الغرب والاحتلال الإسرائيلي من أكبر الخاسرين بفوز الرئيس أردوغان
رئيس تحرير “فيميد” إبراهيم المدهون لـ “الميدان“
إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسًا لجمهورية تركيا في ولايته الثالثة يمثل أهم تحد سياسي وانتخابي في المنطقة خلال العقد الماضي، حيث كانت تركيا تواجه تحولات جوهرية. الطريق الأول يتبع الغرب وأوروبا، والثاني يسعى نحو الاستقلال والتقدم والتطور، مما يعزز من مكانة تركيا كقوة إقليمية قادرة على اللعب على الصعيد الدولي، وأن تكون عنصرًا رئيسيًا في المعادلة الدولية المقبلة.
لذا، كان من الواضح أن أوروبا والغرب بذلوا جهدًا كبيرًا لعرقلة الرئيس التركي أردوغان وتحقيق الخسارة له في هذه الانتخابات. فاستهدفوا الاقتصاد التركي وشنوا هجومًا إعلاميًا وسياسيًا ضاريًا عليه، ولكن فوزه اليوم يفرض معادلة جديدة سيضطر الغرب للتعامل على أساسها.
وعلى الصعيد الإقليمي، أصبحت تركيا اللاعب الأبرز في ملفات مختلفة، وأصبحت شخصية أردوغان الأكثر تأثيرًا على الساحة الإقليمية، وأحد الشخصيات الأكثر تأثيراً على مستوى العالم.
أعتقد أن الخمس سنوات المقبلة، والتي تمثل الفترة الثالثة لرئاسة أردوغان، ستكون الأهم في تاريخه كرئيس لتركيا. لذلك، كان هناك اهتمام شديد من قبل الشعوب والأنظمة على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم.
أظن أننا الآن أمام فترة جديدة يمكن استثمارها من خلال تعزيز الاستقلال والتطور التركي، وتعزيز الدعم للمظلومين في المنطقة. من هذا المنطلق، يعد المشروع الغربي أكثر الأطراف المتضررة من فوز أردوغان، حيث يخشى الغرب أن تتجه تركيا نحو التحالف مع الصين وروسيا، أو على الأقل نحو الاستقلالية، والغرب يسعى بشكل حثيث للحد من تأثير تركيا بقيادة أردوغان.
الاحتلال الإسرائيلي أيضاً من أكثر من المتضررين من فوز أردوغان، حيث كان يعتمد على إضعاف تركيا. خصوصا في ظل الصراع المتزايد في الشرق الأوسط، ويرى نتنياهو والحكومة الإسرائيلية في أردوغان خصماً ذكياً، ماهراً في استغلال التغييرات الجيوسياسية لصالح تركيا. لذا يحاول دائما التضييق عليه واستغلال اللوبي الصهيوني لتشويه صورته في الولايات المتحدة.
وأردوغان أكثر ذكاءً من أن يتورط في التحالف مع أي جهة سواء كانت دولية أو إقليمية تضعه في موضع الإدانة أو الضعف، ولكنه بلا شك سيركز على تعزيز الشأن الداخلي وتقوية تركيا، خصوصا على المستويات العسكرية، والاقتصادية، والسياسية. وسيعمل على تهيئة جيل جديد من الوزراء والكفاءات، وتأهيل القادة القادمين لتركيا في المرحلة المقبلة بعد أن يثبت سياساته وقيمه ومنهجه في العمل. مما يجعل لتركيا حضوراً أكبر على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وفي المرحلة القادمة، ربما يعبّر أردوغان عن وجهات نظر أكثر وضوحا ودعما للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني. فعلى مدار مسيرته عبّر أردوغان دوماً عن وقوفه مع الشعب الفلسطيني وقضيته، واليوم تركيا من أهم الدول وأكبر الداعمين لشعبنا الفلسطيني. لكننا بحاجة الآن، كفلسطينيين، لتنظيم أوراقنا والذهاب إلى تركيا القوية لتطوير العلاقة من جهة، وتعزيز حضور القضية الفلسطينية في السياسة التركية والاعتماد على تركيا في العديد من البرامج والمشاريع.
ويجب أن يكون لتركيا في هذه المرحلة دور كبير خصوصا في الدفاع عن المسجد الأقصى ومنع الهجمات الصهيونية المستهدفة لتغيير واقع الأقصى وهدم المسجد، كما يجب أن تضطلع بدور أكبر في رفع الحصار عن قطاع غزة وتعزيز صمود شعبنا في القطاع وهو المسار الذي بدأته منذ إرسالها سفينة “مافي مرمرة” لكسر الحصار وقدمت تضحيات وشهداء في سبيل فك الحصار عن قطاع غزة، ولهذا أرى أننا اليوم أمام فرصة حقيقة لإنهاء هذا الملف.