كيف نجحت تركيا في الوصول إلى ثاني أعلى معدل نمو في العالم؟

حقق الاقتصاد التركي معدلات نمو قياسية خلال الربع الثاني من العام الجاري وصلت لنحو 21.7%، لتحل تركيا بذلك في المرتبة الثانية عالميا.

حلت تركيا في المرتبة الثانية بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأكثر نموا خلال الربع الثاني من العام الجاري 2021. وأشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن أرقام النمو التي شهدها الربع الثاني، أثبتت ديناميكية الاقتصاد التركي ومقاومته وقوة إنتاجه.

والأربعاء الماضي، أعلن مكتب الإحصاء التركي عن نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 21.7% على أساس سنوي خلال الربع الماضي، متعافيا بقوة إذا ما قورن بالتباطؤ الحاد الذي شهده قبل عام تقريباُ بسبب قيود جائحة كورونا وتأثيراتها السلبية التي أصابت كبرى الاقتصادات العالمية.

وتزامنا مع أرقام النمو التي حققها الاقتصاد التركي مؤخرا، عدلت عدة مؤسسات عالمية متخصصة بالتصنيفات الائتمانية، من بينها “موديز” الأمريكية، توقعاتها لمستوى إيجابي بخصوص نمو الاقتصاد التركي خلال العام الجاري. يذكر أن الربع الأول من العام الجاري شهد نمواً بمقدار 7.2%، ليواصل الارتفاع في الربع الثاني إلى أعلى معدل نمو معلن منذ 1999.

وعلى الرغم من أن التأثيرات السلبية لجائحة كورونا ما زالت مستمرة بشكل أو بآخر، وبشكل متفاوت من قطاع لقطاع، إلا أن تركيا نجحت بكل جدارة ليس فقط في الصمود أمام الجائحة، بل تمكنت أيضا في تحويل التحديات التي فرضها فيروس كوفيد 19 إلى فرص اقتصادية حققت من خلال معدلات نمو غير مسبوقة، كان أبرزها:

نجاح في إدارة جائحة كورونا

منذ اليوم الأول، نجحت الحكومة التركية في الحد من خطورة فيروس كوفيد 19 من خلال اتباع إجراءات وقائية صارمة حالت دون انتشار الفيروس بشكل يؤدي إلى انهيار النظام الصحي في البلاد، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على الجهود الحكومية الرامية للتخفيف من آثار الجائحة السلبية والحد من التقلبات التي قد يشهدها اقتصاد البلاد، بعكس البلدان الكبرى الأخرى التي عانت على الجانبين الصحي والاقتصادي، وفشل العديد منها في إدارة الجائحة وتقلباتها.

ولم تكتف الحكومة التركية بالحد من خطورة الفيروس ومنع انتشاره وحسب، بل سخرت أيضا جميع إمكانياتها المالية واللوجستية للحفاظ على دوران العجلة الصناعية ومنع توقفها، كما حدث لمعظم مجموعة العشرين التي توقفت مصانعها لشهور. وحثت الحكومة التركية البنوك على تخفيض أسعار الفائدة وزيادة الإقراض البنكي للشركات والمواطنين لمساعدتهم على تجاوز حقبة الجائحة بشكل آمن.

فيما انعكست حزم المساعدات المالية التي وفرتها الحكومة التركية على زيادة النمو بدلا من تناقصه، حيث وصلت معدلات نمو الربع الثالث من العام الماضي لنحو 6.7%، الأمر الذي خول الاقتصاد التركي للتفوق في أدائه على جميع دول مجموعة العشرين ما عدا الصين.

صادرات وصلت لمستويات قياسية

لعبت الصادرات في الأشهر الأخيرة دورا محوريا في ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد التركي في الربع الثاني من العام الجاري. فمن جانبه، أشار وزير التجارة التركي محمد موش إلى أن صادرات السلع والخدمات شكلت نصف معدل النمو الذي حققه الاقتصاد التركي خلال الربع الثاني من العام الجاري. وكتب مغردا على موقع تويتر بـ “أن تركيا تواصل نموها عبر الصادرات”، وأفاد بـ”أن مساهمات صادرات السلع والخدمات في النمو بلغت 10.8%”. وأضاف “هذه القيمة هي أكبر مساهمة مسجلة منذ عام 1998”.

وأشار موش إلى أن صادرات بلاده سجلت رقما قياسيا بلغ 207.5 مليارات دولار أمريكي على أساس سنوي، في أغسطس/آب الماضي. وأوضح بأن الصادرات التركية ارتفعت في أغسطس/آب الماضي بمعدل 52% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2020، محققة 18.9 مليار دولار على أساس شهري، و43% مقارنة بالشهر نفسه من 2019 (عام ما قبل كورونا).

فيما صرح رئيس جمعية المصدرين الأتراك (TIM) إسماعيل غولة، أن تركيا تستهدف الوصول إلى صادرات سنوية بقيمة 300 مليار دولار أمريكي خلال الأعوام الـ5 المقبلة.

وفي سياق متصل، أشار أردوغان إلى أن عجز الحساب الجاري استمر في الانخفاض إلى أقل من 30 مليار دولار، بفضل نجاح تركيا في التصدير، وأضاف بأن الإنتاج الصناعي زاد 13 مرة خلال الأشهر الـ14 الأخيرة، وأن التوظيف وصل إلى أعلى مستوى له في الأشهر الـ35 الأخيرة.

من جانبه، لفت وزير الخزانة والمالية التركي لطفي علوان في تغريدة له على موقع تويتر، إلى أن 57% من النمو المحقق في الربع الماضي جاء من الاستثمارات وصافي الطلب الخارجي.

نمو اقتصادي مستدام وشامل

نجحت حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة من تسجيل نموا بنسبة وصلت لأكثر من 3.5 أضعاف خلال توليهم إدارة البلاد بشكل متواصل على مدار العقدين الأخيرين، الأمر الذي مكن تركيا من تحقيق نهضة متكاملة مكنتها من حجز مكان لها بين نادي الدول المتقدمة.

وأثناء الاحتفاء بأرقام النمو القياسية التي حققها الاقتصاد التركي خلال الربع الفائت، كتب نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي على حسابه الشخصي على موقع تويتر “إن بلاده ستواصل النمو الاقتصادي القوي، والمستدام والشامل”، وأعرب عن سعادته إزاء “رؤية تأثير قطاع الصناعة والصادرات في النمو الاقتصادي.” وأردف “سنواصل النمو الاقتصادي القوي، والمستدام، والمتوازن والشامل.”

وفي الوقت الذي نما به الاقتصاد التركي بمعدل 1.8% خلال العام الماضي متفاديا انكماشا تعرضت له كبرى الاقتصادات العالمية، عدلت وكالة التصنيف الائتماني “موديز” توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي من 5 إلى 6% للعام الجاري، ورفعت توقعاتها للنمو الاقتصادي في تركيا لعام 2022، من 3.5 إلى 3.6%، مشيرة إلى أن التقدم في عمليات التطعيم والانتعاش في قطاع السياحة يدعم النمو.

فيما رفع “جي بي مورغان” توقعاته للنمو في تركيا من 6.8 إلى 8.4%، مُرجعا ذلك إلى الطلب المحلي القوي والانتعاش في الصادرات. كما رفع بنك “غولدمان ساكس” توقعاته لنمو الاقتصاد التركي العام الجاري، من 7.5 إلى 9.5%.

Exit mobile version