وقفة وقراءة لانتفاضة الضفة الغربية المظفرة
إبراهيم المدهون
الذي يحدث في الضفة الغربية انتفاضة فلسطينية شاملة وهي أقرب إلى الانتفاضة المسلحة، اشتباك كامل وشامل في كل القطاعات الشعبية الإعلامية السياسية والاقتصادية.
أسباب ودوافع هذه الانتفاضة وجود الاحتلال ابتداءا بالإضافة إلى توحش عملية الاستيطان وتوسعه، ففي كل يوم هناك تعدي ونهب لأراضي الضفة، وزيادة في الاستيطان الصهيوني وحصر للأرض الفلسطينية، حتى ضاعت أكثر من 60% من مساحة الضفة وتحولت مستوطنات صهيونية يقطنها الأكثر تطرفا وحقدا.
زد على ذلك الانتهاكات ضد المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية فكل يوم هناك انتهاكات في مدينة القدس تستفز مشاعر وتهيب بكل فلسطيني للتحرك رغما عنه، بالإضافة إلى عمليات الاغتيال والقتل والاعتقال الدائم ضد فلسطينيي الضفة، كما أن الاحتلال الإسرائيلي رفض عملية السلام وانقلب على الاتفاقيات مع السلطة وأضعفها وحولها لكنتونات أمنية يحركها ضابط برتبة منسق.
فينظر للسلطة أنها كيان أمني لخدمته فقط ولا يتعامل مع السلطة إلا عبر بعض ضباط الأمن هذه الأسباب السابقة أدت إلى حالة غضب عارم وإلى مواجهات واشتباكات شاملة في الضفة الغربية
لهذا العمليات الفردية والاشتباك الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي دليل تصاعد حالة الغضب الشديد، وأن الشعب الفلسطيني غير قابل لوجود هذا المحتل، وان شعبنا يتعرض لاستفزازات كثيرة وخطيرة وغير محتملة، بالإضافة إلى فشل عملية السلام، وأن الشعب الفلسطيني أدرك أن الحل في التعامل مع هذا الاحتلال لا ينفع معه إلا لغة القوة والمواجهة، ودليل أن قوة الشعب الفلسطيني زادت واستطاعت المقاومة التغلب على الخطة الأمريكية والإسرائيلية التي استهدفت الجيل الفلسطيني، واستهدفت المقاومة في الضفة الغربية، وباتت اليوم الكلمة للمقاومة ومن الطبيعي أن يكون هناك عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأتوقع ازديادها وتصاعدها في المرحلة المقبلة وازدياد وتيرتها خصوصا بعد نتائج الانتخابات التي أفرزت أبناء كهانا، كما بات الاحتلال أضعف من احتواء وهزيمة ومواجهة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.
حضور الفصائل وغيابها
تنفذ فصائل المقاومة بعض العمليات وهناك تشكيلات فصائلية فاعلة وموجودة، ولكن الأخطر على الاحتلال الإسرائيلي وجود تشكيلات ما بعد الفصائل وما بعد الايدلوجيا وما بعد السياسة، فهناك مجموعات شعبية تتكون من شباب مختلفين الانتماءات والتوجهات، ومن مشارب فكرية متنوعة، ومن التيارات الفلسطينية المتنوعة، لا يضبطهم هيكل تنظيمي فصائلي وتوجهات فكرية، اجتمعوا على مقاومة الاحتلال فقط، مثل مجموعة عرين الأسود وكتيبة جنين، وخرجت المجموعات الشبابية من تلقاء نفسها بعد الاستفزازات المتكررة ضد الشعب الفلسطيني، متجاوزة خطط المحتل وقيود السلطة، ووجدت دورها ومن واجبها مواجهة الاحتلال ومقاومة الاحتلال.
هذه المجموعات أثبتت فعاليتها خصوصا انه ليس لها بعد فصائلي ولا يمكن التحكم بها، ولا الضغط عليها، لأنها غير مدروسة فحتى اللحظة الاحتلال غير قادر على توقعها وقراءتها، بالإضافة لتعقيدات العمليات الفردية الذاتية، تأتي بقرار أحادي وشخصي والعملية الفردية الأخطر على الاحتلال الإسرائيلي، فهي غير متوقعة ولا يتنبأ بها، ولا تتبع تعقيدات في الإخراج، فلا يستخدم وسائل الاتصالات المرصودة، ولا يعرف بها إلا المنفذ نفسه، يخطط ويجلب السلاح ويحدد الهدف وينفذ العملية بذاته، وهذه أخطر ما يمكن أن يواجه الاحتلال الإسرائيلي العملية الفردية.
وتشهد الضفة ازدياد بالمجموعات غير الفصائلية، والعمليات الفردية تزداد قوة إسناد شعبي منقطع النظير للمجموعات كعرين الاسود وأبطال العمليات الفردية فباتوا نجوما، وقادة فلسطين الأشهر والأكثر حضورا.
نحن الآن في انتفاضة حقيقية تحتاج مساندة من القوى في الداخل والخارج، وهي أمل الفلسطيني في إحباط مخطط وكيد العدو، وهناك أشكال مختلفة ففي كل مرة يبدع الشعب الفلسطيني شكلا جديدا باسلوب وطرق المواجهة، نحن اليوم أمام شكل جديد يعتمد على العمليات الفردية والمجموعات غير الفصائلية، وربما تتصاعد المواجهات والاشتباكات والعمليات أكثر وأكثر وتتوسع نوعا وكما، وقد يحدث انفجار شامل.
،ولهذا هناك خشية من قبل الاحتلال ومحاولات لاحتواء هذه الحالة الشعبية ويبذل العدو جهدا كبيرا للحد من تنفيذ العمليات.
فعرض على مجموعة عرين الأسود وغيرها من المجموعات غير الفصائلية التوقف عن ملاحقتهم واعتقالهم واغتيالهم مقابل التوقف عن المقاومة وتسليم السلاح، وقوبل هذا العرض باستهزاء عرين الأسود وبالعكس هناك حالة ازدياد وتصاعد بالعمليات و نوعيتها، والاحتلال الإسرائيلي محتار كيف يتعامل ويشعر انه بأزمة فإن صعد الاغتيال والاعتقال قوبل بتوسع في المواجهة والالتفاف الجماهيري وتمدد الانتفاضة، وزيادة في المقاومة وأنظمتها. ولهذا يضغط الان على السلطة لتفتعل الأزمات باعتقال بعض الفاعلين كمصعب اشتية، وممارسة دور الشرطي في الاعتقالات والاحتواء.
نحن أمام فرصة لتطوير نضالنا في الضفة وحصد نتائج تؤهلنا لفكفكة الكيان المؤقت وتحرير أرضنا، ويحتاج من كل فلسطيني المشاركة في هذه الانتفاضة المقاومة.