كيف سيخرج الاقتصاد التركي من عنق الزجاجة؟

محمد نصار – محلل اقتصادي

يرى الاقتصاديون أن مشكلة الاقتصاد التركي هي وجود عجز مزمن في ميزانها التجاري، وهو ما يشكل ضغطاً مستمراً على عملتها والطلب على العملة الأجنبية في أسواقها.

يقدر عجز الحساب الجاري لهذا العام بحوالي 19.2 مليار دولار، علاوة على التزامات قصيرة الأجل تبلغ حوالي 20% – 25% من حجم الناتج المحلي لها (الناتج المحلي = 716 مليار دولار). إلى جانب ذلك الزيادة في الكتلة النقدية من العملة المحلية.

يعتمد الاقتصاد التركي على النمو من خلال التصدير، ويتم ذلك من خلال الاقتراض الدولي لشراء المواد الخام، حيث أن تركيا دولة تصدر بضائع منخفضة التكنولوجيا مثل الملابس والأغذية وذات جودة عالية، وتعتبر الوجهة الرئيسية لهذه المنتجات الأسواق العربية والإسلامية، وما تقوم تركيا بتصنيعه من أجهزة الموبايل، والأجهزة الكهربائية وغيرها تستخدم تكنولوجيا مستوردة غير مصنعة محلياً وهي في الغالب امتداد لشركات دولية.

في السنوات الأخيرة زادت كلفة الإقراض الدولي للاقتصاد التركي بسبب تخفيض التصنيف الائتماني لتركيا أكثر من مرة، وذلك بسبب عدم الاستقرار السياسي، نتيجة للتدخل العسكري التركي في دول الإقليم، ومحاولة الانقلاب الفاشلة، مما تسبب في خفض أو توقف بعض الدول العربية والإسلامية عن استيراد المنتجات التركية، إضافة إلى أزمة كورونا والتي تسببت بركود عالمي في العامين الماضيين.

زيادة معدلات التضخم والبطالة دفعت البنك المركزي التركي لتخفيض سعر الفائدة، والذي نظرياً سيؤدي إلى زيادة الاستثمار الحقيقي، وعملياً أدى إلى تخفيض سعر العملة التركية أمام العملات الأجنبية، والذي من المتوقع أن يكون له أثراً إيجابياً يتعلق بزيادة التصدير (وربما لا يكون الأثر كبير بسبب وجود منافسين) للحصول على الدولار، وتقليص العجز في الميزان التجاري، والاعتماد على المنتجات المحلية بسبب زيادة كلفة الاستيراد.

يعتقد بأنه بهذه الطريقة سيحافظ الأتراك على وظائفهم، ولكن سيكون لهذه الخطوات أثراً على تراجع جودة معيشة الشعب التركي وخسارته للقدرة الشرائية بشكل متصاعد، وبهذه الطريقة تجنبت تركيا ركوداً كان سيصيب الاقتصاد في حال تم الإبقاء على سعر فائدة مرتفع يحافظ على سعر الصرف شبه ثابت، ولن يكون قادر على كبح جماح معدلات عالية من البطالة والتضخم.

وفق اقتصاديون فإن الوضع الحالي في تركيا سيكون جاذب للمستثمرين خصوصاً لمن يبحث عن التصدير ويمتلك العملة الأجنبية، ولكن الأمور ستكون سيئة بالنسبة للعمال والموظفين في المدى القصير.

وعلى تركيا القيام ببعض الخطوات غير التقليدية التي ستساعدها على الخروج من عنق الزجاجة في المدى المتوسط والبعيد من خلال إنشاء تحالفات جديدة تجعلها تستغني عن الدولار والعملة الصعبة في التعاملات البينية، وأن يكون لدى تركيا القدرة على امتلاك التكنولوجيا وتصديرها، إضافة إلى تكثيف عمليات البحث عن الغاز حتى تقلل كمية الغاز الذي تستورده سنويا وبالتالي توفر العملة الأجنبية، وختاماً استخدام أكبر لمصادر الطاقة المتجددة.

Exit mobile version