي، وتتضمن تلك الأنظمة حرمانهم من حقوق المواطنة والوضع القانوني، وتنتهك حقهم في لم شمل الأسر، والعودة إلى بلدهم وديارهم، وتقّيد بشدة حريتهم في التنقل استناداً إلى الحالة القانونية، كما أشار التقرير إلى الوضع الهش لسكان القدس الشرقية فيما يتعلق بالإقامة الدائمة، واستمرار سيطرة دولة الاحتلال على السجل المدني الفلسطيني وبالتالي منع الكثير من الفلسطينيين الحصول على الجنسية، بما اثر بصورة مباشرة على حياتهم ونمط معيشتهم.
وتعرض للأنظمة والقوانين التي تمنع لم شمل الأسر الفلسطينية، ومنها قرارات عدم السماح للأزواج والزوجات من الضفة الغربية وغزة بالحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية الإسرائيلية باعتباره سيسهم في تحيق العودة لكن بصورة متوارية.
ومنهجية دولة الاحتلال في منع الفلسطينيين من المشاركة في الحياة السياسية، ومن بينها حظر الطعن في قانون يهودية الدولة ومنها على سبيل المثال منع من يشكك في يهودية الدولة من المشاركة في الانتخابات.
وذهب تقرير المنظمة للاستنتاج بأن “إسرائيل” تمارس قمع مؤسسي ضد الفلسطينيين في الداخل والشتات، وأنها ترتكب جريمة الفصل العنصري بحقهم، وذلك بمشاركة جميع السلطات الإدارية المدنية والسلطات العسكرية الإسرائيلية التابعة للدولة بل امتدت تلك الممارسات لمؤسسات المجتمع المدني، مبينا بشكل واضح لا لبس فيه أن السلوك الصهيوني يرقى إلى حد اعتباره جريمة ضد الإنسانية وفقاً لقواعد القانون الدولي.
الحرمان من التنمية والاقتصاد
فيما تطرق التقرير لجملة واسعة من الإجراءات التي تمارسها دولة الاحتلال بغرض كبح التنمية للشعب الفلسطيني حيث أشار إلى “عدم المساواة المتعمدة في معاملة الفلسطينيين” والتي أدت إلى تهميش الفلسطينيين، وتعرضهم لظلم اقتصادي اجتماعي ممنهج وواسع النطاق، منها حرمانهم من المساواة في الوصول إلى الموارد الطبيعية والمالية، وفرص كسب الرزق، والرعاية الصحية، والتعليم، وتخصيص السلطات الإسرائيلية الموارد لمنفعة المواطنين اليهود الإسرائيليين في “إسرائيل” والمستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة أن تفاقم من انعدام المساواة على أرض الواقع.