في خيام النزوح.. وفاة رضيعة ثانية من البرد القارس في أسبوع واحد

في مشهد يختزل معاناة النازحين في قطاع غزة، فارقت الطفلة الرضيعة سيلا محمود الفصيح الحياة ليلة الأربعاء، بسبب البرد القارس داخل خيمتها في منطقة مواصي خان يونس جنوب القطاع.

هذه المأساة هي الثانية خلال أسبوع واحد، إذ لقيت الطفلة عائشة عدنان القصاص مصيرًا مشابهًا في نفس المنطقة قبل أيام.

يروي والد الطفلة تفاصيل الليلة المؤلمة قائلًا: “صحينا لقيناها نازل الدم من فمها، وعاضة على لسانها من البرد، كانت متخشبة ومتشنجة”. وأكد أنه نقل الطفلة إلى عيادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، حيث أبلغهم الأطباء بأنها فارقت الحياة نتيجة توقف قلبها بسبب البرد.

تعيش عائلة الفصيح في ظروف مأساوية داخل خيمة مهترئة من القماش لا توفر أي حماية من برد الشتاء القارس، ويفترش أفرادها الرمال الباردة دون أغطية أو فراش كافٍ. يقول والد الطفلة: “نحن نعيش بلا مقومات حياة، البرد ينهش أجسادنا، وكل يوم ننجو بأعجوبة”.

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يتعرض قطاع غزة لعدوان إسرائيلي مدعوم أميركيًا، أودى بحياة أكثر من 128 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن عشرات الآلاف من المفقودين. وقد أدى هذا العدوان إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان إلى المناطق الساحلية المفتوحة مثل المواصي، حيث يعيشون في ظروف قاسية دون أدنى مقومات الحياة.

تتميز منطقة المواصي بطبيعتها الرملية وبرودتها الشديدة خلال الشتاء، ما يجعل الخيام غير ملائمة للعيش. يعاني النازحون من أمراض متعددة مثل نزيف الأنف وآلام العظام، إضافة إلى نقص حاد في الاحتياجات الأساسية كالأغطية والملابس الدافئة.

في هذا السياق، علّق رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا): “الرضيعة سيلا محمود الفصيح تجمدت من البرد في خيام مواصي خان يونس. هذه مأساة يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية”.

مأساة مستمرة

قصة الطفلة سيلا ليست إلا جزءًا من أزمة أوسع يعاني منها النازحون في غزة، خصوصًا مع دخول فصل الشتاء. ورغم بعض الجهود الإغاثية المحدودة، فإن الوضع يستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا لتوفير المأوى المناسب والاحتياجات الأساسية للمتضررين، خاصة الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكبر لهذه الكارثة الإنسانية.

وفاة الرضيعة سيلا، إلى جانب مئات الأطفال الذين يعانون ظروفًا مشابهة، تمثل صرخة استغاثة للمجتمع الدولي للتحرك الفوري وإنقاذ آلاف العائلات التي تكافح للبقاء على قيد الحياة في برد الشتاء وظروف النزوح القاسية.

Exit mobile version