رغم كل التحذيرات من مغبة إقدام الاحتلال على توسيع هجومه في قطاع غزة ليشمل الملاذ الأخير للنازحين قسريًا من مناطق القطاع، اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل أكثر من أسبوعٍ مناطق شرقي رفح جنوب غزة، واحتل المعبر الحدودي مع مصر والمتنفس الوحيد لغزة، ومنع بذلك إدخال المساعدات وإجلاء الجرحى والمرضى لاستكمال علاجهم في الخارج.
وفي غضون ذلك، عادت قوات الاحتلال لمناطق كانت قد أعلنت سابقاً سيطرتها عليها وتفكيك “كتائب المقاومة” فيها، في شمال قطاع غزة، وتحديدًا في مخيم جباليا للاجئين الأكثر اكتظاظًا، وقال قادة الاحتلال إن جيشهم يواجه قتالاً صعبًا تشتد ضراوته وتتزايد خسائره الفادحة في كمائن المقاومة الفلسطينية النوعية والمركبة.
حول تلك التطورات، عقد “صالون فيميد الإعلامي” جلسة حوارية، بإدارة م. خالد صافي استشاري تسويق وإعلام رقمي، ناقش فيها عدد من السياسيين والصحفيين الميدانيين ونشطاء آخرين، الأوضاع الإنسانية ومعارك المقاومة الفلسطينية في التصدي لآلة الحرب الإسرائيلية.
وفي سؤاله حول الأهداف التي حققها الاحتلال من عملياته العسكرية بغزة، قال الكاتب السياسي، إبراهيم المدهون، إنّه وبعد ٨ أشهر من العدوان، أثبتت المعركة أن زمن هزيمة المقاومة قد ولى، واليوم نحن في مرحلة مفصلية قد تأخذنا إلى آفاق كبيرة، ويجب علينا أن نقول أن هناك نضالاً ومقاومة عظيمة تكبد الاحتلال خسائر غير مسبوقة على مدى حياته.
وأضاف المدهون، خلال مداخلة له ضمن “صالون فيميد الحواري”، أن “عملية طوفان الأقصى شكلت نقلة نوعية للمقاومة لم يسبق لها مثيل، رغم الواقع الإنساني الصعب الذي يعانيه الشعب الفلسطيني بغزة، فهذه وحشية ينتهك فيها الاحتلال كل المعايير والأعراف ويتجاوز كل الظروف الطبيعية، مما يحتم على العالم العربي والإسلامي التحرك وألا تترك غزة وحدها لتقتل وتحرق بكل هذا الجنون والعبث”.
وأشار إلى، أن ما يخفيه الاحتلال من خسائر على المستوى العتادي والبشري أكبر بكثير مما يعلن عنه، القضاء على أرتال كاملة وخسائر كبيرة يتم التمويه عليها حتى وصل الحال بهم إلى أزمة في التجنيد بجيش الاحتلال، وهذا دليل الهزيمة وعدم تحقيق أي من أهدافه، مؤكدًا على أن غزة هشمت صورة الجيش وكسرته.
وطرح المدهون تساؤلاً، عن التغيير في تكتيكات المقاومة والتطور النوعي الكبير وظهور مقاومة شرسة بعد ٨ أشهر، مجيبًا أن أهم أسباب هذا التطور يتمثل بغياب ما أسماه “صدمة المرحلتين الأولى والثانية للحرب”، مردفًا: العدو دخل بعملية بأطنان من المتفجرات والقتال العنيف، إلا أن المقاتلين تجاوزوا حالة الصدمة واستطاعوا امتصاصها، والمقاومة اليوم تستعد لعمليات كبيرة ومؤثرة في المرحلة القادمة.
أما عن الجانب الإنساني، استعرض الصحفي علاء شمالي الأوضاع الصعبة، التي يعيشها النازحون في رفح، مستهلًا حديثه بالتأكيد على أن ما يمر به هؤلاء من ظروف يشكل “كارثة حقيقة”.
وقال الصحفي شمالي، كل ما يمكن أن يقال في هذا الجانب لا يمكنه أن يختار المفردات الحقيقة بأي لغة، فيما يخص حال النازحين لأكثر من نصف مليون في ظل العملية العسكرية وتوسعها.
وأوضح، أن قبل بدء العملية كان هناك أكثر من مليون مواطن ونازح، وعدد يقارب من ٦٠٠ ألف، وبقي وفق تقديراته ما يتراوح بين ٨٠٠ لـ ٩٠٠ ألف مواطن في مناطق مختلفة برفح، نسبة كبيرة منهم لا يجدون مكانًا يذهبون إليه لأنهم يدركون أنه لا يوجد منطقة آمنة، لذلك بقوا في أماكنهم.
وطالب الصحفي شمالي، بأن “يطرق باب الخزان” حول أزمة شح المياه وما تسببه من كوارث إنسانية وصحية بين صفوف النازحين في مخيمات النزوح جنوب قطاع غزة، خاصة مع ارتفاع حرارة الطقس وتدمير كل آبار المياه بفعل القصف والاستهداف الإسرائيلي المتعمد للبنى التحتية.
ومع تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وتوسعه من رفح جنوبًا إلى جباليا شمالًا، تتفاقم الأوضاع الإنسانية وتزداد المعاناة اليومية للمواطنين والنازحين.
رغم ذلك، يبقى الشعب الفلسطيني متمسكًا بمقاومته، مستعدًا للتصدي للعدوان وإحباط مخططات الاحتلال.
خلال النقاشات، أثيرت تساؤلات حول دور مصر وموقفها من احتلال معبر رفح. كما تم طرح تساؤلات حول إمكانية تصاعد التوتر على الحدود المصرية الفلسطينية بين الجيش المصري وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وهل قد يتجه الاحتلال إلى مناوشات بهدف إطالة أمد الحرب على غزة؟
في هذا السياق، يبقى “صالون فيميد الإعلامي” منبرًا لمناقشة التطورات والأحداث الجارية في غزة. من خلال مساحات حوارية