استمرار الضغط الدولي على القيادة الفلسطينية لتحديد موعد جديد للانتخابات
لا يزال الضغط الدولي على قيادة السلطة الفلسطينية يتواصل من أجل الدفع باتجاه إصدار الرئيس محمود عباس مراسيم تحدد مواعيد جديدة للانتخابات التشريعية والرئاسية، بعد قرار التأجيل الذي صدر نهاية الأسبوع الماضي.
لكن رغم الضغوط التي تمارس أكد مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية، لآخرين من أوروبا والأمم المتحدة، أن قرار القيادة الفلسطينية بتأجيل الانتخابات كان واضحا، وأنه لن يصار هذه المرة، كما المرة السابقة لإصدار مراسيم جديدة بمواعيد للانتخابات، ما لم تقم حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالإعلان بشكل واضح، عدم وضع أي عراقيل لإجراء الانتخابات الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة، ترشحا وانتخابا وممارسة للدعاية أيضا.
وأعاد المسؤولون الفلسطينيون التذكير خلال اتصالات مع مسؤولين أوروبيين، بما حدث قبل أشهر، حين طلب من السلطة إصدار المراسيم أولا، ثم بدء الاتحاد بالضغط على الاحتلال، وهو ما لم يفلح فيه الاتحاد، وهنا يتشدد المسؤولون الفلسطينيون المكلفون بالاتصال، بأن أي ضغط باتجاه إجراء الانتخابات دون القدس، سيفهم على أنه تساوق مع مخططات “تل أبيب” الرامية لنزع المدينة من الأراضي الفلسطينية.
ومن المقرر أن يشرع دبلوماسيون أوروبيون، خلال الأيام القادمة، بعقد لقاءات مع مسؤولين كبار في حركة فتح، وآخرين في مراكز صنع القرار الفلسطيني، لبحث موضوع الانتخابات.
لكن حسب المعلومات المتوفرة، لم يصل الضغط لحد التلويح بوقف المساعدات المالية، إذ يؤكد مسؤولون فلسطينيون أن الدعم الأوروبي بالأصل موجه لقطاعات خدماتية مثل التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية للعوائل الفقيرة.
وعمليا، بدأت التحركات الدبلوماسية الفلسطينية، في القارة الأوروبية، لتخفيف الضغط على القيادة، من خلال رسائل ولقاءات شرع بها مسؤولو السلك الدبلوماسي في عواصم الاتحاد الأوروبي، بناء على تعميم من وزير الخارجية، واشتملت قيام السفراء بإرسال رسائل متطابقة إلى وزارات الخارجية، والبرلمان، والأحزاب ومنظمات غير حكومية، ومؤسسات إعلامية، تبين أن تأجيل الانتخابات كان بسبب رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة.
وكان وزير الخارجية رياض المالكي، طالب سفراء دولة فلسطين بمختلف دول العالم، بسرعة التحرك لتوضيح الموقف والقرار الفلسطيني الخاص بتأجيل الانتخابات الفلسطينية.
وجاء ذلك في تعميم وزعته وزارة الخارجية على سفرائها، دعتهم خلاله لشرح الموقف لوزارات الخارجية، والبرلمانات، والأحزاب، ومراكز صنع القرار والرأي العام في البلدان المتواجدين فيها، لضمان إجراء الانتخابات في القدس.
يشار إلى أن الرئيس مجمود عباس قال في اليوم الذي أعلن فيه تأجيل الانتخابات، إن جهات دولية وأوروبية، طلبت في المرة السابقة، أن يتم إصدار المراسيم، من أجل التحرك صوب دفع “إسرائيل” للقبول بإجراء الانتخابات في القدس، غير أن تلك الاتصالات التي قادها مسؤولون من أوروبا فشلت في الحصول على موافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وبين أن القيادة حاولت بكل السبل إجراء الانتخابات في القدس من خلال دول كثيرة، على رأسها الصين، وروسيا والرباعية الدولية، والاتحاد الأوروبي، وتم التأكيد على أن الانتخابات ستجرى مباشرة حال حصلت هذه الأطراف على الحق الفلسطيني بإجرائها في القدس، مشيرا إلى أن الموقف الاحتلال كان سلبيا قبل اللحظة التي دخل فيها عباس لاجتماع الخميس الماضي، وبالتالي تم التأكيد على أنه إن تنازلنا قيد أنملة عن القدس فستضيع إلى الأبد.
يشار إلى أن رئيس الوزراء محمد اشتية، الذي استقبل ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين سفن كون بورغسدورف، قال إنه تم تأجيل الانتخابات وليس إلغاؤها، وطالب أوروبا باستمرار مساعيها بالضغط على إسرائيل للسماح بعقد الانتخابات في القدس، وضمان مشاركة سكانها انتخابا وترشحا.
ومنذ صدور قرار تأجيل الانتخابات، طالبت عدة دول أوروبية وازنة، وكذلك مسؤولون في الاتحاد الأوروبي، من السلطة الفلسطينية أن تعلن من جديد عن مواعيد للانتخابات، وتخلل الاتصالات ممارسة بعض الضغوط، لكن الرد الفلسطيني كان برد الكرة إلى الملعب الأوروبي، للضغط على “إسرائيل”.
وقد دعت قبل أيام كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، السلطة الفلسطينيّة لتحديد موعدٍ جديد للانتخابات، في أقرب وقتٍ ممكن، كما دعت سلطات الاحتلال لتسهيل إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينيّة بما فيها مدينة القدس، وذلك بعد أن قال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزیف بوریل، إنّ “قرار تأجيل الانتخابات التشريعيّة الفلسطينيّة التي كانت مقررة في 22 مایو المقبل مُخیّب للآمال للغاية”، كما جدد بوريل دعوة سلطات الاحتلال لـ “تسهيل إجراء مثل هذه الانتخابات في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس”.
وبدبلوماسية، رحبت الرئاسة الفلسطينية، بمواقف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء والدول الأخرى الداعمة لإجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية وبما فيها القدس الشرقية المحتلة، وطالبت في بيان أصدرته الاحتلال الإسرائيلي بتسهيل إجرائها في القدس.
وجددت الرئاسة مطالبة المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وأطراف الرباعية الدولية بمواصلة الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي للالتزام بالاتفاقات الموقعة بشأن تنظيم الانتخابات في القدس، وأكدت أنها ستواصل العمل مع جميع أطراف المجتمع الدولي من أجل تحقيق هذا الهدف، وشددت على الموقف الفلسطيني الذي عبر عنه الرئيس محمود عباس في اجتماع القيادة الأخير، أنه في لحظة الحصول على موافقة تنظيم الانتخابات في القدس، سيتم إصدار مرسوم والذهاب للانتخابات فورا.
وكان عزام الأحمد عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، قال إن الاتحاد الأوروبي لم يبذل الجهد الكافي، باتجاه الضغط على “إسرائيل” لإنجاح الانتخابات، وتابع: “جولة وزير الخارجية رياض المالكي، الأسبوع الماضي، قال له خلالها مفوض الشؤون الأوروبية “أنا محبط بسبب الموقف الإسرائيلي”.
وقال إنه في اللحظة التي ينجح فيها المجتمع الدولي بضمان عدم وضع عراقيل أمام الانتخابات في القدس، سنعلن في اليوم التالي موعداً جديداً للانتخابات.