تمكن الحاكم السلجوقي ألب أرسلان، من تحقيق نصر عظيم في معركة ملاذكرد يوم 26 آب/ أغسطس 1071، وفتح بهذا الانتصار أبواب الأناضول في وجه الأتراك قبل 950 عاما، وغير التاريخ بهزيمة الإمبراطور البيزنطي الروماني ديوجين.
بدأ عهد جديد للمسلمين وللأتراك بتأسيس الدولة السلجوقية الكبرى في عام 1037، وكانت أرض الأناضول الخصبة تحت سيطرة البيزنطيين، ولم يكن المرور إليها ممكنًا دون فتح ملاذكرد، مما أدى لاندلاع اشتباكات صغيرة وكبيرة بين الدولة السلجوقية والإمبراطورية البيزنطية.
المؤرخ الدكتور عدنان شفيق، عضو هيئة التدريس في جامعة صدقي كوتشمان بولاية موغلا، أدلى بمعلومات تتعلق بنصر ملاذكرد قائلا: “تدفقت حشود (الأتراك) الأوغوز بشكل مستقل على أذربيجان فيما بين عام 1018 وعام 1040، بهدف العثور على موطن لعائلاتها ومراعي لمواشيها وأماكن تقضي فيها أشهر الشتاء، بهدف تأسيس مستقبل ووطن لهم، وقاموا بعمليات مداهمة للأناضول عبر أذربيجان. قاوم البيزنطيون هذه العمليات، وبالرغم من كسرهم للسلاجقة في معركة باسينلر عام 1048، إلا أن ذلك لم يثني السلاجقة عن تحقيق هدفهم، فواصلوا محاولاتهم للسيطرة على ملاذكرد وقام طغرل باي بمحاصرتها لمدة 3 أشهر في عام 1054، إلا أنه لم يتمكن من السيطرة عليها”.
أضاف شفيق: “استولى السلطان ألب أرسلان، على العاني في عام 1064، وعلى ملاذكرد في عام 1070، ثم بدأ مرحلة أخرى من الفتوحات حين لم تعد الحدود الشرقية للإمبراطورية البيزنطية قادرة على التصدي للغزوات السلجوقية. قاد الإمبراطور الروماني ديوجين، جيشا كبيرا من إسطنبول وعاد مرة أخرى إلى ملاذكرد في 22 أغسطس، مما اضطر السلطان ألب أرسلان للعودة بجيشه الذي كان متوجها به إلى مصر”.
أكد شفيق، أن السلطان ألب أرسلان، كانت لديه معرفة جيدة جدا بجغرافيا المنطقة: “عندما تلقى معلومات بتوجه رومانوس بجيش كبير إلى الأراضي السلجوقية شرقا، أوقف حملته وعاد بجيشه على الفور، وفي تلك الأثناء قام رومانوس بتسريح جزء كبير من جيشه الذي كان متعبا، وتوجه بوحدات جيشه المميزة إلى هوي، وتابع عملياته”.
وتابع قائلا: “بدأ الصراع الأول في صباح 24 أغسطس، بصدّ وحدات السلاجقة الأمامية لوحدات رومانوس أثناء قيامها بعملية في أخلاط، وبما أن السلطان ألب أرسلان كان مطلعا على جغرافيا المنطقة بشكل جيد إذا جاز التعبير، فقد احتفظت قواته بجميع بوابات سهل ملاذكرد من جهة أخلاط”.
“التقى الجيشان السلجوقي والبيزنطي وجها لوجه في سهل ملاذكرد، عند سفح جبل سوبحان، وكان الجيش البيزنطي في موقع متفوق من حيث العدد والعتاد. أمر السلطان ألب أرسلان، بالهجوم في يوم الجمعة المقدس بالنسبة للمسلمين، لرفع معنويات جنوده لأعلى مستوى، واستمر القتال لمدة يومين حتى هُزِمَ الجيش البيزنطي بعد انهياره في 26 أعسطس 1071، بفضل تكتيك جيش الهلال السلجوقي المكون من سلاح الفرسان”.
فتح نصر ملاذكرد أبواب الأناضول أمام الأتراك، الذين تدفقوا عبر هذه الأبواب المفتوحة للاستقرار في الأناضول بعد انهيار قوة بيزنطة، التي لم تعد تشكل أي تهديد.