رئيس تحرير مؤسسة فيميد: أ. إبراهيم المدهون يكتب:
أعلن الاحتلال الإسرائيلي رسميًا عن اغتيال السيد حسن نصر الله، ولكن تبقى الأمور غامضة حتى اللحظة. حزب الله ومصادره يؤكدون أن مصير السيد نصر الله لم يُحسم بعد، إذ تتردد أنباء حول نجاته من استهداف الضاحية الجنوبية، بينما تلتزم أطراف أخرى بالصمت. ومع ذلك، فإن محاولة استهداف السيد نصر الله تعد تطورًا خطيرًا وإعلانًا لحرب مفتوحة تنسف كل قواعد الاشتباك والسياسات الدبلوماسية القائمة. هذا العدوان لا يستهدف لبنان فحسب، بل يمتد ليشمل محور المقاومة بأكمله في المنطقة. وعليه، نحن أمام أيام مفصلية لا تحتمل التردد أو التراجع، ويصبح الحديث عن هدنة أو تهدئة خادعًا لا يعكس الواقع المرير.
اغتيال السيد حسن نصر الله جاءت بتنسيق وتخطيط أمريكي-إسرائيلي، حيث باتت الإدارة الأمريكية منغمسة بشكل أعمق في هذا الصراع. التنسيق العسكري تجاوز حدود “إسرائيل” ليشمل الدولة العميقة في الولايات المتحدة، من خلال مشاركة وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) والبنتاغون. ويبدو أن البنتاغون قد أسهم في توفير السلاح والمعلومات الاستخباراتية التي ساعدت في إدارة هذه الحرب.
أظهرت إسرائيل تفوقًا ملحوظًا على عدة مستويات: استخباراتيًا، عسكريًا، وسياسيًا، بالإضافة إلى التفوق الدبلوماسي. لقد تجاوزت المنظومات الدولية والحقوقية، وارتكبت مجازر إبادة جماعية باستخدام أسلحة لم يسبق لها مثيل. ويشير هذا التصعيد إلى أن إسرائيل كانت مستعدة لهذه المعركة منذ سنوات، خاصة على الساحة اللبنانية.
ورغم أن عملية “طوفان الأقصى” التي قادتها حماس جاءت استباقية، إلا أن تردد بعض القوى في المنطقة وعدم تقديرهم لحجم التهديد الإسرائيلي أوصلنا إلى هذه المرحلة الحرجة.
إذا صحت الأنباء حول اغتيال السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الذي يُعد رمزًا رئيسيًا للمقاومة، فإن ذلك لا يعني نهاية الصراع. بل ربما يشكل بداية لمرحلة جديدة من التصعيد. اغتيال نصر الله لن يضعف المقاومة، بل سيزيدها إصرارًا على مواصلة المعركة دون قيود أو حدود، كما أكد السيد نصر الله في خطاباته السابقة.
تشعر إسرائيل اليوم بنشوة الانتصار والثقة الزائدة بعد استهداف الضاحية الجنوبية وغياب الرد الفوري من حزب الله. ولكن هذا الشعور قد يكون مضللاً، كما حدث مع هتلر في غزوه للاتحاد السوفيتي، عندما ظن أنه قَضى على قادة الجيش الأحمر، ولكن النهاية كانت هزيمته وانتحاره. اليوم، يتكرر التاريخ، فقد أعما إسرائيل الغرور وفائض القوة والدعم الأمريكي غير المحدود، بينما كانت ردود بعض القوى الإقليمية ضعيفة. ومع ذلك، فإن المعركة لم تنتهِ بعد، والاحتمالات ما زالت مفتوحة على مصراعيها.
نحن على أعتاب فصل جديد من الصراع، قد يكون طويلاً ومريرًا ودمويًا. لكن في النهاية، ستتغير المعادلات بلا شك. كانت عملية “طوفان الأقصى” نقطة تحول مفصلية في الشرق الأوسط، ولكن يبقى السؤال الأهم: كيف ستبدو ملامح هذا التغيير؟ وما هي الصورة النهائية التي سيخرج بها العالم من هذا الصراع الذي وصل إلى أخطر مراحله؟