في ظل استمرار جائحة كورونا وتصاعد حدة الفيروس بين فترة وأخرى، تستجيب حكومات دول العالم أجمع للتعامل مع الجائحة كلٌّ بقدر استطاعتها وإمكانيتها، ومع بدء ظهور اللقاحات الخاصة بفيروس كوفيد 19 تسعى حكومات الدول المتقدمة، ومن ضمنها تركيا، للبدء بإعطاء اللقاحات لمواطنيها والمقيمين على أراضيها بشكل واسع ومكثف، وذلك من أجل العودة إلى الحياة الطبيعية.
ومنذ الإعلان عن أول إصابة بفيروس كوفيد 19 في تركيا شهر مارس/آذار 2020، اتخذت تركيا العديد من التدابير الاحترازية من أجل الحد من آثار جائحة كورونا، وعلى الدوام قامت الهيئة العلمية التابعة لوزارة الصحة التركية بتعزيز وتحديث الإجراءات الوقائية الواجب اتباعها بما يتناسب مع معدل انتشار الفيروس والطفرات التي تطرأ عليه.
ومع بداية الشهر الجاري، وبعد ثلاثة أسابيع متتالية من الإغلاق التام، خففت الحكومة التركية من القيود المفروضة ورفع الحظر تدريجياً، ولحق ذلك إعلانات حكومية تفيد ببدء إعطاء اللقاح لفئات عمرية صغيرة وللعاملين في قطاعات السياحة والترفيه، الأمر الذي بعث على التفاؤل بين صفوف المواطنين وساهم في بدء عودة الحياة الطبيعية إلى الأماكن السياحية والمنتزهات، فضلاً عن المطاعم والمقاهي في عموم البلاد.
التطعيم المكثف
إضافةً إلى الإجراءات الوقائية التي اتبعتها تركيا منذ ظهور الفيروس على أراضيها، أطلقت تركيا في 14 يناير/كانون الثاني الماضي حملة التطعيم ضد فيروس كوفيد 19، حيث بدأت بالعاملين في القطاع الصحي ثم المسنين، ضمن جدول أولويات للشرائح التي سيتم تطعيمها، وصولاً اليوم إلى العاملين بقطاعات الخدمات والسياحة والترفيه.
والجمعة، بدأت حملة التطعيم المكثفة التي تستهدف قطاعات مهنية وفئات عمرية جديدة، تشمل العاملين في إنتاج وتوزيع المواد الغذائية والعاملين في المقاهي والمطاعم، فضلاً عن المحامين والعاملين في صالونات التجميل، بحسبتغريدة كتبها وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة.
ومن المتوقع أن حملة التطعيم التركية ستكتسب زخماً كبيراً في شهر يونيو/حزيران الجاري، خصوصاً بعد أن أعلنت وزارة الصحة التركية شراء 120 مليون جرعة من لقاح “بيونتك ـ فايزر” و100 مليون من “سينوفاك” الصيني و50 مليوناً من “سبوتنيك” الروسي، بالإضافة إلى قرب بدء إنتاج اللقاح المحلي.
وابتداءً من يوم الاثنين القادم سيتم إدراج من هم فوق سن 40 في برنامج التطعيم، ويتوقع أن يتم إحضار 4 ملايين و200 ألف جرعة من لقاح “بيونتك ـ فايزر” بداية الأسبوع المقبل، ومع هذا الكم الوفير من اللقاحات، تهدف وزارة الصحة إلى تطعيم أولئك الذين تبلغ أعمارهم 20 عاماً وأكثر بحلول نهاية هذا الشهر.
ووفقاً لوزارة الصحة التركية تجاوز عدد عمليات التطعيم في تركيا، حتى مساء الخميس، 32 مليوناً و213 ألفاً، حيث وصل عدد الأشخاص الذين حصلوا على الجرعة الأولى إلى 18 مليوناً و727 ألفاً و608، في حين أن عدد الأشخاص الذين حصلوا على الجرعتين الأولى والثانية وصل إلى 13 مليوناً و485 ألفاً و511، وخلال الساعات الـ24 الماضية تم تطعيم نحو 457 ألف شخص ضد فيروس كوفيد 19 في تركيا.
