نشرت صحيفة “غارديان” البريطانية مقالاً للباحثة في القطاع الصحي ديفي سريدهار، تحت عنوان “يقترب العلماء من معرفة الحجم الحقيقي والمرعب للوفيات وانتشار الأمراض في غزة”. في مقالها، أعربت سريدهار، وهي رئيسة قسم الصحة العامة العالمية في جامعة إدنبرة، عن قلقها من تفشي شلل الأطفال في قطاع غزة، مشيرةً إلى أن انتشار المرض عبر المياه الملوثة والقمامة، التي تحيط بالأشخاص الذين يعيشون في الخيام، يبدو أمراً لا مفر منه.
وتبدي الكاتبة قلقها بالرغم من الاتفاق على فترات توقف قصيرة تمتد لتسع ساعات في أيام محددة لتطعيم الأطفال. وأوضحت أن القوات الإسرائيلية قد هاجمت المستشفيات والمدارس وشاحنات المساعدات وموظفي الأمم المتحدة، مما جعل المنظمات الأممية مثل برنامج الغذاء العالمي توقف إرسال موظفيها إلى غزة.
وأضافت سريدهار أن اكتشاف شلل الأطفال في غزة يسلط الضوء على الصعوبة المتزايدة في تقييم التكلفة الحقيقية للحرب. وأكدت أنه لا يوجد لدينا فكرة دقيقة عن مدى انتشار الأمراض والمجاعة أو الوفيات غير المباشرة، بسبب انهيار أنظمة التسجيل المدني في غزة، والتي تعوق الحصول على بيانات دقيقة حول الوفيات. ولفتت إلى أن وزارة الصحة تعتمد على التقارير الإعلامية، وهي ليست وسيلة موثوقة لرصد الأعداد الحقيقية.
وأشارت إلى أهمية وجود عملية موثوقة لتقدير عدد الوفيات، قائلةً إنه تم تطوير أساليب على مدى عدة عقود لبناء مجموعات البيانات في المواقف التي تشهد ضعفاً أو انهياراً في أنظمة الصحة والمراقبة. وذكرت سريدهار أن مجلة “لانسيت” الطبية قد نشرت تقديرات حول عدد الوفيات في غزة، حيث قدّر العلماء أن نحو 186 ألف حالة وفاة يمكن أن تُعزى إلى الحرب حتى منتصف يونيو/حزيران 2024. وأضافت أنه إذا استمرت الوفيات بهذا المعدل، فمن المتوقع حدوث 149,500 حالة وفاة إضافية بحلول نهاية العام، ما يرفع إجمالي الوفيات منذ بدء الصراع إلى حوالي 335,500 حالة.
كما أضافت سريدهار أنها أجرت تقديراً مشابهًا في الشتاء الماضي، متوقعةً أن يصل عدد القتلى إلى حوالي نصف مليون إذا استمر القتال دون تدخل دولي وتقديم المساعدات والرعاية الصحية. وأشارت إلى أن تدخل المجتمع الدولي ساهم بالفعل في إنقاذ العديد من الأرواح.
ورغم أن الوضع في غزة قد يبدو ميؤوساً منه، فإن محاولات الأمم المتحدة للوصول إلى القطاع تنقذ الأرواح وتحدث فرقاً حقيقياً لمئات الآلاف من الأسر. وشددت على أهمية التعاون بين العلماء لتوثيق الحقائق، مما سيساهم في إيجاد حلول تحافظ على حياة الإنسان وصحته في ظل الصراع.