إبراهيم المدهون
اختتم رئيس حركة حماس في الخارج الأخ خالد مشعل أبو الوليد، زيارة خاصة، إلى العاصمة الأردنية عمان، استغرقت أسبوعين، وهي أطول فترة زمنية يقضيها مشعل في الأردن، منذ إبعاده عام 1999م.
وكان مشعل قد انقطع عن الأردن نحو عشرة أعوام بعد إبعاده، وزارها للمرة الأولى للمشاركة في جنازة والده في عام 2009، ثم زارها للمرّة الثانيّة في 2011، لعيادة والدته اثناء مرضها. ثم زارها بعد ذلك عدة زيارات في سياقات اجتماعية وعائليا، وخاصة عند وفاة والدته عام 2016 ولحضور جنازات بعض القادة والأصدقاء، وآخرها بصحبة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، للمشاركة في جنازة الناطق الرسمي باسم الحركة السابق المهندس إبراهيم غوشة في عام 2021. كما قام مشعل خلال هذه الفترة بزيارتين رسميتين عام 2012 و2013 التقى فيها الأخ أبو الوليد ووفد الحركة القيادي مع الملك عبد الله بن الحسين، في أكثر من محطة.
أما الزيارة الأخيرة لمشعل، فقد سجلت فترة زمنية هي الأطول، إذ استغرقت أسبوعين، وهي وإن لم يتم الإعلان الرسمي عنها، ولم تشتمل على اللقاءات مع الجهات الرسمية الأردنية، فإنها أحيطت باهتمام وحديث إعلامي متنوع! كما أن كثيرين لم يصدقوا أن فترة زمنية طويلة كالتي قضاها مشعل، انقضت دون لقاءات مع الجهات الرسمية الأردنية؟! وتوقف البعض عند قيام مشعل بلقاءات شخصيات عديدة سياسية ونيابية وعشائرية مجتمعة ومتفرقة، على هامش الزيارة، التي برزت بلون اجتماعي.
ويبدو من وجهة نظري أن الزيارة اجتماعية بنكهة سياسية، وأن الأردن معني بإعادة الحرارة إلى العلاقة بينه وبين حركة حماس، دون إثارة جهات يهمه العلاقة معها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، وبعض القوى الإقليمية. وأن الأردن يبحث عن صورة معينة للعلاقة مع حماس، يرسل فيها رسائل إلى أطراف متعددة، بأن خيارات الأردن مفتوحة وموجودة، ومنها العلاقة مع حماس، التي تعد حاليا الفصيل الفلسطيني الأول في فاعليته وتأثيره، وامتلاكها لأوراق القوة في الساحة الفلسطينية، كما أن النظام معني بإرسال رسالة إلى الداخل الأردني، الذي تضغط نخبه السياسية وأوساطه الشعبية باتجاه علاقات فاعلة ومعلنة بين النظام الأردني وحركة حماس، خصوصا بعد معركة سيف القدس، إذ تتضمن الرسالة أن علاقة النظام بحماس قائمة ويعمل على تطويرها .
ولا شك أن حركة حماس تهمها العلاقة مع الأردن، لخصوصياته الكثيرة والمميزة، وتدرك العوامل المؤثرة على العلاقة بين الطرفين، وتدير علاقتها مع الأردن الرسمي والشعبي، بحساسية بالغة، ودقة كبيرة، وهي معنية ب “العنب لا مقاتلة الناطور”. وأن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، يتابع بنفسه هذه العلاقة باهتمام ودأب، ليس لإيمانه بتوسيع دائرة علاقات الحركة لتحقيق أكبر فاعلية وتأثير فحسب، بل لقناعته بأهمية العلاقة مع الأردن وخصوصيتها لشعبنا وقضيتنا.
وحقيقة إن التطورات الأخيرة أكدت للأردن، أهمية أن يكون خط العلاقة مع حماس مفتوحا، في ظل مواقف الكيان الصهيوني السلبية ضده، يبقى السؤال الذي يحتاج لإجابة عاجلة، متى يغادر الأردن منطقة التردد، ويخطو خطوات جريئة نحو علاقات علنية ورسمية وفاعلة مع حركة حماس؟!