وكيل “الأشغال” بغزة: نتوقع بدء إعادة الإعمار قريبا

توقّع وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان، ناجي سرحان، أن تبدأ عملية إعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي الأخير في قطاع غزة في يوليو/ تموز المقبل، مؤكدا أن مواد البناء ستدخل عبر مصر، وليس الاحتلال الإسرائيلي.

جاء ذلك في حوار أجرته وكالة “الأناضول”، مع سرحان عقب عودته من مصر، التي زارها لمدة 5 أيام برفقة وفد وزاري وشخصيات من القطاع الخاص.

وقال سرحان إنهم قدّموا ورقة للجانب المصري تحمل رؤيتهم لإعادة الإعمار في جميع المجالات المختلفة، وكيفية الاستفادة من المنحة المصرية.

وتابع سرحان إن إعمار قطاع غزة وإصلاحه بشكل كامل جرّاء العدوان الأخيرة، والحروب السابقة، يحتاج لنحو 2 إلى 3 مليارات دولار.

وذكر أنهم اتفقوا مع المصريين على “إدخال مواد بناء إعادة إعمار غزة، عبر الجانب المصري وليس الإسرائيلي (كما كان في السابق)، كي تستفيد مصر من ذلك”

وفي 13 أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في فلسطين جراء اعتداءات “وحشية” إسرائيلية بمدينة القدس المحتلة، وامتد التصعيد إلى الضفة الغربية والمناطق العربية داخل إسرائيل، ثم تحول إلى مواجهة عسكرية في غزة استمرت 11 يوماً وانتهت بوقف لإطلاق النار فجر 21 مايو/أيار الماضي.

وأسفر العدوان الإسرائيلي عن 290 شهيدا (في غزة والضفة)، بينهم 69 طفلا و40 سيدة و17 مسنا، وأكثر من 8900 مصاب.

كما تسبب العدوان بتدمير آلاف الوحدات السكنية، “كليا أو جزئيا”، بالإضافة إلى إلحاق أضرار فادحة بالبنية التحتية.

اللقاء مع المصريين

قال سرحان إنه التقى، خلال زيارته لمصر، بقيادات جهاز المخابرات العامة المصري، وشركة أبناء سيناء للتجارة والمقاولات العامة.

وناقش الطرفان خلال اللقاء، بحسب سرحان، احتياجات قطاع غزة لإعادة الإعمار وكيفية صرف المنحة المالية المصرية.

وأوضح أنهم قدّموا ورقة للجانب المصري بأولويات “قطاع الإسكان، والاقتصاد، والزراعة، والبنى التحتية، والصحة والتعليم والكهرباء، للاستفادة من المنحة وترتيب الأولويات”.

وذكر أن الوفد الهندسي المصري الذي وصل غزة، الأحد، جاء لـ”معاينة الواقع والاستماع للاحتياجات الحقيقية ومقارنتها مع ما هو موجود، ودراسة آليات تنفيذ إعادة الإعمار”.

ووصف التعامل المصري مع الملف الفلسطيني فيما يتعلق بإعادة الإعمار بـ”المتعاون والجاد”.

واستكمل قائلا “المصريون كانوا متعاونين جدا ومنفتحين وجديين، وأكدوا على أن غزة ستُبنى بسواعد أبنائها وبشركات فلسطينية”.

ونفى سرحان وجود نية لاستقطاب عمالة مصرية، أو شركات خارجية، للعمل في إعادة إعمار غزة، مستكملا “مصر تعي حجم البطالة بغزة وهي حريصة أن تُبنى بسواعد شبابها”.

وأشار إلى أن الشركات المصرية، من الممكن أن تأتي لغزة “في حالة احتياج القطاع إليها، لتنفيذ مشاريع استراتيجية ونوعية، لا يوجد لدى الجانب الفلسطيني خبرة فيها”.

مواد البناء

وقال سرحان إن مصر شكّلت لجنة عليا برئاسة نائب رئيس جهاز المخابرات العامة (لم يذكر اسمه)، للإشراف على المنحة المصرية، ما يشي باهتمام وجدية مصرية اتجاه ملف الإعمار.

وأوضح أن الزيارة الاخيرة لمصر أفضت إلى اتفاق “يتم على أساسه استيراد مواد البناء من الجانب المصري، بدلا عن الجانب الإسرائيلي”.

واستكمل قائلا “65-70 بالمئة من الإعمار هو مواد بناء، الأولى أن يستفيد المصريون من الأموال بدلا من الاحتلال الذي دمّر بيوتنا”.

وذكر أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تعمّدت، خلال السنوات السابقة، تأخير عملية إعادة إعمار غزة، من خلال الآلية التي تم الاتفاق عليها بين السلطة الفلسطينية والاحتلال والأمم المتحدة، عقب عدوان عام 2014 وأطلق عليها اسم “GRM”.

ويضمن الاتفاق رقابة صارمة على جميع التفاصيل المتعقلة بإدخال مستلزمات الإعمار ومراحل تنفيذه والمستفيدين منه.

وقال سرحان “هذه الاتفاقية باتت خلف ظهورنا، ومواد البناء ستأتي مباشرة من مصر”.

وتابع أن عملية الإعمار، من المتوقع أن تبدأ في يوليو/ تموز المقبل، وتنتهي خلال عام أو عامين في حال توفّرت الأموال لذلك.

وعن أموال إعادة الإعمار، قال سرحان إنه سيتم البدء بالمنح المالية الموجودة المصرية والقطرية، ومن ثم خلال هذه المرحلة، قد تصلنا تعهّدات جديدة من دول أخرى كالكويت والسعودية وعمان، وغيرها من الدول.

