مقالات

لماذا يستمر عباس في معاقبة غزة؟!

عدنان حميدان

ماذا يستفيد الفلسطيني في غزة من وعود الرئيس محمود عباس بحل مشاكله المزمنة بعد الانتخابات؟ لماذا يستمر توقيف الرواتب وتقليص المستحقات ما دام الفرقاء قد تفاهموا والخلافات تم طيها، كما يقال؟!

نذكر كيف فرضت السلطة الفلسطينية في رام الله منذ نيسان/ أبريل 2017 إجراءات عقابية على قطاع غزة بدعوى إجبار حركة حماس على تسليم القطاع لحكومة الوفاق الوطني، منها خصم 30 في المئة إلى 50 في المئة من رواتب موظفي السلطة، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري، والإبقاء على المشكلة المسماة بـ”موظفي تفريغات 2005″، وتخص كل من تم توقيفه عن التعيين من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بهدف رفع الشرعية عن القوة التنفيذية التي شكلتها حركة حماس وهي على رأس الحكومة المنتخبة في 2006. وذهب ضحية هذا القرار نحو تسعة آلاف من منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للسلطة (عناصر كتائب الأقصى سابقا)، ولا زالت مشكلتهم قائمة حتى الآن ليس في غزة فقط بل في الضفة الغربية المحتلة كذلك.

قبل أيام وفي ختام اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح الذي ترأسه عباس، صرَّحت اللجنة بأن عباس سيتعامل بإيجابية مع كل مشاكل قطاع غزة وسيعالج قضاياه العالقة، ولكن متى؟ ولماذا انتظار الانتخابات؟ وهل هذه التصريحات بريئة؟ أم أن عباس استيقظ متأخرا على فداحة جريمته بقطع رواتب الكثيرين في غزة بتهم كيدية متعلقة بارتباطهم بالقيادي المفصول محمد دحلان، الأمر الذي جعل بعضهم يتحول فعلا لجناح دحلان.

وعليه، هل يسعى عباس لإجراءات ترقيعية يحفظ بها ماء وجهه مع الغزيين مع تراجع شعبيته هناك، في ظل إصرار قيادة فتح على ترشيح عباس (85 عاما) مجددا لقيادة السلطة الفلسطينية؟! ناهيك عن عبثية المسار الانتخابي أصلا بتهميشه ثلثي الشعب الفلسطيني من الموجودين خارج الضفة وغزة، وسير خط تصحيح المسار – إن افترضنا وجوده – بالمقلوب، وليس بدءا من رأس الهرم المتمثل بالمجلس الوطني الفلسطيني!

آمال كثيرة سرت في قطاع غزة بين يدي الاجتماع الأخير لمركزية فتح تبددت كلها وأصبحت سرابا.

يستمر قطاع غزة وحيدا بمواجهة استمرار حصار العدو وتضييق القريب، واجتماع ذلك مع وباء فتاك يعصف بغزة يوميا وتقدم إره الوفيات والمزيد من المصابين في قطاع يعاني أصلا بتوفير مستلزمات العلاج في ظل الحصار، فما بالك وقد دهم الغزيين هذا الوباء؟!

في عام 2020 اجتمع الحصار وكورونا على تهديد الأمن الغذائي لحوالي 70 في المئة من الأسر في غزة، فيما يعيش أكثر من 85 في المئة تحت خط الفقر، وارتفعت معدلات البطالة إلى ما نسبته 60 في المئة، وعليه فأكثر من 350 ألف عامل مُعطل عن العمل.

وقد قدرت اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة الخسائر المباشرة وغير المباشرة للقطاع بسبب استمرار حصار الاحتلال وتزامنه مع جائحة كورونا خلال عام 2020؛ بنحو مليار ونصف المليار دولار.

وتتواصل معاناة غزة مع النقص الحاد في المستهلكات الطبية والأدوية وأجهزة التنفس، وعليه فحياة مليوني فلسطيني في غزة بمهب الريح.

من يريد أن يكون رئيس دولة فلسطين لا السلطة الفلسطينية فحسب عليه أن يكون رئيسا لكل الفلسطينيين، وفِي أقل تقدير أولئك الذين هم تحت ولايته فعلا في الضفة وغزة حسب اتفاقية أوسلو التي هندسها عباس ورفاقه، ولا تليق معاقبة الشعب بناء على خلافات سياسية مع فرقاء اتفق معهم الرئيس مؤخرا ويمضي قدما بدخول الانتخابات القادمة في مناطق السلطة بتوافق معهم.

آن الأوان أن يصلح محمود عباس خطأه التاريخي تجاه غزة بالإجراءات العقابية ضدها، ولا يجعل ذلك أشبه بجزرة يرفعها حاليا في سبيل انتخابه وقوائمه؛ فإن فعلتم وانتخبتم رفعت العقوبات عنكم وإلا فالويل لكم.

سيادة الرئيس: هذه تلميحات وإشارات تصلح في منطق العصابات لا بمنطق رؤساء الدول؛ إن أردت أن تكون منهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى