يوم الأرض وروح الثورة
تقوى نضال أبو كميل – باحثة في مجال العلاقات الدولية
يحتفل الفلسطينيون بيوم الأرض منذ عدة عقود في 30 مارس من كل عام إنه يوم مهم للفلسطينيين في كل مكان، إنها لحظة خاصة في التاريخ الفلسطيني عندما تحولت الاحتجاجات ضد مصادرة الأراضي 1976 الى مذبحة سقط ضحيتها 6 من الفلسطينين العزل كان همهم الوحيد هو محاولة ردع المحتل عن سرقة ما تبقى من الأرض.
ومع حلول الذكرى السادسة والأربعون لا تزال انتهاكات المحتل مستمرة بعين الماضي حاضرة، يأتي يوم الأرض هذه السنة وأكثر من 1500 فلسطيني يعيشون خطر التهجير القسري من منازلهم في أحياء القدس ويشكل الأطفال النسبة الأكبر ففي حي سلوان في البستان ، تلقت 21 عائلة أوامر بهدم منازلها قبل أن تأتي الجرافات وتهدمها في نهاية شهر يونيو ، لإفساح المجال أمام موقع سياحي يُزعم أنه مستوحى من الكتاب المقدس “حديقة الملك ديفيد”.
وقد قضت المحاكم الإسرائيلية لصالح المستوطنين اليهود في الشيخ جراح أيضاً ، حيث ستعقد جلسة نهائية لأربع عائلات في “المحكمة العليا” في 2 أغسطس القادم، كما وستواجه عائلتان من حي بطن الهوى في سلوان جلسة استماع نهائية في نهاية شهر يوليو.
إنها سياسية عقاب جماعي ينتهجها الاحتلال لتحقيق هدفه التوسعي الاستعماري العنصري في جميع أنحاء القدس الشرقية والضفة الغربية ، من خلال التهجير القسري للعائلات الفلسطينية من أراضيها ومنازلها واستبدالها بمستوطنات إسرائيلية غير شرعية. ان ما يعيشه أهالى القدس اليوم ما هو إلا نكبة جديدة تحصل على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي والعالم.
وفي غزة المحاصرة منذ 2007 انطلقت مسيرات العودة الكبرى في 30 آذار / مارس 2018 في ذكرى يوم الأرض وما زالت مستمرة ولو بشكل متقطّع منذ ذلك حتى الآن، فعلى الرغم من الرد الدموي للجيش الإسرائيلي، شارك آلاف الفلسطينيين في الاحتجاجات شبه الأسبوعية في قطاع غزة ، على طول السياج الفاصل بين الأراضي المحتلة والقطاع كانوا يطالبون بالاعتراف بحقهم في العودة إلى ديار أجدادهم، و مع النطاق الكبير والموحد لهذه المظاهرات ، وجد الفلسطينيون إحساسًا متجددًا بالأمل في أنّ المقاومة النشطة في شكل احتجاجات واسعة النطاق يمكن أن تعجّل بتغيير جوهري بالإضافة إلى ذلك ، غرس التنظيم الجماعي للمشاركين الإحساس بالكرامة والكفاءة الذاتية في مواجهة التحديات السياسية الهائلة، كما وكشفت مسيرات العودة عورة المجتمع الدولي وضعفه اتجاه الظلم المتجذر من المحتل الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
يحيي الفلسطينيون هذا اليوم ليس فقط تخليداً لذكرى الشهداء بل احتفالاً بروح الثورة التي لم تنطفئ ولم تنكفىء عن مواجهة المحتل، ما يؤكده الشعب الفليسطيني اليوم في ذكرى يوم الأرض أن النكبة لن تستمر وأن روح المقاومة حملتها أجيال وستحملها الأجيال القادمة ما دامت المأسآة قائمة ،تتجسد هذه الروح لتذكر العالم بمظلومية الشعب الفلسطيني، وبحقه في أرضه التي هُجّر منها، وتُعيد الاعتبار إلى جوهر الصراع وأصله بين شعب لاجئ واحتلال مغتصِب.
يعلم الاحتلال الاسرائيلي بأن سياسة العقاب الجماعي الذي ينتهجها لن تثمر شيئاً، ولن تردع الفلسطينين عن المطالبة بحقوقهم والدفاع عن أرضهم، يقابل الفلسطينين اليوم هذا القمع وهذه العنجهية الاستعمارية بمزيد من الصمود والعنفوان، لا ينحنون ولا ينكسرون، يؤمن الفلسطينيون اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن الثورة هي الحل. من خلال الثورة ، يعلن الفلسطينيون إرادتهم ويسلكون طريقهم الوحيد المتاح، وعلى سبيل الثورة وضعوا حداً للاستسلام، وبالثورة يعيد الشعب ذاته وأرضه، فالأرض والذات وحدة واحدة عنوانها الهوية الفلسطينية، يدرك الفلسطينيون اليوم أنّه لا مكسب من السلام وأنّ طريق الثورة لا بد أن يثمر ولو بعد حين.