عودة الحياة إلى طبيعتها
مع بدء حملة التطعيم المكثفة التي تنتهجها الحكومة التركية حالياً، بالإضافة إلى ما قدمته التدابير الاحترازية الصارمة التي طبقتها المؤسسات الرسمية التركية طوال السنة ونصف السنة الماضية في الحد من انتشار فيروس كوفيد 19 وكبح جماح الجائحة التي ألمت ليس فقط بتركيا بل بالعالم أجمع، سجلت وزارة الصحة التركية انخفاضاً ملموساً في أعداد الإصابات بالفيروس، خصوصاً بعد الإغلاق التام لمدة ثلاثة أسابيع متتالية في الفترة بين 29 أبريل/نيسان و17 مايو/أيار.
وبسبب زيادة وتيرة عملية التطعيم وما لحقها من هبوط حاد في أعداد المصابين في عموم البلاد، أنهت الحكومة التركية الحظر الكلي، فضلاً عن تخفيفها للحظر الجزئي المعمول به منذ عدة أشهر، والذي كان يجري تحديثه بين الفترة والأخرى بناءً على خط سير العدوى والطفرات التي يحدثها الفيروس.
ومنذ بداية الشهر الجاري أعلنت الحكومة التركية عن التخفيف من شروط الحظر الجزئي تمهيداً لعودة الحياة الطبيعية، وأُعطي الإذن بفتح أبواب المطاعم والمقاهي من أجل استقبال الزبائن، وأُزيل الحظر خلال يوم السبت فيما أبقي عليه ليوم الأحد، وتم تحديد ساعات الحظر بين الساعتين 22:00 و5:00.
ويُنتظر أن تشهد الأيام القليلة القادمة موجة تخفيف أخرى تنهي عصر ارتداء الكمامة في الأماكن العامة، خصوصاً بعد العودة التدريجية التي تشهدها أماكن الترفيه والسهر مع بدء موسم الصيف، كما يتوقع أن تنهي وزارة الصحة التركية إجراءات تطعيم أغلب المواطنين والمقيمين على أراضيها خلال الأشهر الـ3 القادمة.
موسم سياحي آمن
مع قدوم الصيف وبدء الموسم السياحي، أكدت وزارة الثقافة والسياحة استمرار العمل ببرنامج “شهادة السياحة الآمنة” الذي فرضته بداية العام الحالي، ويجبر البرنامج جميع المرافق السياحية على اتباع الشروط والمعايير من أجل الحصول على هذه الشهادة التي ستمكن الحاصلين عليها من أخذ الأذون اللازمة للمباشرة في العمل، وترتكز هذه التدابير على التأكد من الحالة الصحية لكل من الزائرين والعاملين واتباع المعايير الموضحة مسبقاً خلال مراحل نقل الزوار واستضافتهم.
ويذكر أن شهادة السياحة الآمنة التي طبقتها وزارة السياحة ساهمت في دخول تركيا صدارة الدول المفضلة لقضاء العطل في ظل استمرار جائحة كورونا، حيث أكد نائب رئيس اتحاد مشغلي الفنادق ورئيس الرابطة المتوسطية لأصحاب الفنادق السياحية والمشغلين، أركان ياغجي، ذلك عند قوله: “إن قطاع السياحة التركي تجاوز امتحان العام الماضي بنجاح من خلال التدابير المتخذة للحد من انتشار كورونا”.
وعلى الرغم من انتشار وباء كورونا والحظر المفروض عالمياً، فإن أعداداً كبيرة من السياح الأجانب توافدت إلى تركيا خلال الفترة الأخيرة، حيث استقبلت تركيا في عام 2020 نحو 16 مليون سائح، فيما بلغ حجم عائدات السياحة خلال العام ذاته قرابة 12 ملياراً و59 مليون دولار أمريكي، حسب بيانات هيئة الإحصاء التركية.
وتوقع ياغجي أن تستقبل تركيا العام الحالي أعداداً كبيرة من السياح تفوق تلك الأعداد التي جرى استقبالها خلال العام الماضي، ولفت إلى أن عملية التطعيم ستلعب دوراً مهماً في زيادة نشاط الحركة السياحية في عموم البلاد.