ومن المحتمل، وفق سرحان، عقد مؤتمر للمانحين خلال الشهور الثلاثة القادمة، لحث الدول على التزاماتها تجاه إعمار غزة، كإجراء روتيني حدث بعد الحروب السابقة.

جسور

وناقش الوفدان الفلسطيني والمصري، في القاهرة، إعمار كامل لقطاع غزة، وليس إعادة إعمار، وفق سرحان.

وتابع “قطاع غزة مدمّر ومحاصر، وتعرّض لـ3 حروب رئيسية، وجولات من التصعيد، فهو يحتاج إعادة بناء بالكامل”.

وأوضح أنهم عرضوا على مصر، ضمن ملف الإعمار، دراسة أوضاع المفترقات الرئيسية في غزة، وإنشاء (الجسور) عليها لأول مرة.

وعن ذلك، قال سرحان إن مصر “وافقت على إرسال فريق متخصص لدراسة هذا المجال، وكيفية إنشاء الجسور بغزة”.

مدينة مصر

ووضع مدير جهاز المخابرات المصرية، عباس كامل، حجر الأساس لبناء حي سكني بتمويل وإشراف مصري، أطلقوا عليه اسم “مدينة مصر”، في 31 مايو/ أيار الماضي.

وعن تفاصيل هذه المدينة، قال سرحان “تم الاتفاق مع المصريين ألا يتم تأسيس هذه المدينة، في منطقة واحدة، لعدم وجود مساحات كافية لتأسيسها”.

وتابع “تم تزويد الجانب المصري ب3 مواقع أو أكثر، لتأسيس هذه المدينة، وسيتم تقييم الأماكن مع زيارة الوفد المصري”.

وأوضح أن كل منطقة من الممكن أن تضم نحو 500-1000 وحدة سكنية، حسب مساحتها.

وأفاد سرحان أن الاستفادة من هذه المدينة ستكون بنظاميْن، الأول قائم على “الإيجار والأقساط”، وأما الثاني في للحالات الاجتماعية الفقيرة.

تعويض المتضررين

وقال إن عدد الأبراج التي دّمرت خلال العدوان الأخير بشكل كامل، بلغت نحو 30 برجا وعمارة سكنية (من 8 طوابق فما فوق)، منها 5 أبراج رئيسية.

وتابع سرحان إن ما يزيد عن 20 عمارة سكنية كبيرة، تعرضّت للدمار الكامل.

وأوضح أن عدد الوحدات السكنية التي دمرّت بشكل كامل، وجزئي بليغ غير صالح للسكن، خلال العدوان الأخير، وصل إلى ألفي وحدة، بينما تضررت نحو 22 ألف وحدة بشكل متوسط وطفيف.

وذكر أن عملية الإعمار ستبدأ ببناء الأبراج والعمارات المدنية المكوّنة من 4 طوابق وما فوق (متعددة الملّاك).

وتابع “اتفقنا مع المصريين أن نبدأ كمرحلة أولى بإعادة بناء الأبراج ضمن المنحة المصرية، على أن يتم إعادة بناء 10 أبراج مرة واحدة، ومن ثم تستمر عملية بناء الأبراج والعمارات الكبيرة حتّى الانتهاء منها والانتقال للمنازل الصغيرة والوحدات السكنية”.

وعن تعويض المتضررين، قال سرحان إن المتضرر بشكل كلي سيتم إعادة بناء منزله مباشرة “حيث سيتم تقدير التكلفة، ومن ثم منحه دفعات مالية ويشرع ببناء منزله كمل يريد، حسب مساحات يتم اعتمادها بنظام البناء بأفضل طريقة”.

هذا النظام، يقضي بأن يكون تصميم المنزل متناسب مع الحد الأدنى من الشروط الإنسانية لعملية الإعمار، بحسب سرحان.

أما تعويض المتضررين جزئيا، فقد يكون على وجهيْن، الأول “منحهم دفعات مالية لإصلاح منازلهم، والثاني مرتبط بشروط المؤسسات المانحة، حيث تقوم شركات بنفسها بإصلاح هذه البيوت المتضررة”.

وعن الوحدات السكنية التي تضررت خلال الحروب السابقة، ولم يتم إعمارها بعد، قال سرحان إنه يتوقع إعادة بنائها ضمن عملية الإعمار التي ستبدأ قريبا.

وقال “ما زالت نحو 1700 وحدة سكنية دمّرت بشكل كامل، تنتظر دورها في الإعمار”.

وتابع “كما أن 60 ألف وحدة سكنية دمّرت بشكل جزئي خلال الحروب السابقة، لم يتم إصلاحها حتّى الآن”.

القطاع الاقتصادي

وقال سرحان إن القطاع الاقتصادي، تكبّد خسائر كبيرة جرّاء العدوان الإسرائيلي الأخير، والحروب السابقة، تقدّر بنحو 300 مليون دولار.

وقدّر خسائر العدوان الأخير بنحو 100 مليون دولار، و200 مليون هي خسائر الحروب السابقة.

وأوضح أن إعادة إعمار القطاع الاقتصادي يجب أن “أولوية لدى الدول المانحة”.

وطالب تركيا بتبنّي إعادة إعمار القطاع الاقتصادي، كونها من الدول الصديقة، والحاضنة للقضية الفلسطينية، وخاصة أن لديها “تجربة جيدة في إنشاء المناطق الصناعية، خاصة في الضفة الغربية”.

واستكمل قائلا “تربطنا مع تركيا علاقة جيدة وتاريخ مشترك، لابد أن تكون هناك اسهامات واضحة في هذا الجانب”.

Exit mobile version