مكتبات ودور نشر ومراكز ثقافية.. “بنك أهداف” طائرات الاحتلال بغزة
لم تسلم المكتبات والمراكز الثقافية والتعليمية، ودور النشر، من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي استمر 11 يوما.
وخلال العدوان، دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي بناية “كْحِيل”، في حيّ الرمال، والتي تضم مكتبة ونحو 24 مركزا ثقافيا وتعليميا وإعلاميا.
ونتج عن استهداف البناية، تدمير مكتبة “سمير منصور”، وهي من أكبر دور النشر والتوزيع في قطاع غزة.
ويقول صاحبها منصور، إنه يجهل السبب الحقيقي الذي يجعل “إسرائيل” تستهدف المكتبات ودور النشر، والمراكز الثقافية.
ويضيف منصور لوكالة الأناضول “هم يريدون طمس الهوية والثقافة الفلسطينية”.
وكانت المكتبة المدمّرة تضم أكثر من 100 ألف كتاب، من قصص أطفال، وكتب أكاديمية وعلمية وأدبية وثقافية، ومترجمة، ولغات، وفق منصور.
وأوضح أن هذه المكتبة “نشرت مئات الكتب لمؤلفين فلسطينيين، داخل وخارج الأراضي الفلسطينية”.
واستكمل قائلا “أيضا هذه الكتب، شاركت في معارض دولية، كما يتم توزيعها لدور النشر الخارجية سواء في مصر أو سوريا أو لبنان أو الكويت أو قطر”.
كما عكفت مكتبة “منصور” على ترجمة الروايات العالمية كـ”البؤساء”، و”الجريمة والعقاب”.
ويبلغ إجمالي الخسائر المادية التي تكبّدها منصور جرّاء استهداف المكتبة، ما يزيد عن 700 ألف دولار أمريكي.
ولفت إلى أن 15 موظفا يشتغلون في المكتبة، باتوا عاطلين عن العمل.
واستكمل قائلا ” كل العاملين في المكتبة فقدوا فرصة العمل الوحيدة، ومصدر رزقهم”.
ويصرّ منصور الذي بدأ رحلته في الطباعة والنشر والتوزيع منذ أكثر من 20 عاما، على استكمال هذا المشوار، من الصفر، رغم الدمار.
ويقول في هذا الصدد، إنه يعتزم البدء من جديد، حيث باشر بالبحث عن مكان جديد ومناسب للمكتبة، وإعادة ترتيب أموره.
**مركز للغات
بدوره، يقول أحمد الفلّيت، صاحب مركز “نفحة” للتدريب واللغات والترجمة، الذي كان يقع في عمارة “كحيل” أيضا، إن دولة الاحتلال تحاول “تجهيل الشعب الفلسطيني”.
ويضيف الفلّيت في حديث خاص لوكالة الأناضول، إن هذه المراكز “تقدّم خدمات تعليمية وتدريبية للآلاف من الطلبة والمستفيدين”.
الفلّيت الذي افتتح مركز “نفحة”، منذ نحو 7 سنوات، مقدّما خدمة تعليم اللغة “العبرية”، يقول إن تعلّم هذه اللغة يزعج الجانب الإسرائيلي.
وتابع “معرفة العدو، هي الخطوة الاولى التي يُبنى عليها كيفية مجابهته عمليا، وعلميا وثقافيا وأخيرا عسكريا”.
وذكر أن تعليم هذه اللغة يجعل الفلسطينيين مواكبين لما يحدث لديهم، وهذا أمر “يزعجهم جدا”.
واستكمل قائلا “هم يحاولون إخفاء ما يقومون به، فالمعرفة الخطوة الأولى للتعامل مع أي قضية كانت”.
وأشار إلى توسيع دائرة الخدمات التي يقدّمها المركز، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث بدأ يدرس اللغات “التركية والألمانية والفرنسية والكورية والصينية”.
ورغم التدمير والخسائر، إلا أن الفلّيت يصرّ على التقدّم والاستمرار في مسيرته التعليمية والتدريبية قائلا “لن ينجحوا في كسر إرادتنا”.
ومع استهداف المركز، بات نحو 40 محاضرا يقدّمون دوراتهم التدريبية في اللغات المختلفة، عاطلون عن العمل، بعد أن فقدوا مصدر رزقهم بسبب “العدوان الغاشم”، كما قال.
**مكتبة رؤية
وفي ذات البناية “كحيل”، دمرت مكتبة “رؤية” التي يملكها رمضان النجيلي (36 عاما) اثر استهدافها من قبل جيش الاحتلال.
وتقدم المكتبة، بالإضافة لخدمة بيع الكتب، ورشة للطباعة على الأقمشة المتنوعة، والخشب والزجاج.
وعلى مدار الأعوام السابقة، حاول النجيلي تطوير مكتبته وتوسعتها، وتنمية أعماله في الطباعة ليبتكر في كل فترة آلة طباعة يُدخل عليها ميّزات غير موجودة في الآلات المتوفرة بغزة، كما قال.
ويقول إنه حرم عائلته من بعض المستلزمات الأساسية في سبيل تطوير هذه المكتبة؛ كما منع عن نفسه أساسيات الحياة، كي يوفر ثمنها، لتحقيق الهدف الذي يطمح إليه.
ورويدا رويدا، بدأ النجيلي بتحقيق أهدافه، وتطوير هذه المكتبة والمطبعة، ودأب بصب كافة أرباحه التي يكسبها ضمن مشروع التطوير.
لكن الصواريخ الإسرائيلية، حطمت حلم “النجيلي” وأعادته إلى نقطة الصفر.
يقول وهو يحاول البحث عن بعض الكتب التي قد تكون نجت من هذا الزلزال، إن الخسائر التي تكبّدها جرّاء القصف تتراوح ما بين 50 إلى 60 ألف دولار أمريكي.
كما فقد النجيلي، بالإضافة لمكتبه، منزله، حيث كان يسكن في ذات العمارة التي تعرضت للتدمير.
**مكتبة النهضة
وليس بعيدا عن بناية كحيل، دمرت طائرات الاحتلال بناية “المهند”، التي تضم مكتبة “النهضة”، المتخصصة ببيع كافة المستلزمات المدرسية بالإضافة للكتب.
وتأسست المكتبة-حسب حسابها على موقع فيس بوك- عام 1950م، وبدأت نشاطاتها في مجال بيع القرطاسية والأدوات المكتبية والمدرسية والطباعة بكافة أنواعها.
وقالت المكتبة، إنها ستعود للعمل قريبا، رغم تدميرها، حيث كتبت تقول على حسابها في فيس بوك “نطمئن زبائن الكرام بأننا سنباشر أعمالنا قريبا جداً”.
ومنذ 13 أبريل/ نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جراء اعتداءات “وحشية” ترتكبها شرطة إسرائيل ومستوطنوها في مدينة القدس المحتلة، خاصة المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، في محاولة لإخلاء 12 منزلاً فلسطينيًا وتسليمها لمستوطنين.
وتصاعد التوتر في قطاع غزة بشكل كبير بعد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة فيه منذ 10 مايو/ أيار الجاري، تسببت بمجازر ودمار واسع في المباني والبنية التحتية.
وبدأ فجر 21 مايو الجاري، سريان وقف لإطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، بعد 11 يوما من العدوان.
وأسفر العدوان الإسرائيلي، عن 279 شهيدا، بينهم 69 طفلا، و40 سيدة، و17 مسنا، فيما أدى إلى أكثر من 8900 إصابة، منها 90 صُنفت على أنها “شديدة الخطورة”.