د. باسم نعيم يكتب:
يتساءل الكثيرون: من هو يحيى السنوار، القائد الجديد لحركة حماس؟ هذا السؤال يطرحه مناصرو الحركة ومؤيدو المقاومة، بدافع الاطمئنان إلى أن اختيارات الحركة تتماشى مع تطلعاتهم لمستقبل فلسطين وقضيتها. إذ أن حركة حماس اليوم ليست مجرد تنظيم محلي، بل باتت جزءًا من القضية الوطنية الفلسطينية التي تتعدى حدودها لتصبح محورًا عربيًا وإسلاميًا، لها صدى حتى في العواصم الكبرى حول العالم.
هذه المقدمة ليست مجرد سرد إنشائي، بل تستند إلى حقائق راسخة على الأرض، صنعتها الحركة عبر سنوات من النضال والمقاومة. ولا تستند فقط إلى الانتماء الشخصي للكاتب كعضو في الحركة منذ بداياته المبكرة، بل إلى استشارات دولية واستطلاعات رأي، أجرتها جهات متعددة، بعضها صديقة وبعضها معادية.
تساؤلات الأعداء والخصوم
في الجانب الآخر، يأتي تساؤل بعض خصوم الحركة عن السنوار بدافع معرفة اتجاهات حماس المستقبلية، خاصة في ظل الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها الحركة. يسعى هؤلاء لمعرفة ما إذا كانت هذه الضغوط قد نجحت في تغيير العقيدة السياسية لحماس أو توجهاتها الأيديولوجية، خصوصًا فيما يتعلق بالصراع مع الاحتلال.
رغم تلك التساؤلات، تظل الرؤية الاستراتيجية للحركة ثابتة: تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، باستخدام المقاومة المسلحة كأداة مركزية، ورفض الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني على أي جزء من الأرض الفلسطينية.
قائد في مواجهة التحديات
السنوار، الذي أمضى أكثر من عقدين في سجون الاحتلال منذ اعتقاله عام 1989، بات رمزًا في الحركة، رغم غيابه القسري عن المشهد لسنوات طويلة. خلال تلك الفترة، لعب دورًا حيويًا من داخل السجون، حيث ترأس الهيئة القيادية التنظيمية لفترات عديدة، وكان له دور بارز في اتخاذ القرارات المصيرية على مستوى الحركة.
تعود قلة ظهور السنوار الإعلامي إلى طبيعته القيادية التي تركز على العمل الميداني، خاصة في ظل الظروف الأمنية المعقدة التي واجهها بعد خروجه من السجن.
صفاته القيادية
من خلال معرفتي الشخصية بالسنوار، أستطيع التأكيد على أن هذا القائد استثنائي في العديد من الجوانب:
- رؤية واضحة وثابتة: يمتلك السنوار رؤية استراتيجية واضحة للمشروع الوطني الفلسطيني، ويعي تمامًا التحديات والتضحيات المطلوبة لتنفيذ هذه الرؤية.
- وحدة وطنية: يؤمن السنوار بأن الوحدة الوطنية ليست خيارًا بل واجبًا شرعيًا وفريضة وطنية. يحترم تضحيات جميع الوطنيين بغض النظر عن أحجامهم أو تأثيرهم.
- المقاومة الشاملة: يدرك أهمية المقاومة بجميع أشكالها، لكنه يعتبر المقاومة المسلحة هي العمود الفقري لأي مشروع وطني فلسطيني. لذلك، استثمر بشكل كبير في بناء القدرات العسكرية للحركة.
- معرفة دقيقة بالعدو: يتمتع السنوار بمعرفة دقيقة بالكيان الصهيوني، تفوق حتى بعض الخبراء والمختصين في هذا المجال، مما يمنحه ميزة في فهم تحركات العدو واستراتيجياته.
- قدرات استشرافية: السنوار لديه قدرة على قراءة المشهد السياسي والأمني بمستوياته المختلفة، وقد أثبتت الأيام صحة توقعاته في كثير من المحطات الحاسمة.
- شخصية قوية: على المستوى الشخصي، السنوار متدين ومثقف، ويتمتع بصلابة نفسية وقرب من إخوانه، ويولي اهتمامًا كبيرًا بالقرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، معتبرًا أنهما أساس بناء المجتمع والفرد.
محطة تاريخية
قد يكون البعض قد تفاجأ بتولي السنوار قيادة الحركة خلفًا لإسماعيل هنية، وبدأوا يتساءلون عن أسباب هذا الاختيار. ولكن يبدو أن السنوار وإخوانه في القيادة كانوا على قدر المسؤولية في تفجير معركة “طوفان الأقصى” التي شكّلت محطة فاصلة في مسيرة الصراع مع الاحتلال.