قالت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها إن قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تعليق الانتخابات التشريعية “الفاشلة” يجعل السلطة أضعف مما كانت عليه.
وأضافت: “واحد من الأسباب لعدم وجود تقدم نحو السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال العقد الماضي، هو رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يحكم منذ عام 2009، تبني شروط معقولة للدولة الفلسطينية. وسبب آخر هو الوضع البائس للحكم الفلسطيني. فمنذ عام 2007 تسيطر حركة حماس الإسلامية التي ترفض الاعتراف بإسرائيل أو نبذ العنف على غزة. وفي الضفة الغربية يرفض رئيس السلطة الوطنية محمود عباس مبادرات السلام”.
لكن لدى عباس كما تقول الصحيفة فضيلة كبيرة وهي معارضته للعنف والتعاون مع إسرائيل للحفاظ على وضع الضفة الغربية الآمن منذ خلافته لياسر عرفات، وإلا لكان حكمه كارثة.
وانتُخب عباس عام 2005 لمدة أربعة أعوام، إلا أنه ظل في الرئاسة على مدى العقد الماضي وحكم من خلال المراسيم وقاد نظاما غير شعبي وفاسد. وفشلت محاولاته لتوحيد الحكم الفلسطيني إما بالتفاوض أو القوة. وكانت آخر مبادراته في كانون الثاني/ يناير، عندما أعلن عن انتخابات تشريعية ورئاسية، وداخل المجلس التشريعي الحاكم لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي كان من المقرر أن تبدأ هذا الشهر. والنتيجة فشل ذريع آخر.
وكان عباس يأمل، على ما يبدو، بالحصول عبر الانتخابات على تفويض جديد يقود إلى حكومة فلسطينية موحدة لحركته فتح اليد الطولى فيها. ورحب الفلسطينيون متحمسين بمنظور الانتخابات، وسجلت نسبة 93% ممن يحق لهم التصويت بالإضافة إلى 36 قائمة.
لكن حماس لم تضبط خياراتها كما أمل عباس، ورشحت قائمة فيها عدد من قيادات المقاومة “المتشددين”، بعضهم ساهم في هجمات ضد الاحتلال الاسرائيلي، وفق زعم الصحيفة.
وبالنسبة لعباس، فقد انقسمت حركته إلى ثلاثة فصائل، واحد يشمل على رموز شابة ويحظى بشعبية. وفي الأسبوع الماضي بدا أن حماس قد تفوز في الانتخابات التشريعية، فيما أظهرت الاستطلاعات أن عباس قد يخسر الرئاسة أمام منافسه مروان برغوثي أو حتى أمام رئيس حماس، إسماعيل هنية. وبالتالي لم يفاجأ أحد عندما قرر عباس يوم الخميس تعليق الانتخابات لأجل غير مسمى، متذرعا برفض إسرائيل تأكيد مشاركة الفلسطينيين في القدس الشرقية في الانتخابات.
ولم تشعر حكومة الاحتلال التي تعاني شللا بسبب أزمتها السياسية بل الدول العربية الجارة والولايات المتحدة، لأن أحد لم يكن أحد يريد سيطرة حماس على الضفة الغربية وانهيار الوضع الأمني الهش. ولكن تراجع عباس من المحتمل أن يتركه ضعيفا وأقل شعبية أكثر من أي وقت مضى، واستمرار الفلسطينيين في التعامل مع نظام سياسي فاشل.
ومن غير المحتمل أن يتعامل الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن مع هذه المشكلة كأولوية. فهو عندما كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، راقب محاولاته العبثية للتعامل مع عباس. ومن الحكمة لو قامت الدول العربية وضغطت على عباس العجوز للاستقالة وفتح المجال أمام جيل جديد من القيادات التي تستطيع التنافس مع حماس وإحياء السلطة الفلسطينية ووضع الأسس لدولة ناجحة.