قيادة مشعل للخارج … الموقع والدور
عماد عفانة
بات خالد مشعل أبو الوليد 65 عاما يجسد بما يتمتع به من وسطية وعقلانية وروح أبوية، مثالا وأيقونة ثورية، تستحق أن يتحلق حولها طلاب النصر على طريق الشهادة.
ترك مشعل مقعده 2017 امتثالا للتناوب الديمقراطي على موقع القيادة، بعدما تولى قيادة المكتب السياسي بعد اعتقال السلطات الأمريكية للدكتور أبو مرزوق عام 1995، لكنه لم يترك موقعه على خارطة النضال والعطاء، على طريق التوعية والتحشيد، وجمع أطراف الأمة المبعثرة على تحرير قبلتهم الأولى.
مشعل لم يغيب حتى يعود فلمشعل ثقل تحترمه قيادة وقاعدة حركة حماس على حد سواء، واختياره ليقود حماس في الخارج مؤشر قوي على أهمية هذا الملف في استراتيجية حركة حماس، نظرا لإشراف هذا الموقع على نحو نصف الشعب الفلسطيني في المنافي والشتات، حيث بات مطلوباً اعادة الاعتبار لدورهم وتأثيرهم الايجابي في مشروع التحرير، خاصة بعدما أهملت منظمة التحرير دورهم، وشطبت اوسلو حقهم في العودة الى ديارهم التي هجروا منها.
كما ترتبط أهمية موقع مشعل الجديد نظراً لملامسته الوثيقة للعمق العربي والإسلامي الذ ي بات مطلوباً اعادة الاعتبار والحيوية والدفيء لأوصاله نظرا لارتباط الأمة بفلسطين قبلتهم الأولى ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
خالد مشعل الذي يمتلك شخصية قوية، وفكرا سياسيا مقاوما لم يعد ومنذ زمن مجرد سياسي محسوباً على حماس فقط، بل بات بفكره وعمقه وبعلاقاته الممتدة أحد رجالات الاجماع من قبل أحرار العالم بكافة ثقافاتهم وتنوع جنسياتهم، فقد مكنته قيادة حماس لسنوات طويلة من نسج علاقات واسعة مع دول وحكومات وزعماء كثير من دول العالم.
خالد مشعل بماضية الدراماتيكي، حيث تعرض لمحاولة اغتيال في الأردن عام 1997 نفذها الموساد، وبحضوره القوي، وبحاضره المبشر، بات يقع على عاتقه عبئ:
- تعزيز عرى الثورة، والتحشيد لها من مختلف الأقطار خارج فلسطين، لجهة تعبئة المجاهدين، وإمداد المرابطين، واسناد صمود الثابتين في ثغور وعلى ساحات الأقصى المبارك.
- تنظيم عملية دعم حقوق المجتمع الفلسطيني في الخارج انسانيا وقانونيا، والدفاع عن مصالحهم.
- العمل على توظيف قدرات وامكانات شعبنا في الشتات لجهة تعزيز دوره كشريك مؤثر في صنع القرار الفلسطيني.
- تفعيل دور الجاليات الفلسطينية في الخارج وتوظيف حضورها الدولي في شكل لوبيات لدعم وحماية مصالح الشعب والقضية الفلسطينية.
- ضمان حضور قوي لشعبنا في الخارج في انتخابات المجلس الوطني المقررة في أغسطس القادم، وتعزيز صمود اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان وسوريا والاردن ودعمهم معنويا واقتصاديا.
- توثيق العلاقات مع مختلف القوى والحركات الاسلامية حمل العالم، وحشد قوتها خلف دعم المقاومة الفلسطينية.
- فتح علاقات جديدة لحماس مع الدول الصديقة والحليفة خاصة في جنوب شرق آسيا وفي امريكا اللاتينية، وتطوير علاقاتها السياسية الحالية، وابراز حضورها الدبلوماسي لجهة كسر حلقات الحصار التي تستهدف موقع حماس ضمن استهداف مركزية القضية الفلسطينية في وجدان وضمير الأمة والعالم.
- المشاركة مع مختلف الساحات التي تتواجد فيها حماس في تشكيل جبهة قوية لمواجهة الاحتلال الصهيوني، لجهة تعزيز مشروع المقاومة والصمود مع مختلف شركاء النضال، والعمل على استكمال تطوير بنية حماس العسكرية، بما يكفل ردع العدو.
تبوؤ مشعل لقيادة حماس في الخارج رسالة لكل عباد المناصب وعاشقي المسميات، أن قادة حماس ومنهم مشعل، هم قادة ثورة وليسوا طلاب سلطة أو رئاسة، فلا دولة قبل التحرير، ولا رئاسة تحت أقبية أوسلو، أو تحت بساطير المحتل.
وهو في ذات الوقت اختيار يبث الدفيء في أوصال دعوات النفير للوقوف وبقوة خلف المقاومة لضمان حضورها ورفع اسمها وبكل عزة وشرف في كل المحافل، فالدفاع عن فلسطين ومقاومة محتليها شرف لا ندعيه، وعمل لا ينبغي لحر أن يخجل منه.
ويسود الأمل في أن تشكل قيادة مشعل لحماس في الخارج، حلقة قوية تتكامل مع حلقاتها المقاتلة في غزة الصمود التي عانقته عام 2012 بعد حرب العصف المأكول، كما في ضفة العياش التي تقع فيها مسقط راسه قرية سلواد قضاء رام الله التي شهدت أولى خطواته، فالخارج لدى حماس تعني الرئة والرؤية والرواية، لتواصل الثورة التي تقودها حماس الفصول المضيئة في مسيرة شعب حر.
لتثبت حماس للجميع الفلسطينيين، كما لجميع المراقبين الذين يتابعون انتخاباتها الداخلية بشغف، أن التجديد وضخ الدماء والتدوير القيادي في حماس أمر حيوي لتكامل الأجيال وتنوع الأداء، وفق استراتيجية الحركة لإنجاز مشروع التحرير والعودة، و لتقدم حماس كما يقول زعيم حماس اسماعيل هنية نموذجًا يحتذى به وخاصة في الترابط الداخلي والاحترام المتبادل بين قياداتها، سواء ما رآه العالم في غزة أو ما يراه اليوم في انتخابات الخارج وما سيراه أيضًا في بقية المحطات.
لتشكل حماس نموذجا لبقية المكونات السياسية الفلسطينية، التي تترقب اجراء الانتخابات على طريق اعادة انتخاب اعضاء المجلس الوطني، واصلاح واعادة بناء منظمة التحرير، لتعود من جديد قيادة ثورية حتى التحرير والعودة.