“الغارديان”: مليون طفل في غزة ضحايا للإرهاب الإسرائيلي النفسي
سلطت صحيفة “الغارديان” البريطانية الضوء على مأساة نحو مليون طفل في غزة الذين باتوا ضحايا للإرهاب الإسرائيلي النفسي في خضم حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ 14 شهرا.
وقالت الصحيفة إنه في غزة، حيث يسود اليأس في كل مكان، يظل الأمل العملة الحيوية التي يقدمها الدكتور ياسر أبو جامع، الطبيب النفسي المسؤول عن إدارة أكبر مؤسسة خيرية للصحة النفسية في غزة، للأطفال وأسرهم.
ونقلت الصحيفة عن أبو جامع، الذي أدار برنامج الصحة النفسية المجتمعية في غزة على مدار الـ12 عامًا الماضية، قوله: “بدون الأمل، لا يمكننا أن ننقل أي شيء إلى تلك الأسر، إلى هؤلاء الأطفال. بدون الأمل، لم نكن لنكون هنا”.
وأضاف: “لا يمكننا التخلي عن مليون طفل يعيشون في غزة، الذين يعانون كل يوم من الصعوبات التي يواجهونها. نحن بحاجة إلى إيجاد الأمل في حياتهم”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى قبل الحرب الحالية، كان أربعة من كل خمسة أطفال في غزة يعانون من الاكتئاب والخوف والحزن.
تكثيف الصدمات النفسية
أدى أكثر من عام من القصف المكثف والنزوح والحصار الإسرائيلي والمصري المستمر منذ 17 عامًا إلى تكثيف الصدمات النفسية بحيث يُقال الآن إن ما يقرب من 1.2 مليون طفل في الأراضي الفلسطينية بحاجة إلى دعم الصحة العقلية.
وفي هذا العام، وبدعم من مؤسسة “وور تشايلد” الخيرية، عالجت المنظمة 3000 شخص في مراكزها المجتمعية الأربعة في غزة. كما قدم أعضاء الفريق البالغ عددهم 90 عضوًا الدعم النفسي لمرة واحدة لما لا يقل عن 30 ألف شخص يعيشون في الخيام والملاجئ والمدارس والمباني التي تعرضت للقصف.
لكن، كما يقول الطبيب النفسي، “إنهم لا يمثلون إلا الجزء السطحي من الحاجة”.
وأضاف: “يعاني سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، والذين نزح 90% منهم الآن إلى ملاجئ مكتظة، من آثار نفسية شديدة. ولكن في غياب الغذاء الكافي أو المياه النظيفة، فإنهم يعيشون في وضع البقاء على قيد الحياة”.
ويتولى الأطفال دور الكبار، فيقفون في طوابير للحصول على المؤن أو يبحثون عن عبوات الحليب والعصير الفارغة التي يمكنهم حرقها للتدفئة. ولا يوجد وقت للحزن على الأقارب أو حتى الوالدين. ووفقًا لليونيسيف، فإن نحو 17 ألف طفل في غزة منفصلون عن ذويهم أو غير مصحوبين بذويهم.
ومن عجيب المفارقات، كما يقول أبو جامع، أن الناس غالبًا ما يلجأون إلى الحصول على الدعم النفسي بعد انتهاء أسوأ القصف. ثم يأتي الوقت للتفكير والحزن.
وأوضح: “أثناء الحرب، يكون الناس في وضع البقاء على قيد الحياة. وعندما يحدث وقف لإطلاق النار، يتحول انتباههم إلى احتياجات أخرى، مثل التعليم، وتبدأ أعراضهم النفسية في الظهور. وعادةً ما نتلقى تدفقًا من الناس الذين يسعون للحصول على الدعم بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع من وقف إطلاق النار”.
يقدم برنامج الصحة النفسية المجتمعية، الذي تدعمه منظمة “وور تشايلد”، إحدى المنظمات الخيرية الثلاث التي أعلنت عن نداءها هذا العام، المشورة والدعم و”مجموعات الإسعافات الأولية النفسية” للأسر.
ويمكن لأشياء بسيطة مثل مواد الرسم للأطفال أن تسمح لهم بأخذ قسط من الراحة لإجراء محادثة في مخيمات مكتظة من الخيام المصنوعة من القماش الرقيق والبلاستيك حيث لا يتمتع المدنيون النازحون من هذه الحرب بأي خصوصية.
وقال أبو جامع: “لقد أذهلنا رد فعل الآباء الإيجابي تجاه هذه الأدوات، فهم سعداء للغاية برؤية أطفالهم يرسمون، وهذا يحدث تغييرًا في الأسرة”.
وأضاف: “لقد تعلمنا من خلال سنوات عديدة من العمل مع الأسر التي عانت من صدمات نفسية نتيجة سنوات من الصراع في فلسطين، أن الأطفال غالبًا ما يستجيبون للألعاب كحافز لشرح مشاعرهم بشكل أفضل”.
وأوضح: “من خلال الرسم، يمكنهم التحدث. ثم يمكنك التحدث إلى الآباء، لتقديم المشورة لهم حول ما يمكنهم فعله لتهدئة أطفالهم وأنفسهم وتقليل ما يتعاملون معه بطريقة ما. وهذا يحدث فرقًا كبيرًا حقًا”.